رسالة المراقب العام

رسالة المراقب العام

فضيلة المراقب العام

أبو حازم محمد رياض الشقفة

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الكرام أبناء هذه الجماعة المباركة بإذن الله:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فَلَئِن قدَّر الله علينا أن نتفرّق في أرجاء الأرض.. فإنّ في ذلك خيراً كثيراً بإذنه تعالى، فالمِحَن مِنَح، وما علينا إلا أن نصبر ونحتسب ذلك عنده جلّ وعلا، لننال مرضاته سبحانه.

ولئن تناءت بنا الديار، فقد تقاربت القلوب واستمر تواصلها، ولطالما استحضرنا في أذهاننا إخواننا ونحن نردِّد ورد رابطتنا: [اللهمّ إنك تعلم أنّ هذه القلوب قد اجتمعت على محبّتك، والتقت على طاعتك، وتوحّدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك، فوثِّق اللهمّ رابطتَها، وأَدِم ودَّهَا، واهْدِها سُبُلَهَا، واملأها بنورك الذي لا يخبو، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك، وجميل التوكّل عليك، وأَحْيِهَا بمعرفتك، وأَمِتْهَا على الشهادة في سبيلك، إنك نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير].

أيها الأحبة الأعزاء:

أتوجّه إليكم بهذه الرسالة، في هذه الأيام المباركة، أيام العشر الأُوَل من ذي الحجة، التي أقسم الله سبحانه وتعالى بلياليها، على قول كثيرٍ من المفسِّرين، إذ قال: (والفجر وليالٍ عشر). وهي من أفضل الأيام، كما ورد في فتح الباري، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ما مِن أيامٍ العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء].

الإخوة الكرام:

أتوجّه إليكم بهذه الرسالة، والحُجّاج يتوجهون إلى مكة المكرمة، لأداء مناسك الحج، والوقوف بعرفة التي يغفر الله فيها لعباده، مغفرةً يحزن لها الشيطان، فإنه ما رُئيَ أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة.

نسأل الله سبحانه وتعالى، أن يغفر لنا جميعاً، في هذه الأيام المباركة التي ختامها يوم النحر، أول أيام عيد الأضحى المبارك،  فكل عامٍ وأنتم بخير، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبّل منا صالحَ الأعمال.

وبهذه المناسبة المباركة، أتوجّه إلى إخواني بجملةٍ من الوصايا والنصائح:

- استثمروا هذه الأيام المباركة، بذكر الله تعالى، وأكثروا من تلاوة القرآن، ومن الذكر والاستغفار، والتسبيح والتحميد، والتكبير والتهليل، والدعاء.. وسائر العبادات.

- أذكِّركم بصيام هذه الأيام ما استطعتم، فقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي الله عنه، عن الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ما من عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله، إلا باعَدَ الله بذلك اليوم وجهَه عن النار سبعين خريفاً).

- صوموا يومَ عرفة خاصة، لما جَاء في صحيح مسلم، عن أبي قتادة، رضي الله عنه، قال: سُئلَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن صوم يوم عرفة؟ قال: يكفِّر السنة الماضية والباقية.

- وأذكِّر إخواني، بأخوّتنا ومحبّتنا، فهي من أعظم مِنَن الله علينا، فليسامح بعضنا بعضا، تقرّباً إلى الله سبحانه وتعالى، وخزياً للشيطان الذي يريد بنا الفرقة والتنابذ والتقاطع:

 جاء في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُفتَحُ أبوابُ الجنّة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفَر لكلّ عبدٍ لا يُشرِك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا! انظروا هذين حتى يصطلحا!).

- زوروا إخوانَكم، وصِلوا أرحامَكم، وتفقّدوا مَسَاكينَكم، وذكِّرو مَن حولَكم بالطّاعات، وتناصَحوا فيما بينكم، فالدِّين النصيحة.

- ولا يفوتنّكم أمر الأضاحي، فأجر الله عظيم لمن بذل مالاً، أو ساهَمَ بجهد، أو ذكَّر بهذه العبادة العظيمة.

في الختام: أسأل الله لكم، أياماً سعيدة، وأعماراً في طاعة الله مديدة، وعطاءً لا يتوقف، فأنتم الأمل، وبكم بعد الله سبحانه وتعالى يتحقّق الخير لبلدنا وشعبنا إن شاء الله،  في الحرية والعدالة، والمساواة، واحترام كل قِيَمِ الخير التي حملها ديننا الحنيف، وتحققت بها سعادةُ البشرية. والحمد لله رب العالمين.. والله أكبر ولله الحمد.

الأحد في 1 من ذي الحجة، الموافق لـ 7 من تشرين الثاني 2010

                             أخوكم

                         المراقب العام