الشيخ العلامة محمد أبو الخير زين العابدين

(1334ـ1392 هـ ـ1916ـ1973م)

هو الشيخ الصالح العالم العامل،المتكلم النظار، المفسر الخطيب المؤثر الجاهر بالحق، محمد أبو الخير بن الشيخ محمد زين العابدين الشافعي، الكردي الأنطاكي، ثم الحلبي.

✦✿✦ مولده وأسرته:

ولد في انطاكية ( 1916 م ) ونشأ بها، في أسرة علمية صالحة، فوالده هو العالم الجليل الشيخ محمد زين العابدين، وجده الشيخ عيسى البالساني ) وبالسان منطقة كردية تقع في شمال العراق )، وأخوه العلامة اللغوي الشيخ الصناع عبد الرحمن زين العابدين، وأخوه الآخر الأستاذ نجم الدين الذي كان مدرسا للتربية الإسلامية، ويجيد أكثر من لغة...

✦✿✦ دراسته:

حفظ القرآن الكريم، وعمره تسع سنوات، ثم تلقى العلم عن والده،ونهل من علومه العربية والإسلامية، واستفاد أيضا من بعض العلماء في أنطاكية.. وأجازه كثير من العلماء. وبرع في علم التفسير والعقيدة الإسلامية، وعلوم الآلة ( النحو والصرف والبلاغة والمنطق (.وكان يتكلم اللغة التركية، إلى جانب العربية.

✦✿✦ تلاميذه:

ومن تلاميذه الأوفياء :الشيخ حسن حموش الحلبي صاحب مكتبة الفخر الرازي سابقاً،والمقيم بالمدينة المنورة، والشيخ محمود بن جميل الصابوني، المدرس في جامعة ابن سعود في القصيم سابقاً، والأستاذ المهندس سهيل دويدري. و كثير غيرهم.

✦✿✦عمله، وآثاره:

هاجر مع أسرته إلى حلب، في حدود سنة ( 1357 هـ / الموافق 1938 م )،و استقر بها، وعمل مدرسا لمادة العقيدة الإسلامية والتفسير، في المدرسةالشعبانية، والمدرسة الخسرويَّة، بحلب. وكان يخطب في جامع الشعبانية، وتستغرق خطبته ساعة كاملة، ينقل فيها المستمعين إلى عالم من الروحانية والصفاء، وكان المسجد يغص بالمصلين، الذين يتوافدون إليه من كل مكان، لسماع كلامه المؤثر، وخطبته الإيمانية، بلهفة وشوق، ودونما أي ملل أو سآمة من طولها.

ثم نقل الشيخ الجليل إلى جامع السبيل، بحلب، فاتجهت جموع المصلين إليه من جديد، فخصص درسا في التفسير، قبل صلاة الجمعة، لمدة نصف ساعة، وكان يجلس مع المصلين وطلبة العلم،بعد صلاة الجمعة، لمدة نصف ساعة أيضا. له محاضرات في العقيدة الإسلامية، كانت مقررة على طلاب الثانوية الشرعية، ومحاضرات في علوم القرآن، وكلاهما مطبوع.

✦✿✦أثره الطيب في النفوس:

وكان يهتم بمشكلات الأمة الإسلامية وقضاياها المصيرية، أيما اهتمام،عملا بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم:" من لم يهتم بأمر المسلمين، فليس منهم "..وكان يتعرض لذلك دائما، في ثنايا دروسه.. فاهتدى على يديه كثير من الشباب الحيارى،من طلاب الجامعة وغيرهم. وكانت تربطه ببعض الوجهاء بحلب صلة محبة وثيقة، ومنهم أسرة آل مكي، ولاسيما الحاج خالد مكي دفين البقيع رحمه الله تعالى، وأبناؤه: عمر، وأدهم، وأصحمة، وكان الحاج أدهم في صحبته في حجته الأولى، وزار معه الكثير من العلماء، ومنهم: إبراهيم الختني،ومحمد الأمين الشنقيطي.

وكان كثير من التجار والأغنياء يعرضون عليه المال، لينفقه في الدعوة والجهاد، ولكنه لم يكن يقبل ذلك، بسبب نزاهته و عفة نفسه، فقد كان مهاباً ومحبوباً لدى الناس.. ينظرون إليه نظرة حب احترام، وتقدير وإجلال لجهوده الطيبة وأعماله المثمرة في سبيل الدعوة الإسلامية. وبسبب ذلك، عزل عن الخطابة والتدريس.

