عبد القادر عودة، القاضي الشهيد

الشيخ حسن عبد الحميد

علم من أعلام الحركة الإسلامية المعاصرة وداعية من دعاة الإسلام في العصر الحديث .

قاضي وفقيه دستوري .. 

قوي الحجة ، بليغ العبارة ، دقيق الملاحظة ، كانت له الكلمة المسموعة والمكانة المرموقة .

صاحب الكتاب ( التشريع الجنائي في الإسلام ) و (الاسلام وأوضاعنا القانونية) و( الإسلام وأوضاعنا السياسية )

كان من أحب الإخوان إلى الإمام الشهيد حسن البنا ولما تولى حسن الهضيبي منصب المرشد كان الأستاذ العودة أقرب الإخوان إلى قلبه فأوحى إليه أن يترك منصبه في القضاء ليكون بجانبه كوكيل للجماعة  رحمهم الله .

جهوده كبيرة في حرب الانجليز 

في قناة السويس حين تبنى الإخوان العمل الجهادي ضدهم .

وحين احتدم الخلاف بين الإخوان وضباط الانقلاب وفَجَرَ العبد الخاسر في خصومته واكاذيبه وتنكر لكل عهوده ومواثيقه وخان الأمانة وغدر بالإخوان 

أصدر الأستاذ عبد القادر عودة البيان التاريخي ردا على مزاعم عبد الناصر واتهاماته وكان بعنوان ( هذا بيان للناس ) ومنه قوله :

لسنا بغاة .. فإن الإسلام يحرم علينا البغي

ولسنا دعاة فتنة .. فإنها أشد من القتل 

وماينبغي للمؤمن أن يكون فتّانا ولا لعّانا

ولكننا نسير على آثار محمد عليه السلام 

ندعو إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة ، وندرأ بالحسنة السيئة وندفع بالتي هي أحسن .

وحلت جماعة الإخوان واعتقل اعضائها وصدر حكم الطاغية عبد الناصر بإعدامه

العبد الخاسر كان يحقد على العودة لمكانته وقوة شخصيته .

فصدر عليه حكم الإعدام مع ثلة من الشهداء الأبرار 

محمد فرغلي ويوسف طلعت ومحمود عبد اللطيف وغيرهم 

وتم التنفيذ بالشهداء الستة واحدا إثر واحد في سجن مصر خلال ثلاث ساعات 

في يوم عمّ فيه الغضب أنحاء العالم العربي والإسلامي فلم تنفع مع الطاغية وساطات وشفاعات الملوك والزعماء والقادة رحمهم الله .

والسبب الحقيقي في اعدامه سنة 1954هو الانتقام والخلاص منه بسبب موقفه الرهيب الذي وقفه إلى جوار الرئيس محمد نجيب في شرفة عابدين 

حين طلب منه نجيب الصعود الى الشرفة وتهدئة الجماهير الغفيرة المحتشدة بعد أن وافق على مطالبها حين طالبت بالإفراج عن المعتقلين ومعاقبة الظالمين وإطلاق الحريات والوفاء بالعهود

خرج البطل العودة إلى الشرفة وطالبهم بالانصراف فانصرفوا

أغاظ هذا الموقف العبد الخاسر وأدرك عندها خطورة عبد القادر عودة فأعدمه شنقا .

ووقف على حبل المشنقة فازداد على الحق إصرارا 

ورأى الموت بعينه فأسرع للقياه

لم تكن جريمته إلا قوله وإخوته

 ( ربي الله ) 

وقال كلمته الخالدة على حبل المشنقة :

 إن دمي سيكون لعنة على رجال الثورة 

واستجاب الله دعاءه فكان دمه لعنة عليهم فلم يفلت أحد من الظالمين من انتقام الله في الدنيا .

فهذا جمال سالم رئيس المحكمة يصاب بمرض عصبي 

وأخوه صلاح سالم تتوقف كليتاه ويحتبس بوله ويموت بالتسمم 

وشمس بدران يحكم عليه بالمؤبد

والمشير عبد الحكيم عامر يموت منتحرا 

والصول ياسين هاجمه جمل له وقضم رقبته فقتله 

أرانا الله فيهم عجائب قدرته .

إما زعيمهم عبد الناصر العبد الخاسر فقد طفحت المجاري على قبره فكان عبرة لمن يعتبر .. 

والله غالب على أمره .

كان العودة رحمه الله منارة القضاء الزاهية بين القضاة حين طبق قانون السماء ورفض أن يقيد نفسه بقوانين الأرض.

كان رحمه الله جرئيا في الحق ولو خالفته الدنيا بأسرها .

رحم الله العالم العامل ..

والقاضي الفقيه ..

والمجاهد البطل الشهيد ..

تقبّله الله .. وأسكنه فسيح جناته .

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم 

        إن التشبه  بالرجال  فلاح 

والله أكبر .. ولله الحمد

وسوم: العدد 749