المجاهد البطل: إبراهيم هنانو

الشيخ حسن عبد الحميد

كنت في صغري أسمع أمي وهي تهتف في أيام الإحتلال الفرنسي : 

فرنساوي ياابن الغرب من قال لك تنزل للحرب ، لما شفت هنانو صرت تعوي مثل الكلب 

من هذا الرجل العظيم  ؟

انه ابن كفر تخاريم ولنسمع هذه القصة التي رواها الشيخ المربي عبد الباسط أبو النصر بن سليم خلف رحمه الله : 

كان الشيخ الجليل والمربي العظيم أبو النصر يقرأ درسا صباحيا في زاوية والده المربي الجليل سليم خلف وكان علامة دمشق أمين سويد حاضرا ، دخل فجأة رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي وهو من حمص وله فضل كبير على كل طلاب العلم في سوريا لأنه هو الذي وقع مرسوم إنشاء كلية الشريعة في جامعة دمشق ، وكان مع الرئيس الأتاسي الثائر المجاهد العظيم حقا إبراهيم هنانو 

دخل الرجل زاوية الشيخ أبو النصر وتكلم هنانو قال : يجب أن لا نكتفي بالدروس ؟ فأجابه أمين سويد : 

جهاد بدون عقيدة وتهيئة النفوس له لايجدي  . 

وجه الرئيس الأتاسي كلامه لهنانو : إن الشيخ أبو النصر مفرغ نفسه للدعوة والإرشاد والعلم ، إنه يقوم بوظيفة أكبر من وظيفتنا ، يجهز الناس ويغرس فيهم العقيدة الصحيحة حتى إذا دعوا إلى الجهاد كانوا جاهزين  

والرئيس الأتاسي عاش فقيرا ومات فقيرا وترك لغيره جمع الثروات من وراء الكرسي ونداء : وحدة حرية اشتراكية 

هنانو ولادة ٨٦٩ وتوفي ٩٣٥ درس في عاصمة الخلافة القسطنطنية ، أنهى دراسة الحقوق  وتم تعينه في سنة ١٩٠٤ قائمقام في إحدى أقضية استبول وتزوج بفتاة تركية ، تم انتخابه عضو مجلس إدارة ولاية حلب ثم رئيسا لديوان الولاية ، قاد الثورة من جبل الزاوية سنة ١٩١٩ ، اعتقلته بريطانيا في القدس وسلمته لفرنسا ، حوكم وبرىء وتوفي بحلب ودفن في محلة الفيض ، وسميت المقبرة باسمه حياه الله ورحمه وتقبل جهاده 

كان لي الشرف أن درست في ثانوية تحمل اسمه وتقع في ساحة باب الملح ، أذكر من طلابي فيها الشاعر براء الأميري ابن الشاعر عمر بهاء الأميري رحمه الله . 

أكرم أهل حلب هنانو فأقاموا له مشروعا ضخما سموه مساكن هنانو ، وهي مساكن شعبية يسكنها الفقراء ، فجاء الطيران الروسي وبأمر من ولي الأمر فقصف هذه المساكن ودمرها غير عابىء لهذا الاسم العظيم إبراهيم هنانو 

ولا غرابة فمن يقصف مسجد سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه بطل اليرموك وهو سيف الله لانستغرب إذا قصف مساكن هنانو ، دعاة العلمانية من بعثيين وقوميين سوريين وعروبيين اشتراكيين جماعة أكرم ، ثم جماعة الخصيبي وهو شيخ الطائفة المدفون في ثكنة هنانو ، ونالنا الشرف باعتقالنا في رحاب هذه الثكنة 

صدقت يارب ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع ومساجد )٤٠ الحج 

خلاف مصالح وزعامة بين الوحدات والأمن أتانا الفرج والإفراج ، طلب مني أن اغتسل عاريا فرفضت باباء فجلدت جلدا أليما ، رحم الله سيدنا الصديق ذهب للغائط في أحد الوديان وكان الوقت ليلا فخجل رضي الله عنه أن يكشف عورته وهو في خلاء لايراه أحد ، وخطبت الجمعة في الزنزانة في ثكنة هنانو وكان المؤذن عبد القادر حسن رحمه الله والمستمع مفتي منبج الشيخ جمعة أبو زلام رحمه المولى  ورحم ربنا سيدنا الصديق ورضي المولى عن ابنته المبرأة عائشة رضي الله عنها ، وحي ربنا سيدنا خالد قصم ظهر المرتدين ودمر ديارهم 

- حيا الله البطل إبراهيم هنانو بطل كفر تخاريم أحد قادة الثورة السورية على الاحتلال الفرنسي وهو كردي الأصل ، وهو الآغا الذي انفق أمواله على قتال المحتل ، بطل معركة ميسلون جمع أثاث بيته وأحرقه معلنا بداية الثورة قائلا ( لا أريد أثاثا في بلد مستعمر ) 

وقبض عليه وقدم إلى محمكة الجنايات العسكرية الفرنسية وترافع عنه أبرز محامي حلب فتح الله صقال وطالب النائب العام الفرنسي المحكمة باعدامه لكن القاضي الفرنسي أطلق سراحه ، وحاول الصقال أن يدخل هنانو لشكر رئيس المحكمة على حكم البراءة فاعتذر الرئيس  عن الاستقبال  قائلا : أنا لا أصافح رجلا تلوثت يداه بدماء الفرنسيين ، عند الحكم كنت على منصة القضاء ، أما الآن فأنا مواطن فرنسي ، وتابع نضاله وجهاده .

ورثنا المجد من أباء صدق 

أسأنا في ديارهم الصنيعا 

إذا الحسب الرفيع تواكلته

بناة السوء أوشك أن يضيعا 

وضاع فعلا ؟ 

١٣ مليون نازح نصفهم يبحثون عن دولة تستضيفهم ؟ 

اسأل عنهم بحسرة اصدقاءنا من بعث ميشيل عفلق أو تلاميذ انطوان سعادة أو أزلام أكرم حوراني ؟ 

والله أكبر ولا عز لنا ولا فخر إلا بحمل راية الله أكبر وهذا ماقاله سيدنا عمر رضي الله عنه ، ولعن مولانا من شتمه وبنى لقاتله مزارا ، ولعن من جعل يوم مقتله عيدا سماه ( عيد الأم ) هو فرحة بمقتل إمام العدل في الدنيا ، القائل لفاتح مصر سيدنا عمرو بن العاص ( ياعمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا 

- أخيرا التحية والشكر لأخينا زكريا المسعود الذي عرفنا بنجوم حمص وآمل أن يضيف إلى كتابه العظيم الشيخ مصطفى السباعي ، آمل أن يكتب فصلا بعنوان محبو الطريقة النقشبندية ويضع أعلاها نجم حمص الشيخ السباعي طيب الله ثراه فهو ابن حمص وقمر دمشق ومرشح كل علماء دمشق في الانتخابات رحمه الله 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

وسوم: العدد 749