عندما تشرق الشمس

حسام العيسوي

[email protected]

عندما نظرت إلى المكان الذي كنت أصلي فيه وجدت أن الشمس غابت لبعض الوقت ، فوجدت أن المكان أصبح كئيباً لا تكاد تتلذذ بطعم الحياة من حولك ، كل شيء حولك في سكون ، الهواء في سكون ، والناس في سكون ، كل من حولك في سكون . إحساس غريب كأن الدنيا توقفت عن الحركة من حولنا ، وفجأة ظهرت الشمس وعادت إلى الشروق من جديد ، فتغير كل شيء من حولنا ، وكأن الحياة عادت من جديد ، وكأن الكائنات استنشقت روح الحياة فأخذت تؤدي وظيفتها في هذا الكون . هكذا نحن بالإسلام إذا تنسمنا روح شعائره ، وعشنا بمنهاجه في شئون حياتنا فإن الحياة تتغير من حولنا ، لا يكاد الإنسان يشعر بالهموم والأحزان ، ولا يعيش روح الذل والهوان ، بل تجد أن الإنسان يعيش في هذه الحياة وكأنه في الجنة ونعيمها ، الكبير يرحم الصغير ، والغني يعطف على الفقير ، والعزيز يرحم الذليل . ترى أن الحياة تدور في دورتها الطبيعية ، لأن من جد وجد ومن زرع حصد ، ومن تكاسل وأهمل فهو من الخاسرين الذين تتجاهلهم الحياة من حولها لأنهم أصبحوا هامشاً لا يستحقون التقدير والاهتمام ، وهكذا عبَّر ربنا – تبارك وتعالى – في كتابه العزيز " أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " [ الأنعام – 122 ] . وعندما تغيب الشمس – شمس الإسلام – ترى أن الإنسان ليس هو الإنسان ، ترى الصراعات والحروب ، ترى روح العداوة والبغضاء تنتشر بين أهل الأرض ، ترى الأخ يستحل نصيب أخيه ، وترى أن الأب فقد الرحمة والحب اللذان أودعهما الله في قلبه ، ترى أن الموازين قد تغيرت ، فالمفسدين تراهم هم القادة والزعماء ، والمصلحين تراهم يصارعون البقاء . ينتشر الفساد ، ويكثر الطغيان ، ويتلذذ الإنسان بتعذيب أخيه الإنسان ، الدنيا يتغير لونها فلا تجد فيها إلا السحاب المعبأ بأدخنة المدافع والدبابات ، وترى المياه التي لوثت بفعل حب المال والوصول إلى السلطان . التعليم يصبح مجرد صورة لا حقيقة لها ولا تعبِّر عن واقع ، التربية فيه مفقودة ، والقدوة فيه موءودة ، عطلت فيه وسائل الإدراك . هذا لأن الهدف غير موجود ، والغاية غير معلومة وصدق خير القائلين " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى " [ طه – 124 ] . فالأمر يحتاج :

 إلى تضافر الجهود وتكاتف الأيدي ، يحتاج إلى الأهداف المرسومة ،والأماني المرجوة التحقيق ، دعونا من الأسماء وهيا نعيش المسميات ، فإن خطوة واحدة نحو الأمام تغير سواد الظلام ويتبعه نور النهار .