خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها

خولة بنت ثعلبة

رضي الله عنها

هل تعلمون من هي الصحابية خولة بنت ثع لبه

خولة بنت ثعلبة صحابية جليلة من الأنصار، وزوجة الصحابي المجاهد أوس بن الصامت، أخ الصحابي البطل عبادة بن الصامت، وقد اشتهرت خولة بأنها الصحابية الصابرة المؤمنة، التي نزلت فيها سورة المجادلة.

كانت خولة من ربات البلاغة والفصاحة والجمال، وعاشت مع زوجها حياة فقيرة معدمة، ولكنها كانت سعيدة وراضية بما قسمـه الله لها، وذات يوم وبينما خولة تصلي راكعة ساجدة، وما إن أنهت صلاتها حتى جاءها زوجها أوس مداعباً، فنفرت منه، فاحتار وتملّكه الغضب، فحرّمها على نفسه كما حُرّمت عليه أمه، وقال لها قول الجاهلية:

"أنت عليّ كظهر أمي"، وكان هذا القول في الجاهلية أشد أنواع الطلاق، إذ لا رجعة للزوجة فيه إلى زوجها، وعُرف باسم (الظهار).

فلما سمعت خولة هذا القول من زوجها تألّمت كثيراً، وذهبت إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، شاكية إليه يمين زوجها، قائلة له:

"إن أوساً تزوجني وأنا شابة مرغوب فيَّ، وبعد أن كبرتْ سني، ونثرتُ له ما في بطني، وكثُر ولدي، جعلني كأمّه، ولي منه صِبْيَةٌ صغار، إن ضمّهم إليه ضاعوا، وإن ضممتُهم إليّ جاعوا، أكلَ مالي، وأفنى شبابي، حتى إذا كبرتْ سنّي وانقطع ولدي، ظاهَرَ مني..."

قالت عائشة رضي الله عنها: ولم تزل تشتكي إلى رسول الله حتى بكيت وبكى من كان معنا من أهل البيت رحمة لها ورقة عليها، فبينما هي كذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمه، نزل عليه الوحي، ونفسُ خولة تكاد تخرج خوفاً من أن تنزل الفرقة والأمر بالطلاق.

وبعد أن نزل الوحي سُرّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم وقال:

"يا خولة! قالت: لبيك، ونهضت إليه قائمة بفرح، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:أنزل الله فيك وفيه، -أي زوجها- ثم تلا عليها قوله تعالى:

 قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ* الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ* وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (سورة المجادلة 1– 4).

ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: مُريه أن يعتق رقبة.

فقالت: وأي رقبة؟ والله ما يجد رقبة وما له خادم غيري.

فقال لها: مُريه فليصم شهرين متتابعين.

فقالت:

والله يا رسول الله ما يقدر على ذلك، إنه ليشرب في اليوم كذا وكذا وكذا مرة، وقد ذهب بصره مع ضعف بدنه.

 قال: مُريه فليطعم ستين مسكيناً وَسْقاً من تمر.

قالت: والله يا رسول الله ما ذاك عنده.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فإنّا سنعينه بعرق من تمر.

فقالت: وأنا والله سأعينه يا رسول الله بعرق آخر.

 فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم:

"أحسنتِ وأصبتِ فاذهبي وتصدَّقي عنه، واستوصي بابن عمك خيراً.

قالت: فعلت".

وذات يوم وبينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه خارجاً من منزله أيام خلافته استوقفته خولة طويلاً ووعظته قائلة له:

- يا عمر، كنت تدعى عُمَيْراً، ثم قيل لك عمر، ثم قيل لك يا أمير المؤمنين.. فاتّق الله يا عمر.. فإن من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب..

وعمر رضي الله عنه واقف يسمع كلامها بخشوع، فقيل له:

- يا أمير المؤمنين، أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف كله؟!

فقال عمر:

والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما زلت "إلا للصلاة المكتوبة".

ثم سألهم: أتدرون من هذه العجوز؟

قالوا: لا.

قال رضي الله عنه:

- هي التي قد سمع الله قولها من فوق سبع سماوات.. أفيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟!!"

رضي الله تعالى عنه وأرضاه وأرضاها.،،، 

هذا الذي يستحق ان يقال عنه من اروع ما قرأت...

تستحق التأمل ....

من تفسير سورة المجادلة للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى.