الشيخ التقي العلامة محمد نجيب خياطة شيخ قراء حلب

ولد في مدينة حلب في حي الجلوم الصغرى  سنة 1905

 نضير الوجه، مهيباً جليلاً من رآه بديهة هابه , ومن خالطه معرفة أحبه 

 فيه من صدق لسان وصراحة وطيبة قلب , وكأن الشاعر الفرزدق كان يعنيه بقوله :

{يفضي حـياءً ويفضى من مهابته فمـا يكلـم إلا حيـن يبتســم}

** أخلاقه رحمه الله:

- شب رحمة الله على الأخلاق الفاضلة كان سمحاً لا يغضب إلا في الله إذا غضب من أحد صفح عنه بعد قليل , ويحاول الاعتذار بنفسه ولو كان الحق بجانبه . 

- كان رحمه الله محباً لطلب العلم ومساعداً لطلابه لا يمكن أن يرد إنساناً جاء يطلب علماً. 

- كان رحمه الله كريماً لا يردُّ سائلاً قرضاً ولا عطاءً. عاملاً بعلمه لا يحاول الابتداع في أي شأن من شؤونه . منكباً على العلم وتعليمه . بعيدا ًعن سفاسف الحياة . لا يخوض مع الخائضين بل يقول رحمه الله كلمة الحق غير هياب ولا وجل .

**علمه رحمه الله:

1.في القرآن الكريم : كان رحمه الله علامة زمانه فهو شيخ القراء بلا منازع . دؤوباً في طلب العلم يستظهر متن (الطيبة ـ والشاطبية ـ والدرة)، وقد تخرج عليه خلق كثير من حفظة القرآن بقرآته الشتى .

2.في الفرائض : فقه ـ رحمه الله تعالى ـ علم الفرائض وبثَّه ونشره بين العلماء وطلاب العلم تأليفاً وتعليماً. وكان هذا العلم مادته المفضلة التي بزَّ فيها العلماء . لا يبارزه عالم إلا وفاقه بكثرة دلائله وسَعَة علمه . درسه بين طلاب العلم والعلماء .وكان رحمه الله مرجعاً فيه بين فطاحل العلماء.

3.الفقه :   قرأ لطلاب العلم أجزاء ابن عابدين ـ والاختيار ـ واللباب ـ ومراقي الفلاح ـ وخاصة المدارس الشرعية والمعاهد الدينية . وكان لا يفتي إلا بعد مراجعة النص ولا يتكلم إلا حكمه .

4.الحديث الشريف : لم يكتف رحمه الله بهذه العلوم التي جعلها اختصاصاً له من علوم القراءات والفقه والفرائض بل انكبَّ آخر حياته

5.الأدب : كان رحمه الله بحاثة أديباً لا تكاد تمر سانحة إلا ذكر لها بيت من الشعر أو طرفة من الطرف الأدبية، وله في الأدب مذكرات ومخطوطات لم تطبع .

وكان له نصيب من باقي العلوم التي لم تذكر فقد درس أكثرها بجدارة ونجاح .

** آثاره رحمه الله :

1. أشرف على طبع مصحف شريف، وكانت تلك الطباعة بصورة جيدة , ساعدت القارئ على سهولة التلاوة .

2. تحقيق حالة أهل الحقيقة مع الله للسيد الرفاعي رحمهما الله , طبع مراراً .

3. الدرر الحسان في تجويد القرآن , طبع مراراً ونفذ .

4. كفاية المريد في أحكام التجويد .

5. سفينة النجاة في بيان مهمات الصلاة , طبع مراراً ووزع مجاناً. وكان رائعاً في ضبط أحكامه وعباراته .

6. تنبيه ذوي الأحلام لما في يوم الجمعة من أحكام .

7. أقرب الوصول لمولد الرسول صلى الله عليه وسلم .

