قالوا فأنصفوا.. الإمام حسن البنا

الشيخ عبد العزيز رجب

clip_image001_c9231.jpg 

فى الذكرى الثامنة والستون لاستشهاد الإمام  حسن البنا- رحمه الله- الإمام والقائد، ومجدد الإسلام في القرن العشرين، ومؤسس جماعة  الإخوان المسلمين، جمعت لكم بعض ما قيل عنه - رحمه الله-. ممن عاصروه و أنصفوه.

كتب الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر- رحمه الله- :"إن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام وقد اتصل بالناس اتصالاً وثيقًا على اختلاف طبقاتهم، وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي، على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة".

وقال العلامة طنطاوي جوهري :"إن حسن البنا في نظري مزيج عجيب من التقوى والدهاء السياسي، إنه قلب علي وعقل معاوية، وأنه علا دعوة اليقظة عنصر الجندية ورد على الحركة الوطنية عنصر (الإسلامية) ... وبذلك يعد الجيل هذا الجيل الإسلامي الحاضر النسخة الثانية الكاملة المعالم بعد الجيل الأول في عهد الرسول.

الإمام عبد السلام ياسين - رحمه الله- مؤس جماعة العدل والإحسان بالمغرب:"الإمام حسن البنا.. مُجدّد جمع بين القرآن والسلطان، ويبقى الإمام البنا غُرَّةً في جبين الدعوة بما جمع الله فيه من خصال الخير.فإن نظرت إلى خشوعه وتبتله وروحانيته فهو قبَسٌ من المشكاة النبوية. وإن نظرت إلى علمه وسَعَةِ أفُقِهِ فهو إمام سنيٌّ ومعلم عبقريٌّ.وإن نظرت إلى شجاعته في الحق وهيبته في صدور من عاشروه فهو أسد من أُسْدِ الله.ناهيكَ عن فصاحته وحكمته وأدبه وصبره. رحمه الله رحمة واسعة.

وتحدث الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية في الأربعينيات عن حسن البنا، وأشاد به وبمكانته بين الدعاة، فقال: "الشيخ حسن البنا أنزله الله منازل الأبرار، من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامي الذي جاهد في الله حق الجهاد، واتخذ لدعوة الحق منهاجًا صالحًا وسبيلاً واضحًا استمده من القرآن والسنة النبوية ومن روح التشريع الإسلامي، وقام بتنفيذه بحكمةٍ وسدادٍ وصبرٍ وعزمٍ، حتى انتشرت الدعوة الإسلامية في آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام، واستظل برايتها خلق كثير".

وكتب عنه مفتي القدس محمد أمين الحسيني - رحمه الله- :" بينما كان الملاحدة ودعاة الإباحية ومروجو الفكرة الشعوبية (القومية العلمانية) يهاجمون الإسلام، وينشرون سمومهم وضلالاتهم في مختلف الأوساط في الأقطار المصرية والعربية، وبِخاصة بين طلبة الجامعات والمعاهد العليا، برز المرحوم (إن شاء الله) الشيخ حسن البنا في وسط الشعب المصري المؤمن كما تبرز الشمس من بين السحب الداكنة، داعيا أمته وبلاده والمسلمين جميعا إلى العمل بالقرآن الكريم، وتطبيق أحكامه السامية، وآدابه الرفيعة، والاستمساك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شأن".

المحدّث ناصر الألباني- رحمه الله - :لو لم يكن للشيخ حسن البنا _ رحمه الله _ من الفضل على الشباب المسلم سوى انه أخرجهم من دور الملاهي في " السينمات " ونحوذلك والمقاهي ، وكتّلهم على دعوة واحدة ، ألا وهي دعوة الإسلام ..لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلا ً وشرفا ً .. هذا نقوله معتقدين ، لا مرائين ، ولا مداهنين .

الأمير عبد الكريم الخطابي - رحمه الله - :ويح مصر وإخوتي أهل مصر مما يستقبلون جرّاء ما اقترفوا ، فقد سفكوا دم وليّ من أولياء الله !! ترى أين يكون الأولياء إن لم يكن منهم ، بل في غرتهم حسن البنا الذي لم يكن في المسلمين مثله".

وقال عنه محب الدين الخطيب :" إن الأستاذ حسن البنا أمة وحده ،وقوة كنت أنشدها في نفس مؤمن فلم أجدها إلا يوم عرفته ...وكنت (ابن صنعة)يوم اكتشفت بيني وبين نفسي حاجة الاسلام إلى هذا الداعية القوي ، الصابر المثابر،الذي يعطي الدعوة من ذات نفسه ماهي في حاجة إليه من قوة ومرونة ولين وجلد وصبر وثبات إلى النهاية...وكثيرًا ما كنت أفكر في هذا الجيش اللجب من الإخوان المسلمين ومالهم من مئات الشُّعَب وكيف استطاع رجل واحد أن يحقق ذلك بعد أن كان أملاً بعيدًا لكل غيور على الإسلام)".

الشيخ محمد الغزالي رحمه الله- : "كان حسن البنا _حيث حلّ _ يترك وراءه أثرا ً طيبا ً، وا لقيه امرؤ في نفسه استعداد لقبول الخير إلا وأفاد منه ، ما يزيده صلة ً بربّه ، وفِقها ً في دينه ، وشعورا ً يتبعه نحو الإسلام والمسلمين ، ولارجل الذي يشتغل بتعليم الناس لا يستطيع في أحيانه كلّها أن يرسل النفع فيضا ً غدقا ً، فله ساعات يخمد فيها وساعات يتألق وينير .إن الإشعاع الدائم طبيعة الكواكب وحدها ، وقد كان حسن البنا في أفقه الداني البعيد من هذا الطراز الهادي بطبيعته لأن جوهر نفسه لا يتوقّف عن الإشعاع .كانت لدى حسن النبا ثورة طائلة من علم النفس وفن التربية وقواعد الإجتماع ، وكان له بصرٌ نافذ بطبائع الجماهير ، وقيم الأفراد ، وميزان المواهب ، وهذه بعض الوسائل التي تعين على الدعوة وليس كلّها".

