من المحنة إلى المنحة

حسام العيسوي إبراهيم

من المحنة إلى المنحة

حسام العيسوي إبراهيم

[email protected]

تشابه في الألفاظ، لكنه تباعد في المعنى المقصود، المنحة عطية من الله، يظهر فيها المؤمن حمده وشكره، ويمتن بما حباه الله به، أما المحنة، فهي إبتلاء شديد، وعسر، وشدة، فما أبعدهما في المعنى، وتقاربهما في الألفاظ.

من صفات المؤمن السليم أنه يحول المحنة إلى منحة، فكلما أصابته ضائقة من بلاء أو حزن أو غير ذلك، فإنه لا ينظر إلى المحنة، لا ينظر إلى الشدة والعسر، لكنه ينظر إليها أنها منحة من الله – عزوجل- ابتلاه بها وقدّرها له.

حينما خرج النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى غزوة بدر، فإنه لم يرد الحرب، أراد- صلى الله عليه وسلم- عيراً، فقدّر الله نفيراً، قدّر المنحة، فأراد الله المحنة والاختبار. لكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حوّل المحنة إلى منحة، وقف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعو الله- عزوجل- ويبتهل إلى ربه ومولاه "اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد اليوم" ، اجتهد- صلى الله عليه وسلم- في الدعاء حتى أشفق عليه أبو بكر، وقال يا رسول الله: هوّن على نفسك، فإن الله سينجز لك ما وعدك.

وفي غزوة الأحزاب- حينما اجتمع المشركون من كل صوب وحدب- يريدون تمزيق الأمة- حوّل الصحابة المحنة إلى منحة، فقال تعالى حكاية عن حالهم: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً}[الأحزاب:22]، وأخبر عنهم في موضع آخر: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم}[آل عمران:174،173].

هكذا المؤمن يحول المحنة إلى منحة من الله- عزوجل-، وهكذا ينبغي أن يكون حالنا في هذه الأيام- التي تتابعت فيها المحن على الأمة- فهل لنا أن نحول المحنة إلى منحة؟ نحولها بالدعاء والتقرب إلى الله- تعالى- نحولها بالتوبة، نحولها بالعمل الصالح، نحولها بمعالجة أخطائنا، وتصويب نياتنا، بهذا تتحول المحنة إلى منحة من -الله عزوجل.

اللهم آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشداً، اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين.