في تنزيل حديث "لا يورد ممرض على مصح " على واقع المسلمين

ويأثم بعض الناس بصمتهم، عن الخلل ينتشر في حياة المسلمين..

وتخرج من بيتك سليما معافى، استجابة لنداء الله تعالى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ) فترى نفسك وقد صرت إلى مجلسك باننظار الصلاة، قد تكنفك مسلم عن يمينك، وآخر من بين يديك، كلهم قد ورم وجهه، لشدة ما نزل به من زكام معد، أو انفلونزا يتطاير شررها؛ وكل واحد منهم قد حمل معه علبة مناديل كاملة، وقد سبق الى الصف الأول تدينا، وتقربا الى الله، وما زال يعطس ويمخط، وبنشر العدوى والمرض في صفوف المسلمين!!

وقد لا يخطر ببال هذا المسلم الحريص على شعائر دينه، أن كف الأذى عن المسلمين، على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" هي أيضا من أوليات هذا الدين.

صحيح أن مطلق المرض، نحو الصداع الخفيف، وألم المفاصل غير المقعد، لا يعتبر عذرا في إسقاط حق الصلاة عن المكلف، ولكن المرض المعدي الذي ينشر البلاء بين المسلمين يسقط التكليف عن حضور الجمع والجماعات والمجامع ، بعلة عدواه، وليس بعلة قدرة صاحبه على احتماله، فتراه يتحامل على نفسه ويحضر طلبا للأجر ونرجو الله ان يسلم فيها من وزر..

إن انحسار مستوى الوعي الديني عن حياة عامة المسلمين إنما هو مسؤولية "المعلم الذي لم يعلم." "او المعلم الذي علم الخطأ والخطيئة وأصر عليهما". وأسمعه يقول للمستفتي، لو كانت عشرة دراهم وعدت بها، أكنت ستجد في نفسك قوة لتنهض إليها!!

حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يورد ممرض على مصح" كان سياق الحديث في الابل لا يورد صاحب الابل المريضة ابلَه على حوض ماء تشرب منه الابل الصحاح…!!

هل صارت سلامة البشر في فقه بعض الناس أقل قيمة؟؟!!

عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل هذه الشجرة - الثوم - فلا يقربن مصلانا"، فإنما راعى في هذا النهي أمرا تحسينيا ذوقيا، من الأذى الذي سيجده شركاء الجمعة والجماعة من أذى الريح.. فكيف الوقاية من المرض يتردد بين الضروري في الأمراض المعدية المهلكة، والعياذ بالله، والحاجي في الأمراض المعدية المضنية المتعبة مثل الزكام والسعال الفيروسي وأنواع الانفلونزا العابرة للأجسام..

هل من حق المسلمين ان يسمعوا توجيهات عامة على منابر التوجيه الشرعي. تحت قواعد لا ضرر ولا ضرار.. وكف الأذى، ولا يورد ممرض على مصح، فيظل الواعظ يعظ ايها المسلم المريض الذي يمكن لمرضه ان يستسلل إلى أخيه الزم بيتك، وابتعد عن كل مجامع المسلمين

ورحم الله جيلا كان يظل يؤكد علينا: أمران لا تقربهما الشرك بالله والإضرار بالناس.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1010