يقول المرشد عمر التلمسانى - رحمه الله- : "حسن البنا كلما باعدت الأيام بيننا وبين يوم استشهاده ازدادت شخصيته وضوحا وإشراقا وإثارة نورا وبهاء .. إنه كاللوحة الفنية البديعة .. كلما ابتعدت عنها محملقا في روعتها كلما وضح أمام ناظريك رواؤها ودقة الإبداع فيها. وحقا ما مضي عام إلا ازداد تاريخ حسن البنا وضوحا في ميادين الدعوة الإسلامية وظهر ما أجراه الله من خير على يديه للإسلام والمسلمين)".

ويقول الشهيد سيد قطب - رحمه الله - :" في بعض الأحيان تبدو المصادفة العابرة كأنها قدر مقدور ، وحكمة مدبرة في كتاب مسطور .. حسن " البنا " .. إنها مجرد مصادفة أن يكون هذا لقبه .. ولكن من يقول : إنها مصادفة ، والحقيقة الكبرى لهذا الرجل هي البناء وإحسان البناء ، بل عبقرية البناء ؟ لقد عرفت العقيدة الإسلامية كثيراً من الدعاة .. ولكن الدعاية غير البناء .. وما كان كل داعية يملك أن يكون بنّاء ، وما كل بناء يوهب هذه العبقرية الضخمة في البناء .هذا البناء الضخم .. الإخوان المسلمون".

ويقول الدكتور محمود جامع-رحمه الله-:"وكان حسن البنا لا بد أن يموت شهيدًا بمؤامرة خسيسة من أئمة الكفر والضلال عن عمر لم يتم اثنين وأربعين عامًا بظروف غاية في الغرابة، بدايةً من حل جماعة الإخوان المسلمين واعتقال أفرادهم جميعًا ما عدا مرشدهم حسن البنا، الذي طلبَ من السلطات أن تعتقلَه مع إخوانه وركِبَ بالفعل مع بعضهم سيارة الترحيلات ولكنهم أنزلوه وسحَبوا منه سلاحه المرخَّص ورفضوا سفرَه إلى بنها للإقامة عند صديقه الأستاذ البنداري، وكان عنده شعورٌ خفيٌّ بأنهم يدبرون لاغتياله، وكان شعورًا صادقًا فيه إلهام المؤمن وفراسته، واغتالوه وأطلقوا عليه الرصاص وتركوه ينزف بالساعات على سريره حتى لقي ربه".

وكتب الأستاذ محمد عبد الله السمان (المفكر والكاتب) فيقول: لبثتُ أكثر من عام متردِّدًا عن الكتابة عن حسن البنا العبقري الفذّ؛ وذلك قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى؛ لأني كنت أعتبر الكتابة عن الرجل في حياته ضربًا من ضروب التزلُّف، رغم أنه كان أعفَّ زعيم عن بوادر الثناء عليه والتزلُّف إليه؛ لأن حياته لم تكن حياة زعيم عاطل مليئةً بالثرثرة الجوفاء، وإنما كانت حياته ملكَ دعوةٍ ناهضةٍ حيةٍ، لم تدَع له لحظةً من عمره يذوق فيها طعم الخلود إلى السكينة والراحة، ولحق الشهيد الأعزل بربه، وعاودتني الرغبة إلى الكتابة عنه في كتابٍ يليق بقدره، واخترت عنوان الكتاب، ومضت سنة أخرى وثالثة، ولم أستطع خلالها أن أزيد على العنوان إلا مقدَّمة الكتاب، وأعددت الصفحات البيضاء في انتظار ملئها بما سجَّلته المذكرة والذاكرة من خواطر، وكلما حاولت أن أستجديَ قلمي حنينه استعصى استعصاءَ الحجارة، وأقسم ألا يجود بأكثر مما جاد به العنوان والمقدمة.. وكفى!.

يا له من قلم عَصيٍّ عنيدٍ، تتوارد الخواطر على فكري كالسيل المنهمر في هذه الشخصية الفذَّة التي تتسع لها أضخم الأسفار، فإذا ما طُلب منك أن تسجِّل استعصيتَ وعندت، واضطررتَني إلى أن أدع صفحات الكتاب البيضاء متراكمةً حتى صارت كالجسد المُسجَّى فوق المكتب؛ كلما دخلت ألقيت عليه نظرات الأسى والحسرة.

وما كنت أدري أن السر في عناء القلم واستعصائه هو الخجل من أن يكتب عن هذه الشخصية، وهو أعجز من أن يحيط بنواحي عبقريتها الفذة، وأهون من أن يلقيَ على عاتقه القيام بهذه المهمة الشاقة التي لا طاقةَ له بها، فأدركت أني كنت الأبله لا القلم، وأني كنت العنيد المستبدّ، لا قلمي الذي كان أبرأَ ما يكون من العناد والاستبداد!!.

