منوعات روحية 944

أعظم الكرم: الكرم بالإفادة العلمية

وليس وراء التكرُّمِ بإفادةِ الفوائِدِ العلمية تكرُّمٌ؛ حيث قال: *{الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}،* فدَلَّ على كمالِ كرمِه بأنه علَّم عبادَهُ ما لمْ يعلموا، ونقلهم من ظُلمة الجهل إلى نور العلم.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، (25/ص: 473).

***********************************************

الفكرة التي تخجلني في تأخير الصلاة عن وقتها تكمن في أنني لست أنا من حدد الموعد لهذه الصلاة، ولا أنا من اختار التوقيت!

الخالق تعالى هو من قدّر ذلك!

الله الذي خلق هذا الكون الذي يُصيب عقلي بالتجمد والتشتت بمجرد التفكير بعظمته واتساعه وتعقيده وجماله وغموضه وبديع إتقانه وكثرة مخلوقاته وآلائه ومعجزاته- هو الذي يريدني أن أقف بين يديه وأكلمه وأناجيه!

وأنا ماذا أفعل؟

في كثير من الأحيان أجعل هذا الموعد آخر أولوياتي حتى يكاد يفوت وقته، مُقدّما عليه كل أمر تافه وكل شأنٍ ضئيل!

الله تعالى يطلبني (وأنا مجرد ذرة بلا وزن في كونه العظيم) لأقف بين يديه ..

وأنا منهمكٌ في سخافات الحياة وزينتها البالية ..

يطلبني لبضع دقائق فقط ..

وأنا أُعرِض وأُسوّف وأماطل وأُؤجّل ثم آتيه متأخراً كعادتي، أيّ تعاسة أكبر من ذلك؟

يدعوني تعالى (لاجتماع مغلق) بيني وبينه - أنا صاحب الحاجة وهو الغني المتفضل- وأنا أجعله اجتماعا مفتوحا لشتى أنواع الأفكار والسرحان، أحضر بجسدي ويغيب عقلي!

يريدني أن ابتعد عن كل شيء لدقائق معدودات لأريح بدني وعقلي وأفصل قليلاً عن ضجيج الحياة ومشاغلها وأبث إليه لا لغيره شكواي وهمومي!

هو الخالق العظيم الغني عني وعن عبادتي ووقتي يطلبني ليسمع صوتي ..

وأنا الذي يماطل!

ثم ها أنا أجيء إمّا متثاقلاً أو على عجل وكأنني آتيه رغماً عني!

أنا الحاضر الغائب!

هو تعالى يريده اجتماعاً خاصاً ..

وأنا أجعله حصة تسميع باردة وتمارين رياضية جوفاء وعقلا شاردا!

فأي بؤس أكثر من هذا؟

اللهم اغفر لي كل صلاة لا تليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك

رَبِّ ٱجْعَلْنِى مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِى ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ ...

***********************************************

تأملوها :

‏"من عمل صالحًا فلنفسه"

‏"ومن شكر فإنما يشكر لنفسه"

‏"ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه"

‏"ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه"

‏"فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه"

‏"ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه"

‏"فمن نكث فإنما ينكث على نفسه"

‏"ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه"

‏أعمالك مشروعك الشخصي

***********************************************

‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏‌‌‏‌‌‌‌‌‌‌‏‌‌‏‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‎‌‌‌‌‌‌‏‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏ ‌‏‌‌‌‌‌‌‏ ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏تضيق رؤيتك، فتحزن على أمرٍ لم

يكن وقوعه بيدك أو رغبتك، يستبدّ

بك الهَمّ فيُثقِلك، ثم ما تلبث الأيام

توضّح لك مكامن الخير في وقوع

ذلك الأمر، وتتبدّى لك الهدايا

والعطايا الربّانية المُنهمرة من بعده،

فيطيب قلبك، وتطمئن نفسك،

وتأنس روحك، وتدرك: "فلرُبّ أمرٍ

مُسخطٍ لك في عواقبهِ رِضا"

***********************************************

وعلى حافَّةِ المِشنقة .. جاءه شيخ التلقين يقول له:

قُل لا إله إلا الله..

فرد سيِّد قُطب في عِزَّة وإباء:

حتى أنت جئت تكمل المسرحية؟؟

نحن يا أخي نُعدَمُ لأننا قلنا لا إله إلا الله ..

