لنعيش مع القرآن الكريم

على المسلم أن يخطط مسار حياته  ،  ليعيش المتعة   مع أنس القرآن ،  يخصص الوقت ليعيش   راحة الروح في ظلال القرآن  ،  فيجعل   القرآن الكريم يشاركه حياته  ، فيكون أنيسه حين  التلاوة  ، يكون أنيسه حين  المدارسة  والحفظ  ، يجتهد في ذلك  قدر ما يستطيع  ، وفوق ذلك كله  يجعل  النفس تسيح في رحابه  فتسعد  بأحكامه يتمثل  قوله تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) .

وقد  وجدت قبس كلمات  نورانية ، اقتطفتها من كتاب  الداعية زينب  الغزالي رحمها الله  في كتابها نظارات في كتاب الله ، وجدت فيه ، مالم أجده في غيره ، وجدت فيه كلمات تعبر عن ذاتي ، تعبر بصدق  عن أثر القرآن في نفس المسلم ، تعبر عن ما يحسه كل مؤمن .

 تقول  في كلماتها  :  ( أنا أحببت القرآن حتى عشته ، فلما عشته أحببت أن أدندن به لمَن أحب ، فدندنت بعض دندنة المفسرين ، ولا أقول إني مفسرة ، ولكني أقول : إنني محبة للقرآن ، عاشقة له ، والعاشق يدندن لمن يحب ، والعاشق يحكي لمن يحب ، ويجالس من يحب ، ويعانق من يحب ، فعانقت القرآن، وتحدثت به ، وله في جميع الملايين من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، وعشت أدندن به في المساجد لأكثر من ستين عاماً ، أي عمر الدعوة  التي أسستها في المساجد منذ 1937  ).

إن  العيش في بحبوحة  القرآن لها  طعم و مذاق  لا يعرفه إلا من عاش نفحاته    ، من عاش يسبح به  في الأسحار ، يسبح به في الخلوات   ، من عاش  مع آياته تدبرا   ، من ساح في روائع  قصصه ، من عاش  معه  يقتبس  منه  العبر .

 حين نقرأ ونتدبر آياته  ، تسكن النفس وتهدأ ، تنضبط الأوزان والحركة ، فتجدنا نسيح مع  الكون بإشراقة  الأمل ، في آياته تفتح  لنا  أبواب الرزق المكتوب  ، يحصل ذلك كله   حين تقرأ الآيات  في خشوع و تدبر  .

يقول الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [سورة الملك: 15]. 

ويقول المولى عز وجل :  ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ﴾   من  سورة الطلاق  .

إن الذي يحيا بالقرآن  يعش أفراحا لا يعيشها المفتون أو الشخص المضطرب المهتز النفس ،  البعيد عن حياض القرآن ،  يكفي العبد أن يقرأ الآيات  في أوقات خاصة   مع نفسه أو أهله وأبنائه ، فنبصر  السعادة المفقودة  ، وهي سعادة  ميسرة في ظلال القرآن ، ميسرة  في واحة القرآن  ، ميسرة حيث الحياة الطيبة المستقرة  ، هي  لمن  يريد العيش  بالقرآن  ، و السفر  مع سفينة القرآن  ،  التي ترسو في شواطئ الآمان و السعادة. 

  إن الذي  يفضل العيش  في أحضان القرآن سيدرك   الآمان و راحة البال المفقودة   يقول الله تعالى  : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فلتحيينه حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾      من  سورة النحل الآية: 97 ).

وحتى تطيب نفس  اقتطفت لكم من روض الشعر أبياتا  رائعة تتغنى بالقرآن وقارئ  القرآن المنشد محمد العزاوي رحمه الله : 

يا قارئ  القرآن بشراك النعم

لا خوف في دنياك تلقى أو ألم

هذا كتاب خلدت أسماؤه

وحروفه محمودة منذ القدم

هذا كتاب الله نور لم يزل

تحيا به كل الخلائق و الأمم

وسوم: العدد 1062