كانت عبقرية الشهيد الأعزل “حسن البنا” لونًا فريدًا من العبقريات التي عرفها تاريخ البشر؛ فحسن البنا لم تُلقَ إليه مقاليد السلطان يومًا، ولم يكن مشعوِذًا دجَّالاً، تنجذب إليه أفئدة السوقة والعامة والرعاع، ومع هذا فقد كان ذا سلطان لا يدانيه سلطان في الشرق، وصاحبَ قوة أقلقت جنبات الاستعمار، وصدَّعت أعمدة الحكم الإقطاعي الجائر، وانجذبت إليه أفقهُ القلوب، وأنضرُ العقول، وأخصبُ الأسماع، وليس بعد هذا دليلٌ على أن الشهيد الأعزل “حسن البنا” كان يتمتع بعبقرية فذة لم يعرف تاريخ البشرية مثيلاً لها.

كان “حسن البنا” عبقريًّا في فهمه للإسلام، وعبقريًّا في تفهيمه الإسلام، وعبقريًّا في فهمه كتابَ الله، وعبقريًّا في تفهيمه كتاب الله، وعبقريًّا في خطابته، وعبقريًّا في قيادته، وعبقريًّا في سياسته، وعبقريًّا في حياته العامة، حتى موتته لم تُحرم جانبًا من جوانب عبقريته الفذة الخالدة!.

كتب المرحوم مصطفي أمين عن الإمام الشهيد قبل أن يراه:

“أشد ما أعجبني فيه إيمانه بفكرته، كان يؤمن بها بطريقة عجيبة، ويرى أن المستقبل لها، وقد انعكس ذلك على سلوكه، فكان له قدرة فائقة على إقناع الغير بذلك، كان خطيبًا مفوهًا قادرًا على التأثير في آلاف الناس، كما كان شديد التأثير على من يجلس معه أيًّا كان تفكيره، كان يقنع العامل ويحدثه بأسلوبه، وكذلك يفعل مع الطالب، والكبير والصغير، والغني والفقير، وساكن الريف والمدينة وكل طبقات الشعب.

أعجبني كذلك في حسن البنا أن إيمانه بفكرته لم يكن عاطفيًّا فقط، بل كان محسوبَ الخطوات مدروسًا.

"إيمانه بفكرته، كان يؤمن بها بطريقة عجيبة، ويرى أن المستقبل لها، وقد انعكس ذلك على سلوكه، فكان له قدرة فائقة على إقناع الغير بذلك. أعجبني كذلك في حسن البنا أن إيمانه بفكرته لم يكن عاطفيًّا فقط بل كان محسوب الخطوات مدروسًا، ولم يكن متعجلاً رغم حماسه الشديد لما يؤمن به".

ويقول الشاعر المصري الكبير الأستاذ كامل الشناوي:

“كان لفضيلة الفقيد “حسن البنا” هدف واحد، هذا الهدف هو خلق جيل كامل من الشباب المثقف القوي المؤمن، وقد كان.

وكانت للفقيد غاية واحدة، هذه الغاية هي أن يموت في سبيل الله، إنه مثل من أمثلة التضحية الخالدة، والخلق الكريم، والحكمة المنشودة”.

لقد كان حسن البنا هو الزعيم الوحيد الذي آمن بالفكرة التي جاهد من أجلها، ولقد كان حسن البنا هو القائد الوحيد الذي تلمحه في صفوف الجنود.

هذا هو حسن البنا، شخصية نادرة لا يجود الزمن بمثلها إلا كل مائة عام.

كتب الأستاذ مريت غالي:

عرفت المغفور له الأستاذ حسن البنا منذ سنوات عدة؛ فعرفت فيه الرجولة التامة، ورأيت فيه على الدوام رجلاً فذًّا من الناحيتَين الخلقية والإنسانية، وقد كان رحمه الله على ثقافة واسعة، يتمتَّع بشخصية جذَّابة، ويأخذ بأسباب القلوب، ولا شكَّ أن رجلاً هذه طباعه وتلك كفايته كان ذخرًا قيِّمًا لبلاده، فجاء مصرعه خسارةً كبيرةً، ويزيد الخسارة فداحةً أن وقع فريسة اغتيال مدبَّر، وقد تفشَّى بيننا داء الاغتيال السياسي البغيض منذ أوائل هذا القرن.

يقول محمد زكي عبد القادر- رئيس تحرير الأخبار-:

“لم يكن إيمان الشيخ حسن البنا بدعوته إيمانًا طارئًا، ولا هو إيمان العاطفة وحدها، ولكنه كان إيمانًا قائمًا على دراسة صحيحة عميقة للتشريع الإسلامي ولتاريخ الدول الإسلامية، وما كان لها من سلطان وعظمة ومُثل وأفكار ودعوات لخير الناس في حياتهم وبعد مماتهم.

نظر- رحمه الله- فيما أصاب الإسلام من تدهور، وأدرك أنَّ السبب فيه يرجع إلى ابتعاد المسلمين عن روحه، فجعل رسالته أن يدعوهم إلى ما ابتعدوا عنه وأن يؤكد في نفوسهم ما اهتزَّ من مثل وأخلاق، فكانت دعوته أشبهَ بالبعث، وأقرب ما تكون لنفوس الناس فأقبلوا عليها مؤمنين أنها وحدها سبيل الخلاص.

ولا شكَّ أنَّ وفاته- وهو لا يزال في سنِّ العقل الراجح والرجولة المكتملة- كانت خسارةً شديدةً، رحمه الله رحمةً واسعةً، وأجزل مثوبته على ما سلف من خير وجهاد وتضحية.

ألَّف الدكتور طه حسين كتاب “مستقبل الثقافة في مصر” وقد أحدث دويًّا، واختلفت الآراء بين مادح وقادح، وقد دُعِي الأستاذ المرشد حسن البنا ليُدلِي بدلوه حول الكتاب وحُدِّد الموعد، ووُزِّعت الدعوات، وقبل الموعد بخمسة أيام، قرأ الأستاذ الكتاب في التزام أثناء ذهابه وإيابه من المدرسة.