أما أنت فتأكُل الخبز بها..

29/8 #ذكرى_استشهاد_سيدقطب

***********************************************

(كم من شهيد ما كان يملك أن ينصر عقيدته ودعوته ولو عاش ألف عام،

كما نصرها باستشهاده..)

#سيد قطب

***********************************************

(الطاغية فرد لا يملك قوة ولا سلطانا

لكن الجماهير الغافلة الذلول

تمطي له ظهرها فيركب

وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى)

#سيد قطب

***********************************************

(من لم يدفع ثمن الجهاد … فسوف يدفع ثمن القعود )

#سيد قطب

***********************************************

(أنا لا أستطيع أن أعيش بنصف قلب؛

نصفه لله، ونصفه للدنيا)

#سيد قطب

***********************************************

تمر علينا  اليوم الذكرى الخامسة والخمسون لاستشهاد المفسر المفكر المصلح الأديب الرباني الداعية الأستاذ سيد قطب، الذي لقي الله شهيدا في 29 أغسطس 1966م.. .

***********************************************

اللهم أكتب لنا في هذا الصباح ..رضاك وأسعدنا بقربك وعونك ونجواك ..وأكفنا وأغننا عمن سواك ..وأجعل سعادتنا في قلوبنا ..واشرح صدورنا وأنر بنورك دروبنا ، اللهم اشغل قلوبنا بحبك، وألسنتنا بذكرك، وأبداننا بطاعتك، وعقولنا بالتفكر في خلقك والتفقه في دينك، وارفع عنا الوباء يارب العالمين..

وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا محمدوعلى أله وصحبه أجمعين..

***********************************************

*قصة القاضي ابن هبيرة من أعظم قصص تاريخنا الإسلامي*

"ومن يتقٍّ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكَّل على الله فهو حسبه"

رجل من البادية نزل بغداد للعلم والتجارة، وٱستأجر غرفة ليسكن فيها...

بعد صلاة الفجر يخرج للعمل، وبعد صلاة الظهر يذهب إلى دروس العلم والمعرفة.

كان هذا الشاب يقسم أجر عمله إلى ثلاثة أقسام:

ثلث لأبيه ، وثلث لصاحب الغرفة ، وثلث لنفقته ....

مرت عليه ثلاثة أشهر لا يستطيع أن يدفع إيجار سكنه ، فقال له صاحب الغرفة:

أمامك ثلاثة أيام لدفع الإيجار وإلّا سجنتك لأني ما بنيت هذا البيت وقفاً للفقراء ...

خرج يبحث عن عمل في اليوم الأول فلم يجد ، ذهب إلى ديوان الخراج يسألهم عن عمل فلم يجد، إلى أن جاء اليوم الثالث يوم سجنه ، فخرج من بيته حاملاً الدنيا فوق رأسه، يقول:

أخذت في المشي إلى أن وجدت نفسي في أطراف بغداد، فوجدت بيتاً متهالكاً فقلت: أستريح، ووضعت يدي على الباب فإذا الباب مفتوح، وإذ بشيخ مسن مضطجع على سرير ، فنادى عليَّ وقال لي: ٱسمع يا بُنَيَّ: ووالله ما ساقك إليَّ إلّا الله ، وأنا الساعة أموت ، وأشتهي عنباً،،،،

فقلت له: أبشر، ووالله لتأكلنَّ اليوم عنبا ...

فٱنطلقت إلى السوق وذهبت إلى بائع يبيع العنب وسألته:

بكم هذا العنب؟

فقال: بدرهم،

فقلت له:

خذ ثوبي هذا رهناً عندك إلى أن آتيك بالمال ،،،،،

وأخذت العنب وأنا أجري به حتى ألحق الرجل قبل موته، وقدَّمتُ إليه العنب، مع أنِّي في حاجةٍ إليه أكثر منه ،

وبعد أن أكل العنب قال لي:

إسمع يا بُنَيَّ:

هذا الركن في هذه الغرفة إحفر تحته وستجد شيئاً،

أخذت في الحفر إلى أن وجدت جرة مليئة بالمال والذهب ، وقدَّمتها له ، فسكبها في ملابسي ثم قال لي :

هي لك ،،،،،

لكن لهذا المال قصة يا بُنَي ، كنت أنا وأخي تاجرين كبيرين نذهب للهند والسند ، ونتاجر في الحرير والصوف، وكنا نخاف من اللصوص وقُطَّاع الطرق، وفي يوم من الأيام نزلنا منزلاً فقلت لأخي :

هذا المنزل يرتاده قطاع الطرق، وأنا أخشى على مالي ومالك، أعطني مالك كي أخفيه مع مالي في مكان آمن، ثم أرجع إليك، فإن أصبحنا وسلمنا أخذنا مالنا ومشينا....

