ولا تؤمنوا إلا لمن تَبِعَ شيخكم

الخضر سالم بن حليس

▪عندما نشن حملات أرهاق المخالف، وحشره في زوايا حادة، ونجعل منه نكرة مهجورة في المجتمع، وندشن حملات الإرهاب الفكري والتجريم بحقه، ونعتقد ظُلمه وظلاميته ، أقف على أعتاب هذه الآية﴿ثُمَّ أَورَثنَا الكِتابَ الَّذينَ اصطَفَينا مِن عِبادِنا فَمِنهُم ظالِمٌ لِنَفسِهِ وَمِنهُم مُقتَصِدٌ وَمِنهُم سابِقٌ بِالخَيراتِ بِإِذنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَضلُ الكَبيرُ﴾ [فاطر: ٣٢] فأتذكر أن (الظالم لنفسه) شمله الاصطفاء ، وأنه لم يجرد من شرف العبودية المنسوبة للمعبود سبحانه (عبادنا)، وأن الفضل الكبير يحتويه، فما بال من دونه؟.

▪إذا لم يكن لديك القدرة على الرجوع إلى الحق والتنازل عن رأيك عند ظهور الصواب ؛ فاعتن بنفسك أولا وصحح وجهتها ، وفتتت عنادها وأخلصها خلاياها لله، قبل الخوض في مسائل الخلاف.

▪تعبث "التغذية الفكرية" التي مضغناها لسنوات دورا هائلا في توجيه آرائنا وإدارة اختلافاتنا مع الآخرين وعلى أساس تلك الترسبات القناعية ننطلق ونوجه دفة الخلاف وعلى ضفاف هذه المناطق يظهر العناد ويُسفر.

▪مازال الكثير منا عند الاختلاف يضمر شعار ﴿وَلا تُؤمِنوا إِلّا لِمَن تَبِعَ دينَكُم ﴾ [آل عمران: ٧٣] فما لم ينطقه بلسانه أظهرته تصرفاته، وعلى تلك الراية يُعقد الولاء، ومن تحتها يعلن الاتبّاع. ولا تؤمنوا إلا لمن تبع شيخكم، وأخذ برأيكم، وسار على نهجكم.

▪ابتلي كثير ممن يتصدر ساحات الاختلاف بخلط الدعوة إلى الله بالدعوة إلى شخصه فإذا خالفته في قضية قال:  أنت عدو للإسلام!!. والخلاف معه وحده لا مع الاسلام ، وقال آخر: أنت عدو  للسلف !. وما علاقة السلف بك أنت!؟..  وهكذا تصنع هذه الشخصية على نفسها سياجا واقيا عند الاختلاف تحذرك من اقتحامه، وتصنع وهم الحصانة تجنبا لأي اعتداء.

▪يخلط بعضهم الشرع بحالته النفسية فترى انفعالاته تصدر بغلافٍ شرعي، وترى الغضب يشرق من بين جنباته مقرونا بالدليل مصحوبا بالمبررات ﴿وَإِنَّ كَثيرًا لَيُضِلّونَ بِأَهوائِهِم بِغَيرِ عِلمٍ﴾ [الأنعام: ١١٩].

▪الاحتفال بأخطاء المخالف ورم يعاني من الكثير أشبه بمغناطيس عالي الجذب يستطيع التقاط ذرات الحديد الخفية التي تتساقط من الآخرين،  ويجتهدون في الإعلان والنشر تحت لافتة  ﴿ هذا لِلَّهِ بِزَعمِهِم﴾ [الأنعام: ١٣٦].

▪عند الاختلاف أمر الله باستباق الخيرات، وليس استباق السقطات، وتتبع العثرات، لتراحب استباق الخيرات واشتماله على حسن ظن بالمخالف، ورغبة بما عند الله، وتحديد مرجعية الخلاف بالبحث عن الخير والمسابقة إليه على ذات المضمار، وليس العناد، وسلوك الوهاد، وأفحام المخالف، دقق في موضعين من مواضع الحديث عن الخلاف ﴿وَلِكُلٍّ وِجهَةٌ هُوَ مُوَلّيها فَاستَبِقُوا الخَيراتِ﴾ [البقرة: ١٤٨]. ﴿ لِكُلٍّ جَعَلنا مِنكُم شِرعَةً وَمِنهاجًا وَلَو شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً واحِدَةً وَلكِن لِيَبلُوَكُم في ما آتاكُم فَاستَبِقُوا الخَيراتِ﴾ [المائدة: ٤٨]

▪إن وافق النص مافي نفس المخالف فلسان حاله (أقول قال رسول الله وتقول قال أبو بكر وعمر). وإن كان النص دليلا عليه فعبارته( ننظر كلام أهل العلم في ذلك)  فقد يحتاج إلى تفسير.

▪أقوال أهل العلم إن وافقت ما عليه المخالف فهي( يُستدل بها) وإن خالفت هواه فهي (يُستدل لها)﴿ سَيَجزيهِم وَصفَهُم﴾ [الأنعام: ١٣٩] .

▪الصرامة المفرطة ليست الطريق المفيد لحصار الأفكار ومطاردتها والسير في شوارع العدل بالمخالف وإحسان الظن بالمسلم يعطي نتائج مذهلة ويقود إلى الإقناع.

▪اللهم عافنا من سقطات أخلاقنا.

وسوم: العدد 669