وذهب إلى دار الشبان المسلمين في الموعد المحدد، فإذا بها ممتلئةٌ برجالات العلم والأدب والتربية، ووقف الإمام على المنصة، واستفتح بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم بدأ ينتقد الكتاب بكلام من داخل الكتاب، فأخذ يأتي بفقرات ويشير إلى رقم الصفحات والحاضرون يتعجبون من هذه الذاكرة، وتلك العبقرية، وفي الختام أبلغ السكرتير العام للشبان المسلمين الأستاذَ المرشد بوجود الدكتور طه حسين في مكان خفي، وفي اليوم التالي طلب الدكتور طه مقابلة الأستاذ المرشد، فقابله، ودار حديث أكبر فيه الدكتور طه الأستاذَ المرشد، ثم قال الدكتور طه: “ليت أعدائي مثل حسن البنا، إذن لمددت لهم يدي من أول يوم، يا أستاذ حسن، لقد كنت أستمع إلى نقدك لي وأطرب. وهذا النوع من النقد لا يستطيعه غيرك”.

وقال عنه الدكتور عبد العظيم المطعني- الأستاذ بجامعة الأزهر- أن الإمام البنا شخصيةٌ لا غبار عليها، وكانت شخصيةً مقبولةً عند الجماهير، وكان واضحًا في دعوته إلى التمسك بالإسلام والدعوة إلى الله وبالحكمة والموعظة الحسنة، ولذلك لقيت دعوته استجابةً واسعةً من الناس، وخاصةً في مصر ثم إلى البلاد الأخرى، فهو شخصيةٌ نقيةٌ، ويعتبر من أبرز الدعاة المخلصين في القرن العشرين.

يقول الداعية الإسلامي الشيخ خيري ركوة - رحمه الله -:" إن الأستاذ البنا يتميز بأنه كان يعي دورَه في الحياة، ولذلك لم يضيِّعْ شيئًا من وقته، حتى وهو طالب في المراحل الأولى من التعليم كان يتوسم في نفسه أنه سيكون صاحب دعوة، وذلك رُوي أنه في فترة المرحلتين الابتدائية والإعدادية أو ما يعادلهما في ذلك الوقت كان يجمع التلاميذَ معه وينظرون إلى البيئةِ التي تحيط بهم، ويحاولون أن يعالجوا ما ليس طيبًا فيها وبطريقةٍ سهلةٍ وليست مثيرةً أو عنيفةً، ككتابة الرسائل إلى بعض الناس يذكِّرونهم بالخيرِ ويحذِّرونهم من الانحرافِ إلى الشر، وفى سبيل ذلك لم يضيِّعْ وقتَه وأفادَ منه تمامًا، إذ كان يحرص على الدرس وطلب العلم والتزود منه، وكان يحب اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم وبها يمكن أن يتعاملَ مع القرآن والحديث، فكان يقرأ الكثير من كتب الأدب المنثور والشعر، فحفظ كثيرًا من الخطب الوصايا والنصائح للبلغاء من العرب سواء في العصر الجاهلي أو عصر النبوة وكذلك خطب الخلفاء الراشدين ومن بعدهم العصر الأموي والعباسي، حتى إنه عندما أراد الالتحاق بكلية دار لعلوم كان هناك امتحان شفوي (مقابلة) وامتحن في القرآن فكان يحفظه، ثم قيل له ماذا تحفظ من الشعر فقال احفظ 18 ألف بيت من الشعر، مما جعل لسانه فصيحًا وعباراته حلوة إذا تكلَّم أسمع غيره وإذا سمع له الناس أنصتوا له وفهموا ما يقول"ز

وكتب الداعية الشيخ عبد الحميد كشك - رحمه الله- :"الإمام الشهيد حسن البنا هو الداعية الذي بعث الأمل في قلوب اليائسين، وقاد سفينة العالم الحائر في خضمِّ المحيط إلى طريق الله رب العالمين.هو الرجل الذي كان يقول لأتباعه: "كونوا مع الناس كالشجر؛ يرمونه بالحجر فيرميهم بالثمر"!. عرفتُه من كتاباته، وعرفتُه من مريديه ومحبِّيه، وعرفتُه من آثاره الطيبة وأعماله المجيدة، عرفتُه داعيةً يجمع ولا يفرِّق، يحمي ولا يبدِّد، يصون ولا يهدِّد، يشدُّ أزر الأصدقاء ويردُّ كيد الأعداء. عرفته رجلاً بعيد النظر، قويَّ الحجة، فاهمًا لأحداث عصره، مجدِّدًا رجلا يتلافى الخلاف ويعمل على توحيد الأمة عندما سئل الإمام الشهيد ذات يوم من أحد عشَّاق الفُرقة: لماذا تبني الجمعية الشرعية المساجد وأنتم لا تبنون؟! فقال: عليهم أن يبنوا المساجد، وعلينا أن نملأها".

