في الذكرى السنوية لرحيل القائد الوطني الكبير الدكتور حيدر عبد الشافي

clip_image002_847d3.jpg

الدكتور حيدر عبد الشافي، مثل الزعماء الكبار الذين حملوا كاريزما المناضل الهادئ الحازم بدون ضجيج، كان مخلصاً لوطنه في جميع أدوار حياته، بل لا تعرف فلسطين مَن يطاوله ويعلو عليه في الوطنية، وكانت إنسانيته كمرآة صافية تنعكس عليها آلام الناس جميعاً، ويرغب في وده كل مَن عرفه، اهتم بالأمور السياسية، وكان لهذا الاهتمام صدى للاضطرابات التي كانت متتابعة في فلسطين، وكان ذا رأي واضح وصريح في كل ما يجري، وذا عقلية متفتحة لا تعرف التعصب.

آمن بقضية شعبه، وبالمبادئ الرئيسية لحركات التحرير الوطني في العالم، وهي تحرير الأرض والشعوب من الاستغلال، وإن نظافة اليد لديه هي سر قوته، والصدق في المصارحة نزهته عن تبرير الأخطاء السياسية أو تجميلها، جاب العالم تاركاً - حيثما حلَّ - جهوداً مثمرة، ونشاطات خيرة وأعمالاً ناجحة سرعان ما جعلت منه قطباً من أقطاب رجال السياسة في القرن العشرين؛ فكان عنواناً سياسياً بارزاً في سماء النضال الفلسطيني، وعندما اختير ليرأس الوفد الفلسطيني في مدريد عام 1991م لم يكن اختياره من فراغ، بل لأنه كان عموداً للقضية الفلسطينية، فكان للحق لفظاً وسلوكاً، وهذا ما يميزه عن الآخرين، وهو لم يدخل السياسة من بابها التقليدي، بل من باب الأخلاق، وكان كثيراً ما يردد قول الشاعر:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت   فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا

ازدادت معرفتي به واكتملت على مر السنين؛ فقد لعب القدر دوراً هاماً في الجمع بيني وبين الدكتور حيدر، لبناء صداقة من أثمن ما حققت في حياتي، وكنت ألتقيه دائماً في المكتبة الهاشمية بغزة، حتى وفاته في 25 أيلول/ سبتمبر 2007م.

ولا يستطيع المرء، مهما أطنب في الكلام عنه، أن يحيط بالجانب الإنساني من شمائله، فهو إنسان يحب الناس بغير تزلف ولا مجاملة، ولا يحول بينه وبين حبه دين أو مذهب، ما جعله ينال ثقة واحترام الجميع.

وسوم: العدد 739