سيد قطب : لا أبيع نفسي بالدنيا كلها

أحمد عبد الغفور عطار

clip_image001_3dd11.jpg

روى الصحفي السعودي

أحمد عبد الغفور عطار

حادثة رآها من سيد قطب بعينه وعاشها بكيانه ،

وهي أغرب من الخيال .

والأستاذ أحمد هو مؤسس صحيفة عكاظ السعودية

عام 1379 هـ ورئيس تحريرها

قال : اتصل بي سيد قطب تليفونيا ذات يوم

وطلب مني أن آتي إلى منزله سريعا

وطلب مني باستحياء أن أحضر معي بضعة عشر جنيها قرضا ، ليشتري بها دواء ،

وهو مريض ولا يملك ثمن الدواء !! .

فذهبت إلى المنزل سريعا ومعي المبلغ المطلوب ..

ولما دخلت غرفة الإستقبال ، رأيت مشهدا عجيبا ،

أقسم لقد دهشت مما رأيت !

كان يجلس في الغرفة، موظف دبلوماسي في سفارة دولة عربية بترولية ، وأمامه حقيبة مليئة بالأوراق المالية من مختلف الأرقام والفئات ، تبلغ في مجموعها عدة آلاف من الجنيهات تقريبا !! .

وهو يرجو سيد قطب بإلحاح ورجاء وحرارة أن يأخذ الحقيبة ، بما فيها من أموال ، فهي هدية من دولته له ، لأنها تعرف منزلته ومسؤولياته ، وتريد منه أن يستعين بها على أعباء حياته ، وتمويل مشروعاته الأدبية والفكرية ، وكان سيد وقتها بصدد إصدار مجلة أدبية وفكرية إصلاحية – لعلها العالم العربي أو الفكر الجديد .

فنظرت إلى سيد قطب الذي كان جالسا مريضا ، فإذا به حزين ..

ثم رد هدية الرجل بحزم وأدب ، وبدا عليه الغضب والحدة ، وهو يخاطبه قائلا : 

إنني لا أبيع نفسي وفكري بأموال الدنيا ، فأعد أموالك إلى حقيبتك مشكورا !! .

ثم التفت سيد إلي وقال لي : هل أحضرت ما طلبته منك ؟

فقلت له : نعم ، وناولته المبلغ ، وأنا في غاية الدهشة والإستغراب والإنفعال !!!

ولما عرف الدبلوماسي قصة هذا المبلغ ، وان سيد يومها فقير لا يملك ثمن الدواء ، ومع ذلك استعلى على آلاف الجنيهات ورفضها وردها

مع حاجته الماسة إلى بعضها ... خرج محتارا متعجبا !! .

يقول الاستاذ أحمد : هذه الحادثة أثبتها وأسوقها بدون تعليق ..

وأقدمها هدية لمن يتناولون حياة سيد قطب

وفكره وآراءه الحركية ومواقفه الجهادية ،

بالتخطئة والنقد والاتهام والتجهيل ...

وهم يعيشون في ترف ظاهر ، ويلهثون وراء المال ، ويرتبطون الارتباطات المشبوهة ، ويتصلون الإتصالات المريبة ، ويمدون أيديهم لهنا وهناك !!

وأقول لهم : قليلا يا هؤلاء !

ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه فوقف عندها !!

واين أنتم من هذا الرجل الزاهد المتجرد الشهيد بإذن الله ؟!!!.

بقلم : محمد الفاتح .

المرجع : كتاب

[سيد قطب من الميلاد إلى الإستشهاد]

وسوم: العدد 685