وكتب الكاتب احسان عبد القدوس رحمه الله- : تحت عنوان (في ذكرى الإمام الشهيد) يقول :- لم أقابل فى حياتى الصحفية زعيمًا سياسيًّا متمكنًا من دعوته تمكُّن المغفور له الأستاذ حسن البنا، كنت أقابله دائمًا متحديًا، متعمدًا أن أحطم منطقه بمنطقى، وكنت أفترق عنه دائمًا مقتنعًا بإيمانه وبصدق دعوته وبقوة عزمه على الوصول إلى هدفه، وهو ما دعانى إلى أن أنشر أول تحقيق صحفى عن الإخوان المسلمين، وهو التحقيق الذى نقلته عنى وكالات الأنباء، وأصبح الإخوان من يومها حديث العالم. وكنت أعتقد أن قوة حسن البنا فى عقليته التنظيمية، فقد كان يجلس فى مكتبه بالمركز العام بالقاهرة، وفى ذهنه صورة صحيحة لما يجرى فى شعبة الإخوان فى أسوان، وكان يعرف الإخوان واحدًا واحدًا، ويكاد يعرفهم بالاسم رغم أن عددهم كان يزيد عن نصف المليون، وكان يعد لكل منهم دوره فى الجهاد، وكان يشغل كلا منهم طول يومه بخدمة الجماعة حتى لا يجد ما يلهيه عن مبادئها . ولكن عقلية حسن البنا التنظيمية وحدها لم تكن تكفى، لولا نشاطه الفذ، الذى كان يستعين به على الطواف بالقطر المصرى كله، كل أسبوع تقريبًا، ولولا سرعة خاطره فى الرد على كل ما يعترضه من حالات ولولا قدرته على تفسير القرآن بحيث تنطبق آياته على كل مشكلة من مشاكل الحديث، ولولا أنه كان صورة صادقة للزعيم يمثل شعب مصر، فى قناعته وفى زيه، وفى إيمانه، وفى لغته، وفى تواضعه، وفى إحساسه كان حسن البنا يمتاز بكل ذلك، وقد ذهب حسن البنا، عوَّضنا الله فيه خيرًا ".

وكتبت السيدة بهية نصار- رحمها الله - رئيسة مبرة الخدمة الإسلامية: " كان رحمه الله صاحبَ رسالة، وكان موفَّقًا كل التوفيق؛ حيث لمس حقيقة الداء وعالجه بأنجع دواء؛ رأى انهيار الأخلاق وانحراف الناس عن الطريق السوي بتركهم الدينَ وراء ظهورهم، فعمل جاهدًا على تغيير الوضع، وسلك بالإخوان وبشباب الأمة خاصةً السبيل العملي، ليخلق من كل فردٍ المسلمَ الحقَّ والمواطنَ القويَّ الصالحَ، وشقَّ طريقه قُدمًا، عُدَّته الإيمان والإخلاص والعمل، فلازمه النجاح، حتى إذا ما وافاه الأجل المحتَّم كان قد بلَّغ الآلاف المؤلَّفة، وقابل ربه بنفس راضية مطمئنة، أثابه الله بقدر نفعه للوطن الإسلامي وللمسلمين، وأسكنه فسيح جناته، ووفَّق الإخوان إلى ترسُّم خطاه، ونفع بهم وبأمثالهم الوطن المفدَّى وبنيه في ظل العهد الجديد عهد النظام والاتحاد والعمل".

كتب الأستاذ الدكتور محمد طه بدوي أستاذ القانون العام، يقول:

"لقد كان الإمام الشهيد شمسًا وغيثًا وأملاً للجامعة بل للجامعات المصرية، فأنشأ مدرسته المثالية، وعلّم ألوفًا من إخوانه الفلسفة والمبادئ الإسلامية، فغزوا بعلومهم وأفكارهم وثورتهم كليات الجامعة، وإذا بنا نشهد جيلاً آخر هو جيل المجاهدين في سبيل الفكرة الإسلامية والوطن الإسلامي، ولم يعد يجرؤ أستاذ أن يتهجم بفلسفته على تراث الإسلام الغالي، ولم يستطع جامعي أن يُلوح للبشرية بنظام خير من النظام الإسلامي الذي وجد من تلامذة الإمام الشهيد".

وكتب الأستاذ أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة :"وجدت فيه ما لم أجد في قبيله أو أهل جيله: من إيمان بالله راسخ رسوخ الحق لا يزعزعه غرور العلم ولا شرود الفكر، وفقه في الدين صاف صفاء المزن لا يكدره ضلال العقل ولا فساد النقل، وقوة في البيان مشرقة إشراق الوحي لا تحبسها عقدة اللسان ولا ظلمة الحس، إلى حديث يتصل بالقلوب، ومحاضرة تمتزج بالأرواح، وجاذبية تدعوك إلى أن تحب، وشخصية تحملك على أن تذعن ..

فقلت في نفسي بعد أن ودعني ومضى: (عجيب) هذا الشاب نشأ كما ينشأ كل طفل في ريف مصر، وتعلم كما تعلم كل طالب في دار العلوم، وعمل كما يعمل كل مدرس في وزارة المعارف، فعمن ورث هذا الإيمان، وممن إقتبس هذا البيان، ومن أين اكتسب هذا الخلق؟

إن الشذوذ عن قواعد البيئة الجاهلية، والنشوز على أنظمة المجتمع الفاسد، والسمو على أخلاق العصر الوضيع، من خصائص الرسول أو المصلح، فإن الله الذي يعلم حيث يجعل رسالته يريد أن يصنع النبي أو المصلح على عينه ليظهره في وقته المعلوم، فيجدد ما رث من حبله، ويوضح ما أشبه من سبيله، والفطرة التي فطر عليها حسن البنا والحقبة التي ظهر فيها حسن البنا تشهد بأنه المصلح الذي اصطنعه الله لهذا الفساد الذي صنعه الناس.

ولم يكن إصلاحه رضوان الله عليه من نوع ما جاء به (ابن تيمية وابن عبد الوهاب ومحمد عبده) فإن هؤلاء قصروا إصلاحهم على ما أفسدته البدع والأباطيل من جوهر العقيدة، أما هو فقد نهج في إصلاحه منهج الرسول نفسه: دعا إلى إصلاح الدين والدنيا، وتهذيب الفرد والمجتمع، وتنظيم السياسة والحكم. فكان أول مصلح ديني فهم الإسلام على حقيقته وأمضى الإصلاح على وجهه.

