الأذان.. حقيقة الإيمان والتبليغ

معمر حبار

[email protected]

مقدمة التلميذ القارئ

كان اللقاء الأول، يوم 20 ماي 2012، بمحطة قطار الشلف، حينما نلت شرف استقبال، الأستاذ، والطبب، والوزير سابقا، سعيد شيبان، واتجهنا مباشرة إلى جامعة الشلف، حيث ألقى محاضرة هناك. وفي المساء، وبمقر والي ولاية الشلف، رأيته منكبا على قراءة كتاب باللغة الفرنسية، وهو يضع ملاحظاته على الهامش، وحينما أعلمته، أنني أتعامل بنفس الطريقة مع الكتب، سألني عن الكتاب، الأكثر إبداعا، لدى المفكر مالك بن نبي، رحمة الله عليه، فأجبت دون تردد،باعتباري قرأت كل كتب مالك بن نبي، إنه "الظاهرة القرآنية"، فرد على الفور، أنا كذلك أملك نفس نظرتك،وأقول ماقلته. ثم أخرج ورقة عنوانها:" l’Adhan-attestation de foi- et le devoir de transmettre"، إذ هي مقالة له، طلب مني بأدب وأبوة، أن أترجمها له. فقلت دون تردد، ياأستاذ، أنا لاأملك البراعة والإبداع، الذي تملكه في اللغة الفرنسية، فرد في ثبات ويقين، بل تملك يابني، لكنك متواضع، ثم واصل قائلا: توكل على الله، وأنا متأكد من سلامة ترجمتك.

ترجمة النص

قبل الدخول في الإسلام، ينطق المؤمنون الشهادة، حاملين بذلك شهادتهم على وجود الله الأحد، وحقيقة إرسال رسوله عليه الصلاة والسلام من طرف الله تعالى كخاتم الأنبياء.

هذه الحقيقة تمارس 6 مرات كل يوم: واحدة قبل طلوع الشمس وأخرى أثناء الغروب، 2 أثناء النهار و 2 بعد غروب الشمس، تجدها حيث يوجد المسلم، وفوق المآذن، أو عبر مكبر الصوت في المساجد، وتعاد من طرف المسلمين المؤمنين مع ترديد كل أذان. وتجدها كذلك في حالات متعددة: أثناء التشهد في الصلاة قبل النوم، وأخيرا حينما يلفظ المؤمن أنفاسه، أو يقولها المحيطين به، ليذكروه بها.

مذ خلق الله الأرض، تُعلََن هذه الحقيقة في كل مكان، حيث يوجد المسلمون دون انقطاع منذ الآذان الأول للصحابي بلال بن رباح، رضي الله عنه، بموافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك منذ 1433 سنة.

حينما أعلنُ الشهادة، فأنا بذلك أؤكد ، مايصرّح به القرآن الكريم في الآية 173 و 173 في سورة الأعراف، " َوَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ۛشَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَالأعراف - الآية 172-173.

عقيدتي أنه لايوجد إله إلا الله، وذلك مذ أن تلقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الوحي عن ربه الأعلى، بواسطة الملك جبريل عليه السلام، الملك الذي نقل إليه كلام الله مدة 23 سنة التي تطلّبها الوحي، و بعثة الرسول.

منذ وصول الأوائل من المسلمين تباعا لبلدانهم، وبمجرد ماأمكن إقامة المجتمع الإسلامي بعد توقف الفتوحات، حينما كانوا يحكمون، وقبل أن يُعرف الهدف من مجيئهم مع علمهم لم يكونوا هنا من أجل الهيمنة أو الاستدمار، ولكن لنقل الدين الجديد، المتمثّل في كون شخص من مكة  صاحب أخلاق مثالية، قد بُعث لنشر كلام الله، المتمثل في القرآن، والدين الإسلامي، وتحمّل بِِجَََلََدٍٍٍ كل أنواع العَدَاء من طرف كفار موطنه الأصلي، الذي نشأ فيه مدة 13 سنة، قبل أن يُستقبل من طرف سكان مدينة اسمها يثرب، حاليا المدينة، تبعد 400 كلم عن مكة.

