من روائع التاريخ الإسلامي

بعد هجرة النبي وأصحابه من مكة إلى يثرب لم يتبق في مكة إلا عدد قليل من المسلمين لم يهاجروا لمرضهم وكبر سنهم؛ وكان من بين هؤلاء الصحابة الذين حبسهم المرض وكبر السن الصحابي الجليل ''ضمرة بن جندب'' الذي لم يستطع أن يتحمل مشقة السفر وحرارة الصحراء فظل في مكة مرغمًا.

ولكنه (رضي الله عنه) لم يتحمل البقاء بين ظهراني المشركين فقرر أن يتحامل على نفسه ويتجاهل مرضه وسنه؛ وبالفعل خرج ضمرة بن جندب -رحمه الله- وتوجه إلى يثرب، وأثناء سيره في الطريق اشتد عليه المرض فأدرك أنه الموت وأنه لن يستطيع الوصول للنبي وأصحابه فوقف -رحمه الله- وضرب كف على كف وقال وهو يضرب الكف الأولى: اللهم هذه بيعتي لك؛

ثم قال وهو يضرب الثانية: وهذه بيعتي لنبيك ثم سقط ميتا .. 

فنزل جبريل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وسلم) يخبره بما حدث لضمرة ثم نزل قول الله تعالى: 

'' ﻭَﻣَﻦ ﻳَﺨْﺮُﺝْ ﻣِﻦ ﺑَﻴْﺘِﻪِ ﻣُﻬَﺎﺟِﺮًﺍ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﺛُﻢَّ ﻳُﺪْﺭِﻛْﻪُ ﺍﻟْﻤَﻮْﺕُ ﻓَﻘَﺪْ ﻭَﻗَﻊَ ﺃَﺟْﺮُﻩُ ﻋَﻠﻰ ﺍﻟﻠّﻪِ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻏَﻔُﻮﺭًﺍ ﺭَّﺣِﻴﻤًﺎ ''

فجمع النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه وأخبرهم بشأن ضمرة وقال حديثه الشهير ((إنما الأعمال بالنيات ..))، فحاز ضمرة شرف لم يحزه غيره بأن نزل فيه قرآنا وسنة.

.... العمل مع الله لا يشترط فيه أن تصل للهدف ولكن يكفيك أن تموت وأنت تعمل وتسير في الطريق إليه مادامت نيتك لله فنحن مطالبون بالسير لا بالوصول.

اللهم هب لنا العزم على طاعتك، واستعملنا في رضاك واكفنا ما أهمنا يامن كفايتنا بين يديك، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وسوم: العدد 814