ماحقيقة بكاء السماء والأرض؟

د. محمد السقا عيد

[email protected]

استشاري طب وجراحة العيون

تظهر بعض الآثار النفسية على الإنسان الذي يفقد عزيزاً وقد تتفاوت تلك الآثار نظراً لأهمية ومكانة الشخص المفقود، هذا على المستوى العام الذي يمر به جميع الناس، إلا أن هناك نوع آخر تختل فيه الموازين وتتغير لفقده الأحوال.يقول تعالي: (إنك ميت وإنهم ميتون) الزمر 30. قد نجد أحياناً أن الموازين الأرضية تأخذ المجرى المخالف لنصوص القرآن الكريم فقد تهرع الناس لموت أهل الضلال أو من يلحق بهم في عرف الأرض وهذا ما أكده النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله: "يأتي زمان على الناس الشريف فيما بينهم فاسق والفاسق فيما بينهم مستشرف" وهذه الحسابات الأرضية لا تعادل شيئاً عند الله تعالى، لذلك أشار إلى هذا النوع الهالك بقوله تعالي: ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) الآية 29 من سورة الدخان.

فما حقيقة بكاء السماء والأرض في القرآن الكريم؟

يقول الشيخ رسلان -حفظه الله - فى كتابه حقيقة الدنيا و حقيقة الموت:-

إن العبد إذا مات ؛ و كان صالحا ساجدا لله رب العالمين؛ بكى عليه موضعان : مسجده في الأرض؛ و مصعد عمله في السماء؛ يبكيان بكاء حقيقيا؛ كما قال الله رب العالمين في أحوال المكذبين : ( فما بكت عليهم السماء و الأرض ) 'الدخان:29'؛ فدلت على أن السماء و الأرض تبكيان على آخرين ليست هذه صفتهم؛ و ليس هذا حالهم؛ و ليس ذلك نعتهم.
يبكي موضع سجوده في الأرض؛ و مصعد عمله في السماء لأنهما فقدا الذي يتجانس معهما في كونه طائعا لله رب العالمين.

وهذه الآية الكريمة  في جملة آيات  تتحدث عن هلاك فرعون وقومه، وفيها اخبار أن السماء والأرض لم تبكي عليهم وذلك: لهوانهم وحقارتهم عند الله سبحانه وأنهم أهون هالك لأنهم لم تكن لهم آثار صالحة ليبكي عليهم أحد أو تبكي عليهم الأرض والسماء .

 وفي كتب المفسرين من الفريقين توجد روايات ذكرت أصنافا أن السماء والأرض تبكي عليهم حين موتهم ، علي ثلاثة أقوال:

الأول: أنه سبحانه أراد المبالغة في وصف القوم بصغر القدر فإن العرب إذا أخبرت عن عظم المصاب بالهالك قالت بكاه السماء و الأرض و أظلم لفقده الشمس و القمر.

الثاني: أن معناه لم تبك عليهم أهل السماء و الأرض لكونهم مسخوطا عليهم عن الحسن فيكون مثل قوله حتى تضع الحرب أوزارها أي أصحاب الحرب و نحوه. 

الثالث: أن يكون ذلك كناية عن أنه لم يكن لهم في الأرض عمل صالح يرفع منها إلى السماء . و قد روي عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية فقيل و هل يبكيان على أحد؟ قال نعم مصلاه في الأرض و مصعد عمله في السماء. و روى أنس عن النبي (صلى الله عليه واله وسلّم) قال ما من مؤمن إلا و له باب يصعد منه عمله و باب ينزل منه رزقه فإذا مات بكيا عليه.

وأما الأقوال في معنى بكاء السماء والأرض فثلاثة: 

 القول الأول: ان بكاءهما بكاء حقيقي، كما يظهر من كلمات بعض : 

الطبرسي حيث نقل عنه الشيرازي في الامثل: إنّ بكاء السماء والأرض بكاء حقيقي، حيث تُظهر احمراراً خاصاً غير احمرار الغروب والطلوع.

 القول الثاني : أنه حمرة أطرافها ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعطاء وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن عطاء - رضي الله عنه - قال : بكاء السماء حمرة أطرافها.  

القول الثالث: أنها أمارة تظهر منها تدل على حزن وأسف .

و من الأشياء الغريبة والملفتة للانتباه والتي يصرح بها العلماء اليوم ما يقوله البروفيسور ويتل في خبر علمي :

"the cry from the birth of the cosmos can be heard".

"يمكننا سماع البكاء الناتج عن ولادة الكون".

 هذه التصريحات جاءت في مقالة بعنوان: "سماع بكاء ولادة الكون" على أخبار bbc في خبر منشور بتاريخ 23-6-2004 والرابط هو:

http://news.bbc.co.uk/1/hi/sci/tech/3832711.stm

وهذه الآية التى نحن بصدد التحدث عنها تتحدث عن بكاء السماء: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ)  الدخان: 29. و الأعجب من ذلك أن هذه الآية التي تتحدث عن بكاء السماء وردت في سورة الدخان!.

وهذا الخبر العلمي يعطي إمكانية حدوث الصوت والبكاء وغير ذلك مما لم نكن نفهمه من قبل. وهذا يؤكد أن كل كلمة في القرآن هي الحق، بل لماذا لا يكون هذا الصوت الكوني هو امتثال لأمر الله تعالى؟ فجميع العلماء يؤكدون أن توسع الكون وتمدد الغاز فيه أحدث هذه الأصوات ونتج عن هذا التمدد النجوم التي نراها اليوم.