الأمل المنشود ونبذ القنوط

هايل عبد المولى طشطوش

[email protected]

الأمل هو انشراح النفس في وقت الضيق والأزمات؛ بحيث ينتظر المرء الفرج واليسر لما أصابه،، والأمل يدفع الإنسان إلى إنجاز ما فشل فـيه من قبل، ولا يمل حتى ينجح في تحقيقه. .... من النعم العظيمة على هذه الامة هو وجود مقومات الامل وعناصرة في صلب ديننا الحنيف ، فقد رفض الاسلام القنوط من رحمة الله والياس من عطائة والركون والاستسلام الى نوائب الدهر وصروفه ، الاسلام دين العمل والامل والحركة والبركة فقاعدتنا الذهبية  هي :" اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا والعمل لاخرتك كأنك تموت غدا "،  ان هذا النص العظيم يدفع المؤمن الى السعي والبذل والعمل والنشاط والانطلاق نحو البناء والانجاز وعدم الجلوس رهين الحزن والخوف من المجهول والتسويف وتوقع المستقبل وندب الحظ على ما فات ، منطلقا من الامل بالله والثقة به جل في علاه ،وقد وردت نصوص عظيمة كثيرة في كتاب الله العزيز ترفض اليأس والقنوط وتحذر المسلم منه لانه سبيل الدمار وخراب العمران ، قال تعالى :" ولا تيأسوا من روح الله انه لاييأس من روح الله الا القوم الكافرون " (يوسف 87) ،فالانسان مهما كان ومهما بلغ من المراتب والمناصب فانه لايسلم من صروف  الدهر ونوابة فقد يصاب المسلم في بدنه او في ولدة اوفي مالة او منصبة وهذه ارادة الله سبحانه وتعالى حيث قضى ذلك في كتابة العزيز حين قال :" ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين . الذين إذا أصبتهم مصيبة قالوا إنا لله وأنا إليه راجعون ) وهنا تظهر قوة المسلم وثقته بالله وتوكلة علية  فالمسلم يواجه الشدائد بثبات وإرادة قوية ويتوكل على الله ويعلم أن البلاء في الدنيا ونكبات الأيام لا يخلو منها امروء على وجه الارض وقد حث الله -عز وجل- على ذلك، ونهى عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته، فقال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر: 53].

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة (نخلة صغيرة)، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسَها فليْغرسْها) ، ولنا في سير الانبياء عليهم السلام وفي سيرة نبينا الكريم على وجه الخصوص قدوة حسنه في باب الامل والثقة بالله وعدم اليأس والقنوط ، فهذه قصة ايوب علية السلام وقصة يوسف وقصة موسى والامل الذي كان في قلب يعقوب وصبرة على ولدة يوسف ... الخ كلها سير عظيمة ترشدنا الى انتظار فرج الله ورحمتة والابتعاد عن القنوط والنزوع نحو هوى النفس والشيطان.

ومن فوائد الامل ومنافعه  انه يدفع الإنسان دائمًا إلى العمل، ولولا الأمل لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومجابهة مصائبها وشدائدها، ولولاه لسيطر اليأس على قلبه، وأصبح يحرص على الموت، ولذلك قيل: اليأس سلم القبر، والأمل نور الحياة. وقيل: لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس.

وقال الشاعر:

لا خير في اليأس، كُلُّ الخير في الأمل

أَصْلُ الشجـاعـةِ والإقدام ِفي الرَّجُـلِ

وقال آخر

أُعَلِّلُ النَّفــْسَ بـالآمــال أَرْقُـبُــها

ما أَضْيَقَ الْعَيْـشَ لولا فُسْحَة الأمل

فالإنسان يصبر على ضنك الحياة وضيق العيش في الدنيا على أمل أن يفرج الله همومه، ويوسع عليه، ولولا ذلك لضاق الإنسان بمعيشته،واصابة اليأس والاحباط حينها يهتز الكيان الاجتماعي وتضطرب الحياة ويعود الناس الى الخراب بدلا من العمران والبناء.