أمنوا برسالته، وتمسّكوا بدينه مقيمين الصلاة، وصيام شهر رمضان، ثم الحج إلى مكة الذي يعتبر القِسم الأساسي لهذه الشعائر، بالنسبة لكل إنسان يريد أن يؤديه، لأنه في الديانات الأخرى، الحج لايملك طابع الإلزام، المسلم يؤكد إيمانه، بزيارته للأماكن التي زارها الرسول، آثار مرور إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لبيت الله المقدس، أول بيت بني للناس.

يلتقي مع جيل الصحابة الذين عاشوا مع رسول الله وقاموا بنفس الشعائر، طبقا لنفس الأحكام، مرددين نفس كلام الله الذي نقل عبر الأوائل من المسلمين القادمين إلى بلدانهم ; يلتقي بالمسلمين من الجهات الأربع من العالم، يشهدون بنفس الدين الذي نقل إليهم.

هذا الحج الذي انطلق في السنوات الأولى للإسلام من طرف كل قبيلة، ويستمر كل سنة عبر الحج الأكبر، وكل يوم على شكل عمرة، دون زيادة أو نقصان، وهي التظاهرة غير المنقطعة مذ تبني الإسلام عن رضا، وقناعة الذي يعتبر دين الله لمسلمي العالم.

هذه الشعيرة والسلسلة غير المنقطعة، تشهد بوجود الله الأحد، وحقيقة الوحي الموحى إلى الرسول محمد، يدل بامتياز على الصدق الإلهي للإسلام.

 

اختلاف الأديان الأخرى، تحريفها عبر الزمان والمكان، انعدام السلسلة المتواترة يحث الآخرين الذين ورثوا الإسلام عن آبائهم وأمهاتهم،خلال كل هذه القرون، والتي شوهت خاصة في وطننا، مطالبون أن يستلموا مكانتهم داخل المجتمع الذي يشهد بالله ورسوله، وإلا سيشهد ضدهم إخوانهم من المؤمنين يوم القيامة، كما يحدده القرآن الكريم، " وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ"، البقرة - الآية 143. وسورة الحج - الآية 78،وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ". وهذا بالطبع معنى به الذين واللواتي سمعوا، وفهموا حقيقة النداء للصلاة كل لحظة من لحظات دوران الأرض.

هذا الفهم للشهادة، التشهد، الحج، يعتبر الرابط الأساسي للإيمان بالله تعالى، وبحقيقة سيدنا رسول الله التي كانت شهادة الملك جبريل، مدة 23 سنة، والاعتقاد بضرورة دراسة حياة النبي، سمحت لي فيما بعد بقراءة ورقة تركها أبي الحاج محمد البشير، التي نقلها بدوره عن أحد شيوخ الزيتونة في تونس، التي جاء فيها، لكي يضمن قارئها حسن الخاتمة، عليه بقراءة، وتكرار بعد كل 5 صلوات المفروضة:

1.   الآية 255 من سورة البقرة مرة 1 واحدة: "للَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ  لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ".

2.   الآية 18 من سورة آل عمران مرة 1 واحدة: "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".

3.   الآية 19 من سورة آل عمران مرة 1 واحدة: " إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ  وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ".

لايوجد أكبر دليل للإنسانية من وجود الله الأحد من الرسل الذين اختارهم الله تعالى، ليكونوا شهداء على الملائكة الأقرب إليهم.

4.   الآية 128 من سورة التوبة مرة 1 واحدة: " فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ".

5.   سورة الإخلاص، 3 مرات.

6.   سورة الفلق، مرة 1 واحدة.

7.   سورة الناس، مرة 1 واحدة.

8.   سورة الفاتحة، مرة 1 واحدة.

9.   اللهم صل وسلم على سيدنا محمد.

كما أتمنى أن يكون هذا الفهم، سهلا بالنسبة للبعض، يكون كذلك بالنسبة للجميع.