وفي عام ( 1950 م )، جرت انتخابات برلمانية لوضع دستور دائم لسورية، فكان له دور بارز في توحيد كلمة العلماء، للمطالبة بان يكون دستور الدولة مستمدا من الشريعة الإسلامية الغراء، وبيَّن لهم أن هذه هي فرصتهم الأخيرة، ولن يتمكنوا بعدها من فعل أي شيء، واجتمعت كلمة علماء حلب ودمشق وحمص وحماة، وراجعوا المسؤولين في ذلك.

✦✿✦ فراسته:

كانت له فراسة عجيبة وصائبة، فقد كان ينظر بنور الله تعالى،بسبب ورعه وتقواه وإخلاصه لله تعالى، فقد كان يرى الشخص، فيقول لمن حوله: هذا الشاب طاقة يستطيع أن يقود جيشا، ويقول في غيره: هذا يستطيع أن يربي جيلا،وهكذا

✦✿✦ زهده ومعيشته:

كان زاهدا في متاع الدنيا، راغبا فيما عند الله تعالى، فقد كانت تعرض عليه الأموال فيرفضها، لعهد بينه وبين الله تعالى، ولا يقبل صدقة من أحد، وكان يعيش عيشة الكفاف،وربما سار من بيته إلى مقرِّ عمله، راجلا، لأنه لا يملك أجرة الحافلة.

وكان يتشوق لأداء فريضة الحج، وزيارة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم،ولكنه غير مستطيع، إلى أن حصلت مفاجأة..، فحج بيت الله الحرام، وزار مسجد رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه، ثم عاد إلى حلب، وعاش صفاءً روحياً نادراً، ثم ازدادت عليه الأمراض، وهو صابرٌ محتسب، ويمشي على الأرض، ولكن تفكيره في عالم آخر، وكان كثيرا ما يبكي على حال المسلمين، وما حلَّ بهم من نكبات وجراح،ويرجو الله تعالى، أن يلطف بأمة محمد صلى الله عليه وسلم..

✦✿✦ صفاته وأخلاقه:

كان الشيخ رحمه الله تعالى، يتمتَّع بصفات جميلة، وأخلاق عالية رفيعة،فقد كان زاهدا، ورعا، تقيا، متواضعا، عفيف النفس، ذا هيبة ووقار، له أسلوب مؤثر في النفوس مما جعل الناس تحبه وتحترمه، وهذا من علامة حب الله تعالى للعبد، فإن الله سبحانه، إذا أحب عبدا من عباده، حببه إلى خلقه.

وكان الشيخ، أبيض البشرة، مشربا بحمرة، معتدل القامة، ذا لحية خفيفة، يلبس طربوشا أحمر، له شريط أصفر ( زبتَاي )، وكان قبل ذلك، يلبس طربوشا أحمر، وعليه شاش أبيض.

✦✿✦ وفاته:

ألمَّ به المرض نتيجة تأثره الشديد لأحوال المسلمين، وقد زاره أحد الشيوخ فأخبره بما حلَّ بالمسلمين من محن ونكبات كان يجهلها فاشتد به المرض،ولم تطل به الأيام كثيراً، حتى توفاه الله تعالى، راضيا مرضيا..

وكان ذلك في الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، سنة ( 1392 هـ/ الموافق1973 م)عن سبع وخمسين سنة، وصلي عليه في الجامع الكبير بعد صلاة الظهر، ونقل محمولاً على الأعناق من الجامع الكبير إلى مقبرة الصالحين، وشيعه علماء مدينة حلب وأعيانها، مأسوفاً ومحزوناً على فراقه، فقد كان ملء السمع والبصر، ودفن في مقبرة الصالحين، ورثاه الشيخ محمد الشامي، ودعا له الشيخ المرشد محمد النبهان،ثم رثاه شاعر طيبة، الأستاذ محمد ضياء الدين الصابوني، بقصيدة شعرية. رحمه الله تعالى.

✦✿✦✦✿✦✦{{ رحمه الله }}✦✦✿✦✦✿✦

مصادر الترجمة:

1 ــ معلومات عن الشيخ، مستفادة من أحد أبنائه الكرام، في حلب، في اتصال هاتفي معه، بتاريخ 3 / 9 / 1998 م، يوم الخميس.

2ـ معلومات مضافة من الشيخ مجد مكي المشرف على هذا الموقع والذي حضر جنازة الشيخ، ولم يشرف بلقائه مع وثيق صلته بأسرته.

3ــ كتاب تتمة الأعلام، المجلد الثاني، للأستاذ محمد خير رمضان يوسف،بتصرف

✦✦✿✦✦✿✦✦✿✦✦

-المصدر : رابطة العلماء السوريين 

وسوم: العدد 702