لم يفهم الإسلام الذي طهر الأرض وحرر الخلق وقرر الحق، على أنه عبادات تؤدى، وأذكار تقام، وأوراد تتلى، وإنما فهمه كما فهمه محمد صلى الله عليه وسلم، وعمر وخالد: نورا للبصر والبصيرة، ودستورا للقضاء والإدارة، وجهادا للنفس والعدو.

ولقد كان النهج الذي قبسه البنا من القرآن وعززه بالعلم، ونشره بالبيان، وأيده بالمعاملة، كان من الجد والصدق والعزيمة بحيث زلزل أقدام المستعمر وأقض مضاجع الداعية وخيب آمال المستغل، فتناصرت قوى الشر على الدعوة العظمى وهي تتجدد في مصر كما تناصرت قوى الشرك عليها وهي تولد في الحجاز، ولما كان حسن البنا فكرة لا صورة، ومبدأ لا شخصا، فإن الفكرة الصالحة تنمو نماء النبت، والمبدأ الحق يبقى بقاء الحق.

وكتبت السيدة زينب جبارة - رحمها الله- رئيسة جمعية السيدات المسلمات في عهد الإمام البنا، فقالت: "إن حسن البنا هو الرجل الذي فقدته مصرُ في مرحلةٍ من أدقِّ مراحل حياتها، كانت في مسيس الحاجة إلى دعوته التي قام بأعبائها، هذا الرجل العظيم الذي قلَّ أن تجود الأيام بمثله، أو أن نجد عوضًا عنه..

ويقول الدكتور -رحمه الله- مصطفي السباعي- المراقب العام الاسبق للجماعة في مصر ورئيس الكتائب المجاهدة في فلسطين 1948-: “ليس للعظمة مقياس خاص؛ فقد يكون العظيم عالمًا أو فاتحًا أو مخترعًا أو مربيًا روحيًّا أو زعيمًا سياسيًّا، ولكن أجدر العظماء بالخلود هم الذين يبنون الأمم، وينشئون الأجيال ويغيرون مجرى التاريخ.

وقال الشيخ محمد الحامد - رحمه الله-:" كان حسن البنا لله بكليته وروحه وجسده، بقلبه وقالبه، بتصرفاته وتقلبه. كان لله فكان الله له، واجتباه فجعله من سادات الشهداء الأبرار.

ونقل الشيخ سعيد حوى رحمه الله عن الشيخ الحامد أنه كان يعتبر البنا مُجَدَّد القرون السبعة الماضية".

وكتب الدكتور عبد الله ناصح علوان -رحمه الله- :"حسن البنا الداعية الرباني بكلمة جامعة

لقد استحق حسن البنا، رحمه الله، بما قدمه بين يدي آخرته من علم وتربية وجهاد أن يندرج في سلك الدعاة الربانيين أهل التقوى والإحسان، يقول الدكتور عبد الله صالح علوان: " لاشك أن الداعية الرباني حين يكون على هذا المستوى العظيم من التقوى والفهم والروحانية، وحين يتحلى بهذه القيم العالية من الإخلاص والصدق وحرارة الإيمان والدعوة، فإنه ينطلق في ميادين الدعوة والتبليغ والجهاد".

ويقول روبير جاكسون فى كتابه ( حسن البنا الرجل القرآني):" كنت تري الرجل بسيطا غاية البساطة ينام في الأكواخ أحياناً ، ويجلس علي المصاطب ويأكل ما يقدم له .. ولا يحرص إلا علي شيء واحد وهو ألا يفهم الناس عنه أنه شيخ طريقة .. أو من الطامعين في المنفعة العاجلة . ولقد حدثني أنه كان يدخل بلدا من البلاد أحياناً لا يعرف فيها أحداً فيقصد إلي المسجد ، فيصلي مع الناس ، ثم يتحدث بعد الصلاة عن الإسلام .. وأحيانا ينصرف الناس عنه فينام علي حصير المسجد وقد وضع حقيبته تحت رأسه .. والتف بعباءته ، ولا شك أنه قد لقي في زياراته شيوخاً وشبابا ، مثقفين وعوام .. وإنه قد استمع إليهم وقال لهم .. وأفاد منهم خبرة ضخمة واسعة .. أضافها إلي علمه وثقافته .. وإنني علي ثقة من أن حسن البنا رجل لا ضريب له في هذا العصر ، وأنه قد مر في تاريخ مصر ، مرور الطيف العابر .. الذي لا يتكرر".

وقال السيّد أبو الحسن الندوي رحمه الله :" إن كلّ من عرف حسن البنا عن كثب لا عن كتب ، وعاش متصلا به ، عرف فضل هذه الشخصية التي قفزت إلى الوجود وفجأت مصر ثم العالم العربي والإسلامي كله بدعوتها وجهادها وقوتها الفذّة . فقد اجتمعت فيه صفات ومواهب تعاونت في تكوين قيادة دينية اجتماعية لم يعرف العالم العربي والإسلامي وما وراءه قيادة دينية أو سياسية أقوى وأعظم تأثيرا ، أو أكثر انتاجا منها منذ قرون ، وفي تكوين حركة إسلامية يندر أن تجد حركة أوسع نظاما ، وأعظم نشاطا ، وأكبر نفوذا" .

وقال مكرم عبيد المسيحى عنه:" وما من شك أن فضيلة الشيخ حسن البنا هو حى لدينا جميعا فى ذكراه، بل كيف لا يحيا ويخلد فى حياته رجل استوحى فى الدين هدى ربه، ففى ذكره حياة له ولكم".

