الصدقة تطفئ غضب الرب

رضوان سلمان حمدان

وتدفع ميتة السوء

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:  »لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيم علم  «الترمذي وحسنه الألباني.

إن المال سبب موصل إما إلى الجنة وإما إلى النار، فمن استعان به على طاعة الله، وأنفقه في سبل الخيرات، كان سبباً موصلاً إلى رضوان الله والفوز بالجنة، ومن استعان به على معصية الله، وأنفقه في تحصيل شهواته المحرمة، واشتغل به عن طاعة الله، كان سبباً في غضب الله عليه واستحقاقه العقاب الأليم.

لقد رغب الإسلام في الصدقة، والعطف على الفقراء، ومواساة أهل الحاجة والمسكنة، ورتب على ذلك أعظم الأجر عند الله تعالى يوم القيامة. فعن أبي سعيد الخدري http://www.kalemat.org/gfx/article_ratheya.gifأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجل يصرف راحلته في نواحي القوم فقال: «من كان عنده فضل من ظهر - أي مركوب- فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له» قال ابن مسعود: حتى رئينا أنه لا حق لأحد منا في فضل !! [مسلم[

وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة تظل العبد يوم القيامة وتحول بينه وبين حر الشمس حينما تدنو من الرؤوس. فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي له صلى الله عليه وسلم قال:  »كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس» أحمد والحاكم وصححه الألباني.

وبين صلى الله عليه وسلم أن أجر الصدقة يقع مضاعفاً إلى سبعمائة ضعف يوم القيامة، فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال صلى الله عليه وسلم: » لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة». مسلم.

والصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : »إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء» الترمذي وقال: حسن غريب.

وأخبر الله سبحانه وتعالى أن الصدقة زكاة وطهارة للمسلم، حيث تزكو نفسه وترتفع عن أخلاق السفلة من الشح والبخل ولأثرة وغيرها قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم﴾ التوبة:103.

وبين صلى الله عليه وسلم أن الصدقة لا تنقص المال، بل تزده بما يحصل فيه من بركة الإنفاق والعطاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّه ». مسلم.

إن الإنفاق يشمل الزكاة المفروضة، والصدقة النافلة، والإيثار والمواساة للإخوان.

صور من إنفاق السلف

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك عندي مالا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، إن سبقته يوما قال: فجئت بنصف ما لي. فقال صلى الله عليه وسلم: »ما أبقيت لأهلك»؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله !! فقلت: لا أسابقه إلى شيء أبداً [أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح[.

وكان عثمان رضي الله عنه من المنفقين أموالهم في سبيل الله، فعن عبدالرحمن بن خباب قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العسرة، فقام عثمان فقال: يا رسول الله ! علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ثم حض على الجيش فقام عثمان فقال: يا رسول الله ! علي ثلاثمائة عير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل على المنبر وهو يقول:  »ما على عثمان ما فعل بعد هذه.. ما على عثمان ما فعل بعد هذه«  الترمذي وقال: غريب وله شواهد.

وروي عن سعيد ين العاص أنه كان يعشي الناس في رمضان، فتخلف عنده ذات ليلة شاب من قريش بعدما تفرق الناس، فقال له سعيد: أحسب أن الذي خلفك حاجة؟ قال: نعم! أصلح الله الأمير. قال: فضرب سعيد الشمعة بكمه فأطفأها ثم قال: ما حاجتك؟ قال: تكتب لي إلى أمير المؤمنين أن علي دينا، وأحتاج إلى مسكن وخادم. قال: كم دينك؟ قال: ألفا دينار، وذكر ثمن المسكن والخادم، فقال سعيد: تكفيك مؤونة السفر، اغد فخدها منا. فكان الناس يقولون: إن إطفاء الشمعة احسن من إعطائه المال، لئلا يرى في وجهه ذل المسألة!!

وللإنفاق مجالات عديدة جداً يصعب حصرها، ولكن يمكن الإشارة إلى بعض هذه المجالات على سبيل الاختصار:

* الإنفاق على الفقراء والمحتاجين وإسقاط الديون عن المدينين.

* بناء المساجد والإنفاق عليها وعلى الأئمة والمؤذنين والقائمين عليها.

* سقي الماء وحفر الآبار في الأماكن التي لا يصل إليها الماء.

* إطعام الطعام وشراء الملابس وتوزيعها.

* الإنفاق على طب العلم وشاء الكتب والأدوات الدراسية لهم.

*  طباعة الكتب والأشرطة الإسلامية وتوزيعها.

*  توزيع المصحف الشريف على الشعوب الإسلامية في العالم

*  الإنفاق على حلقات تحفيظ القرآن الكريم ورصد المكافآت للطلاب والمدرسين.

* بناء المدارس ودور العلم والمستشفيات.

* بناء الملاجئ ودور الأيتام والمسنين والمساكن للغرباء من طلبة العلم وأبناء السبيل.

* الصدقة على فقراء الحجاج والمعتمرين والزوار وتوفير الطعام والشراب والمراكب لهم.

* الإنفاق على الأرامل والأيتام وكبار السن.

* الإنفاق على الجهاد والمجاهدين ودعم المستضعفين من المسلمين في كل مكان.

* مساعدة الشباب المسلم على الزواج.

* الإنفاق على الدعاة وإرسالهم إلى مشارق الأرض ومغاربها.

* رعاية الأقليات المسلمة في العالم، وربطهم بدينهم حتى لا تذوب هويتهم الإسلامية.

* تخصيص الأموال للجوائح والعوارض الطارئة كالحرائق والأمراض والكوارث والزلازل والسيول وغيرها.

* الإنفاق على مغاسل الأموات التي تقوم بتجهيز الموتى مجاناً.