8. الروضة البهية شرح الرحبية , في الفرائض , طبع مراراً ودرس في المدارس الشرعية .

9. الرياض الزهية شرح السراجية في الفرائض وقد اشتهر كثيراً ودرس في المداس الشرعية .

10. مرشد الأنام إلى بيت الله الحرام .

11. وله مخطوطات ومذكرات كثيرة في العلوم المتفرقة .

** مناقبه رحمه الله:

1.كان رحمه الله , عفيف النفس , كريماً , انصرف كلياً لمراجعة الحديث الشريف حتى غدا متمكناً فيه ... قد دعا طلابه مراراً للخروج إلى أحد المنتزهات على أن يكون المصروف مساهمة , ثم بعد انقضاء النزهة , لا يترك أحداً يدفع قرشاً بل يأخذها على عاتقه رحمه الله .

2. ذا همة عالية في طلبه لعلم قراءات القرآن وغيرة , خرج إلى شيخه عبد القادر قويدر من ناحية عربين في غوطة دمشق , فحفظ عنده القراءات ومتني الطيبة والشاطبية في مدة أربعة أشهر مع العلم أن أحدها يستغرق حفظه العلم أكثر من سنتين , وقد دعي شيخه مرة إلى وليمة فأراد أن يصطحبه معه فأبى وقال: أنا لم آت لهذا, فرجع الشيخ من الوليمة فوجده قد أغمي عليه من الإرهاق والكتاب بيده.

3.كان على غاية من التواضع، تخـلَّف يوماً عن حضـور الدرس فلما التقى بطلابه. قالوا له: لقد هممنا أن تأتي نجيئ إلى دارك ونذكرك بذلك، فقال : حبذا لو جئتم إن لكم علينا حقاً, حتى إن لكم أن تخرجوني من داري قسراً إن أبيت وتأخذوا بأذني إلى الدرس.

4- كان يكثر من تلاوة القرآن الكريم، خرج مرة من حلب إلى دمشق مع صحبه فكانوا يتحدثون وهو صامت. فلما وصلوا إلى إحدى المناطق في الطريق سألوه عن سبب سكوته بإلحاح فأجاب: إنه قرأ القرآن وختمه.

5- ذا همة في نشر العلم، يخرج من داره صباحاً ولا يعود إليها حتى المساء ويقضي ذلك كله في تعليم العلم. وكان يحرص على القيام بوظائفه. حتى إذا كان عنده الضيوف في العيد وحان وقت الصلاة يقول لهم: سأذهب إلى الصلاة فإن شئتم فانتظروا فعندكم أولادي يؤانسونكم.

6- وكان محباً للفقراء. كان أحد تلامذته ومحبيه فقيراً لم ينل من الدنيا شيئاً، فهو إن قال لا يسمع. وإن شفع لا يشفع، وإن خطب لا يعطى لفقره وعجزه عن الدنيا، وكان يقطن في حي خارج البلد (الصاخور) قال له صاحبه: كيف لو أتيتك بالشيخ (نجيب)؟ فقال: وهل تستطيع؟ ومن أنا! فظنه يمازحه. وفي صباح اليوم الثاني، إذا بصديقه والشيخ يدخلان الباب بعد الاستئذان وهو يتكئ على عصاه، فطار ذلك التلميذ من الفرح، وقدَّم له الشاي والعنب. وكان الشيخ رحمه الله مسروراً.

** وظائفه رحمه الله:

- مدرساً لمدرسة الحفاظ بحلب

- مدرساً في الثانوية الشرعية بحلب

- مدرساً في معهد العلوم الشرعية بحلب

- إماماً في جامع الثانوية الشرعية فيها.

وكان في كل ذلك مثالياً يقوم بما يجب عليه بنشاط وإتقان. 

**  انتقل إلى رحمة الله سنة 1967.

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وحشره مع الصحابة والصديقين والشهداء والنبيين اللهم آمين.

وسوم: العدد 716