وقال الشاعر الكبير المرحوم عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله- :"لقد راقبته أدق المراقبة، حتى أنني كنت من شقوق الباب وهو يصلي في غرفته خاليا قبل النوم، وكنت أتفحص خشوعه فأراه أطول سجودا وأكثر إقبالا على الله منه وهو يصلي بنا".

ويقول الفضيل الورتلاني- رحمه الله-:" كان لحسن البنا صفات تفرقت في الناس وقلما اجتمعت في شخص واحد اللهم إلا طائفة نادرة من أولي العزم: للرجل طاقة عالية ينفرد الناس من ناحية من نواحيها ولا تجتمع لهم .. فإذا حدثه الفقيه وجد فيه الفقيه الممتاز ويخيل إلى أن هذه صفته .. وإذا اجتمع به الأديب توهم أن هذه صفته وما له غيرها وإنما هو مكمل .. وإذا لقيه السياسي وجد فيه سياسيا من طراز فريد .. وحسب أن ما له من الصفات الأخرى إنما هو جزء يسير .. والحق: إن حسن البنا هو تلك الصورة الضخمة التي تجمع تلك الصفات جميعا. وبحظ وافر يوازي .. وإن لم يزد ما للمتخصصين فيها من حظ".

ويقول السيد علي البهلوان -رحمه الله- السكرتير العام المساعد للحزب الحر الدستوري التونسي:" اقترن إسم الشهيد حسن البنا في نظر التونسيين بحركة التجديد والتطهير التي تجسمت في الإخوان المسلمين وأصبح إسمه رمزا لفكرة حية ومبدأ سام طالما تردد بين التونسيين من غير أن يجد من يسهر على تطبيقه حتى أبرزه المرشد العظيم.

وقد كان لحركة الإخوان المسلمين صدى عميق في تونس لأن التونسيين آمنوا بأن الإسلام دين عمل وتضحية وفداء، وقد تجسمت في المرشد العظيم رحمه الله، تلك المعاني الإسلامية السامية، فأمسى منار هداية لمن يريد نهضة إسلامية أساسها ثابت وصرحها عال.".

ويقول الشاذلي المكي - رحمه الله- :" لين الطباع والأخلاق .. يحسبه المرء أنه لشدة ليونته وسماحته متساهل حلو الكلام، يأخذك بحديثه فهو ما يزال بك حتى يفرغ في نفسك تلك المعاني السامية، التي ما دخلت قلبا إلا وجعلت صاحبه يؤمن بما له وما عليه في هذا المعترك.

وقال السيد محمد هارن المجددي - رحمه الله- : " كان الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه وأرضاه صورة طيبة لخيرة أصحاب قائدنا الأعظم سيدنا محمد صلى الله عيه وسلم، فقد ملكت مبادئ الإسلام المثالية قلبه وفكره في كل لحظة من لحظات حياته، وكان لا يعيش لنفسه بل يعيش لهذه الأمة الإسلامية التي توالت عليها المحن ورانت عليها صروف الزمن ... كان التيار الإلحادي يجرف في لجبه الشبيبة المثقفة وهي خلاصة الأمة وقلبها النابض ... ولكن الله تعالى ألهم الشهيد الإمام حسن البنا بما ألهم به عباده الصالحين فكان أمة وحده .. وقف أمام التيار الإلحادي فصرعه وأخذ بأيدي الحيارى والضالين فأرشدهم إلى ما فيه خير دينهم ودنياهم وغرس في قلوبهم تعاليم القرآن الخالدة".

ويقول السيد علال الفاسي - رئيس حزب الاستقلال المغربي - رحمه الله- :" أعظم ما كان بارزا في شخصية حسن البنا هو إيمانه بالله وبصدق الدعوة التي يدعو لها وإيمانه بنفسه أيضا وأعظم صفاته هي قوة الملاحظة وقوة المواظبة، وبهاتين الخصلتين استطاع أن يشق الطريق لدعوته في وسط كان أبعد ما يكون عنها وأعتقد أن الدعوة التي كانت تستفيد من حياة البنا لو لم يوافه الأجل المحتوم، ولكن العشرين سنة التي قضاها دائبا ليلا ونهارا على بذر فكرته وتطعيمها والعناية بها يجعلها في مأمن من أن تطوح بها أيدي الزمان العابثة".

وفي كلمة الرئيس محمد نجيب عن حسن البنا عقب نجاح ثورة 1952، قال:

"من الناس من يعيش لنفسه، لا يُفكِّر إلا فيها، ولا يعمل إلا لها، فإذا مات لم يأبه به أحد، ولم يحس بحرارة فقده مواطن، ومن الناس من يعيش لأمته واهبًا لها حياته حاضرًا فيها آماله، مضحيًا في سبيلها بكل عزيزٍ غالٍ، وهؤلاء إذا ماتوا خلت منهم العيون وامتلأت بذكرهم القلوب، والإمام الشهيد حسن البنا، أحد أولئك الذين لا يدرك البلى ذكراهم، ولا يرقى النسيان إلى منازلهم لأنه- رحمه الله- لم يعش في نفسه بل عاش في الناس ولم يعمل لصوالحه الخاصة، بل عمل للصالح العام.

