سألني : هل يجوز إخراج صدقة الفطر نقدا !؟

رؤية

قلت : إذا كانت الفتوى تدور على مصلحة المستفيد من الصدقة ، وإذا كان العلماء الراسخون قد قعّدوا : حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله ؛ وجب أن نسأل : أين تقع المصلحة ؟!! ثم يفتي المفتي .

ثم هؤلاء قوم اجتمعوا في بلد بعيد لا فقر فيه ، ولا جوع حقيقيا فيه وجمعوا صدقات فطرهم في وقت مبكر لإرسالها إلى المنتشرين تحت شجر الزيتون يجتمع عليهم الخوف والحزن والحر والجوع والعطش فكيف سيتسنى لهم إرسال صيعان التمر أو الأرز ؟ّ!

وسيقول المعترضون  النص !!

وإنما أنزل النص على قوم يعقلون وعلى قوم يفقهون وعلى قوم يذكرون . وورد النص في بيئة كان جل نقدها السلعة . في حديث أبي عقيل صاحب الصاع  أجر نفسه ليجر الماء من البئر ليلة : بأربعة صيعان من تمر ، لا بأربعة دراهم ولا بأربعة شواقل . وفي حكاية سيدنا علي يقول خرجت جائعا فأجرت نفسي على أن أنضح الماء كل دلو بتمرة فنضحت عشرين دلوا بعشرين تمرة ..

ذلك كان عامة نقد القوم وعليه كان رسم صدقاتهم .. ( جل من قسم العقول ). فليكن رسم صدقاتنا على عامة نقدنا .

إن الإصرار على الفتوى بجواز إخراج صدقة الفطر عينا من عامة قوت البلد، في هذا العصر  فيه إضرار بالمستفيد منها ، وإحراج له ، وتضييع لمقصد التوسعة المرتبط بالعيد ، لقد اتسعت قائمة ضرورات الناس ، واتسعت قائمة احتياجاتهم . ودفع فاتورة الكهرباء عن المعسر ، أو أجرة البيت الذي يكاد يطرد منه أولى برعاية المفتي ، وإنما يتم ذلك بأن يترك للمستفيد ترتيب أولوياته ...

نصوص الشريعة من آيات وأحاديث على الرأس والعين وفي القلب والضمير ولكن ..

(وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ)

أين أنتم أيها العالمون ؟!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 827