يقول: وما كِدت أدخل في النوم مع أخي إلّا وجاء اللصوص وقتلوٱ من قتلوٱ، ونهبوٱ ما نهبوٱ، وما أفقت إلّا من حر الشمس في اليوم التالي ، وأخذت أبحث عن أخي فلم أجده لا بين الأحياء ولا بين الأموات، فدخلت بغداد وبنيتُ هذا البيت، وأخفيت هذا المال الذي هو مال أخي منذ عشرين عاما،

فإن متُّ فهو حلال لك، ثم نطق الرجل بالشهادتين ومات.

يقول: فأخفيت المال وخرجت على من يعينني على دفن هذا الشيخ، وبعد دفنه عدتُ لآخذ جرة المال، فبعد أن كنت فقيراً مُعدَماً أصبحت من أثرياء بغداد.

يقول: أخذت المال وذهبت إلى بائع الخضار وأعطيته ثمن العنب وأعطاني ثيابي ، ثم أردت أن أركب مركباً لأنتقل إلى الناحية الثانية من نهر دجلة ، فوجدت مراكب كثيرة، لكنني وجدت مركباً صاحبه يبدو عليه الفقر والعوز ، فركبت معه وقد أحزنني حاله، وقد هممت أن أعطيه من هذا المال الذي معي ، فبكى، ثم قال: والله ما كنت فقيراً في يومٍ من الأيام، فقد كنت تاجراً أذهب إلى الهند والسند ، وأتاجر في الحرير والصوف، وكان لي أخ لا بارك الله فيه قد إتفق مع اللصوص كي يقتلونني ويأخذوا مالي ، لكن الله نجَّاني ، إلى أن آل بي المآل إلى بغداد ...

يقول فٱسودَّت الدنيا في عيني مرة ثانية، لقد أصبحت الجرَّة من نصيب صاحبها، ولا بُدَّ للمالِ أن يعود إلى صاحبه ، تدخَّل الشيطان وقال لي: أعطه بعضه أو نصفه، إلى أن توقفت وقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقلت له: هذا المال مالك، فلم يُصدِّق الرجل، وحكيت له ما حدث بيني وبين أخيه، وأنني قد دفنته من ساعة فقط، فأخذ الرجل يبكي ويستغفر ربه لسوء ظنه بأخيه، ثم أراد أن يعطيني شيئاً من هذا المال فأبيت، لكنني طلبت منه أن يعذرني فى درهم العنب ..

يقول: فرجعتُ إلى بغداد مرة ثانية، فقيراً مُعدَماً كما خرجت منها من قبل.

وبينما أنا أسير إذ بالعسكر الذين يعملون في ديوان الخراج ينادون عليَّ ويقولون لي: نبحث عنك، فقلت:  سيسجنوننى لعدم دفعي إيجار الغرفة،ثم قالوا لي: لقد مات بالأمس أحد الكُتَّاب بالديوان ونبحث عنك كي تعمل بدلاً منه، فأدخلوني عندهم وأعطوني مُرتَّب شهر، فذهبت إلى صاحب الدار وأعطيته حقه في الإيجار إلى أن أصبحتُ وزيرا ...

إنه العالم الفقيه الوزير (ابن هُبَيْرة). المولود سنة 449 هجرية ، المتوفى 560هجرية.

قال عنه ابن الجوزي رحمه الله : خرج في جنازته ما لم يُرَ في جنازة غيره في عصره ...

" ومن يتقٍّ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكَّل على الله فهو حسبه " ...

سبحان مغيرالأحوال... اللهم بدّل أحوالنا  إلى  أحسن حال.

وسوم: العدد 944