وكتب الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام السابع للإخوان المسلمين

لقد جاء الإمامُ "البنَّا" إلى الدنيا على قدَرٍ مقدورٍ، فإن العصرَ الذي وُلدَ فيه كان عصرًا مليئًا بالتيارات الهدَّامةِ والإلحادِ، والتحدياتِ المعاديةِ، وكان العالمُ الإسلاميُّ يتعرضُ لأبشعِ أنواعِ المخططاتِ الاستعماريةِ؛ نتيجةً لسيطرةِ الاستعمارِ الغربي الصليبي وغارتِه الفكريةِ والحضارية على كثيرٍ من البلدان الإسلامية، ولعل أبشعَ وأشنعَ ما نزل بالمسلمين في تلك الفترة كان إلغاءَ الخلافة الإسلامية عام 1924م، حيث تحولت دار الخلافة من رمزٍ لاتحاد المسلمين وقوتِهم، إلى دولة علمانية أُلغيت فيها الشريعة الإسلامية، لتَحِلَّ مكانها القوانينُ الوضعيةُ، وأصبح المسلمون كالشاة في الليلة المطيرة.. قُلبت المفاهيم.. واستَشرى الانحلال.. وفشا الإلحاد.. وشُوِّهت أمجادُ الإسلام العظيم.. وعُزلت الشريعةُ عن حياة المجتمع.. واستحالت دولة الخلافة إلى دويلات متنافرة.. ولم يبقَ لهذه الأمة من ملجأٍ ولا نصير إلا رحمةُ الله تعالى، ثم نجدةُ العقيدة وقوة الإيمان.

كتب الفريق عزيز المصري، وكان قائد الجيش المصري في عهد الملك، يقول: :"عرفت الشهيد حسن البنا أول مرة بعد عودتي من لندن 1937 حينما كنت في معيَّة سمو ولي العهد؛ وذلك حينما وجدت في انتظاري ثلاثةً قالوا لي إنهم من الإخوان المسلمين، ونظرًا لأن ملابسهم كانت من المتعارف على أنها إسلامية إلا أنها في نظري بعيدة عن الإسلام، قلت لهم: إنني لا أريد مقابلتهم؛ لأنني أريد أن أرى الإخوان المسلمين يمثلون فكرة التجديد والبعث حتى في أزيائهم، فتكون مبسَّطة ولو جاكتة مقفّلة وبنطلون، وبدلاً من “المسابح” يضع كلٌّ منهم في يده كتابًا يناقشني فيه.

ولشدَّة ما كانت دهشتي حينما جاءني في الغد أحد هؤلاء الثلاثة وقال لي إنه حسن البنا، وإنه مؤمن بكل ما قلت، ولكنَّ الرجعية التي تردَّى فيها المسلمون تجعلنا نطرق هذا الباب حتى نعيدَكم إلى الفكرة الإسلامية الصحيحة التي تجعل من المسلم شعلةً للعلم والتقدم والهداية للإنسانية، فأكبرت الرجل وعرفت فيه الداعيةَ الواعي، وقد كنت أتوقع ألا أراه بعد المقابلة الشديدة التي قابلتهم بها... ومنذ ذلك اليوم توثَّقت الصلة بيني وبينه، وكنا نتقابل بين حين وآخر، وأرى في وجهه علائم الإيمان باديةً وآيات الصدق والإخلاص مرتسمةً؛ مما زادني فيه ثقةً وإيمانًا.

وحينما كنت بسجن الأجانب إبان استشهاده جاءني أحد الضباط وعلى وجهه علامات الأسى، مخالفًا الأوامر ومبلِّغًا إياي ذلك النبأ المفجع؛ فأحسست بخنجرٍ أصابني في صدري لفقد ذلك الرجل العظيم.

وقال صلاح سالم عضو مجلس قيادة ثورة 1952: " "إن هذه الأخلاق العالية والصفات الحميدة قد اجتمعت وتمثلت في شخص أستاذ كبير، ورجل احترمَه وأجلَّه واعترف بفضله العالم الإسلامي كله، وقد أحبه الجميع من أجل المثل العليا التي عمل لها، والتي سنسير عليها إلى أن يتحقق لنا ما نريده من مجد وكرامة في أخوة حقيقية وإيمان أكيد، رعاكم الله ووحَّد بين قلوبكم وجمع بينكم على الخير".

كتب علي ماهر رئيس مجلس وزراء مصر لمرات متعددة يقول:

ما أنفع الذكرى، وما أضيق برزخ الحياة!

حين طلبت صحيفة "الدعوة" الغرَّاء أن أشترك فى إحياء ذكرى المغفور له الشيخ حسن البنا، عادت بى الذاكرة إلى عام 1935م، حين زارنى الفقيد الكريم مع بعض أصدقائه بمناسبة انتقاله بجماعته من الإسماعيلية إلى القاهرة، متحدثًا فى بعض الشئون العامة، وكان حديثه يشرح صدرى وأسلوبه يشهد بموفور الثقافة الإسلامية والبصر بشئون الأمم العربية، وبراعة المنطق وقوة الحجة، وكان إلى ذلك شديد الإيمان بأنه يؤدى رسالة إنسانية سامية، دعائمها الإخاء والمحبة والسلام بين سكان البلاد جميعًا.

ونختم بما قاله العلامة القرضاوى فى الإمام احسن البنا: بأبيات من الشعر قال فيها :

يا مرشداً قاد بالإسلام إخوانـــا *** وهز بالدعوة الغراء أوطانا

فكان للعرب والإسلام فجر هـدى*** وكان للغرب زلزالا وبركانا

ربيت جيلا من الفولاذ معدنه ** يزيده العسف إسلاما وإيمانـا

ترميك بالإفك أقلام وألسنــة** خانت أمانتها، يا بئس من خانا

نسأل الله أن ينزله منازل الشهداء، وأن يحشر مع سيد الأنبياء، وأن ينصر دعوته وأتباعه على الأشقياء.

وسوم: العدد 707