رابطة العقيدة

(قال : يا نوح إنه ليس من أهلك, إنه عمل غير صالح)

د. فوّاز القاسم / سوريا

إن الوشيجة التي يتجمع عليها الناس في هذا الدين وشيجة فريدة ، تتميز بها طبيعة هذا الدين , وتتعلق بآفاق وآماد وأبعاد وأهداف يختص بها ذلك المنهج الرباني الكريم .

إن هذه الوشيجة ليست وشيجة الدم والنسب ; وليست وشيجة الأرض والوطن , وليست وشيجة القوم والعشيرة , وليست وشيجة اللون واللغة , وليست وشيجة الجنس والعنصر , وليست وشيجة الحرفة والطبقة . .

إن هذه الوشائج جميعها قد توجد ثم تنقطع العلاقة بين الفرد والفرد ; كما قال الله سبحانه وتعالى لعبده نوح - عليه السلام - وهو يقول ( رب إن ابني من أهلي). . فردّ عليه العليم الخبير : (يا نوح إنه ليس من أهلك )...!!!

ثم بين له لماذا يكون ابنه . .الذي هو من صلبه ،  ليس من أهله . .

( إنه عملٌ غيرُ صالح ). .

إن وشيجة الإيمان قد انقطعت بينكما يا نوح فلا تسألن ما ليس لك به علم ، فأنت تحسب أنه من أهلك , ولكنه ليس من أهلك , ولو كان هو ابنك من صلبك !

وهذا هو المعلم الواضح البارز على مفرق الطريق بين نظرة هذا الدين إلى الوشائج والروابط , وبين نظرات الجاهلية المتفرقة . .

إن الجاهليات تجعل الرابطة آنا هي الدم والنسب ; وآنا هي الأرض والوطن , وآنا هي القوم والعشيرة , وآنا هي اللون واللغة , وآنا هي الجنس والعنصر , وآنا هي الحرفة والطبقة ! تجعلها آنا هي المصالح المشتركة , أو التاريخ المشترك . أو المصير المشترك . . وكلها تصورات جاهلية - على تفرقها أو تجمعها - تخالف مخالفة أصيلة عميقة عن أصل التصور الإسلامي !

والمنهج الرباني القويم - ممثلا في هذا القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم وفي توجيهات الرسول [ ص ] وهي من هذا القرآن وعلى نسقه واتجاهه - قد أخذ الأمة المسلمة بالتربية على ذلك الأصل الكبير . . والمعلم الواضح البارز في مفرق الطريق . .

وهذا المثل الذي يضربه في هذه السورة من نوح وابنه فيما يكون بين الوالد والولد , ضرب أمثاله لشتى الوشائج والروابط الجاهلية الأخرى , ليقرر من وراء هذه الأمثال حقيقة الوشيجة الوحيدة التي يعتبرها . .

ضرب لها المثل فيما يكون بين الولد وأبيه ، وذلك في قصّة إبراهيم - عليه السلام - وأبيه وقومه (  قال :سلام عليك سأستغفر لك ربي , إنه كان بي حفيا , وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي , عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ) مريم : 50

وضرب لها المثل فيما كان بين إبراهيم وذريته كما علمه الله سبحانه ولقنه , وهو يعطيه عهده وميثاقه . ويبشره ببقاء ذكره وامتداد الرسالة في عقبه ( قال : ومن ذريتي ? قال : لا ينال عهدي الظالمين ) . .

وضرب لها المثل فيما يكون بين الزوج وزوجه , وذلك فيما كان بين نوح وامرأته , ولوط وامرأته . وفي الجانب الآخر ما كان بين امرأة فرعون وفرعون : ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط , كانتا تحت عبدين من عبادنا الصالحين , فخانتاهما , فلم يغنيا عنهما من الله شيئا , وقيل : ادخلا النار مع الداخلين . . .

وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون , إذ قالت : رب ابن لي عندك بيتا في الجنة , ونجني من فرعون وعمله , ونجني من القوم الظالمين ) التحريم : 11

وضرب لها المثل فيما يكون بين المؤمنين وأهلهم وقومهم ووطنهم وأرضهم وديارهم وأموالهم , ومصالحهم وماضيهم ومصيرهم . وذلك فيما كان بين إبراهيم والمؤمنين به مع قومهم . وما كان من الفتية أصحاب الكهف مع أهلهم وقومهم ودورهم وأرضهم  ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه , إذ قالوا لقومهم : إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله , كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ). . [ الممتحنة:4 ] .

( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ? ....

هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة . لولا يأتون عليهم بسلطان بين ! فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ? وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون - إلا الله - فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته , ويهيى ء لكم من أمركم مرفقا . . . [ الكهف:16 - 9 ] .

إن العقيدة تمثل أعلى خصائص "الإنسان" التي تفرقه عن عالم البهيمة ; لأنها تتعلق بالعنصر المتميز في تركيبه وكينونته عن تركيب البهيمة وكينونتها - وهو العنصر الروحي الذي به صار هذا المخلوق إنسانا في هذه الصورة - وحتى أشد الملحدين إلحادا وأكثر الماديين مادية , قد انتبهوا أخيرا إلى أن العقيدة خاصة من خواص الإنسان تفرقه فرقا أساسيا عن الحيوان .

ومن ثم ينبغي أن تكون العقيدة - في المجتمع الإنساني الذي يبلغ ذروة الحضارة الإنسانية - هي آصرة التجمع ، لأنها العنصر الذي يتعلق بأخص خصائص الإنسان المميزة له عن البهائم .

ولا تكون آصرة التجمع عنصرا يتعلق بشيء يشترك فيه الإنسان مع البهائم !

مثل الأرض ، والمرعى ، والمصالح ، والحدود التي تمثل خواص الحظيرة , وسياج الحظيرة ..إلخ  

ولا تكون كذلك هي الدم ، والنسب ، والعشيرة ، والقوم ، والجنس ، والعنصر، واللون ، واللغة ... إلخ 

فكلها مما يشترك فيه الإنسان مع البهيمة . وليس هناك إلا شؤون العقل والقلب التي يختص بها الإنسان دون البهيمة !

كذلك تتعلق العقيدة بعنصر آخر يتميز به الإنسان عن البهائم . . هو عنصر الاختيار والإرادة , فكل فرد يملك أن يختار عقيدته بمجرد أن يبلغ سن الرشد ; وبذلك يقرر نوع المجتمع الذي يريد أن يعيش فيه مختارا ; ونوع المنهج الاعتقادي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والخلقي الذي يريد - بكامل حريته - أن يعيش به . .

ولكن هذا الفرد لا يملك أن يقرر دمه ونسبه ولونه وقومه وجنسه .

كما لا يملك أن يقرر الأرض التي يحب أن يولد فيها , ولغة الأم التي يريد أن ينشأ عليها . . إلى آخر تلك المقومات التي تقام عليها مجتمعات الجاهلية ! . .

ومن أجل المحافظة على خصائص الإنسان الذاتية , والمحافظة على الكرامة التي وهبها الله له متمشية مع تلك الخصائص ; يجعل الإسلام العقيدة - التي يملك كل فرد اختيارها بشخصه منذ أن يبلغ سن الرشد - هي الآصرة التي يقوم عليها التجمع الإنساني في المجتمع الإسلامي ; والتي يتقرر على أساسها مصير كل فرد بإرادته الذاتية .

ومن شأن قيام المجتمع على آصرة العقيدة - وعدم قيامه على العوامل الاضطرارية الأخرى - أن ينشئ مجتمعا إنسانيا عالميا مفتوحا ; يجيء إليه الأفراد من شتى الأجناس والألوان واللغات والأقوام والدماء والأنساب والديار والأوطان بكامل حريتهم واختيارهم الذاتي ; لا يصدهم عنه صاد , ولا يقوم في وجوههم حاجز , ولا تقف دونه حدود مصطنعة , خارجة عن خصائص الإنسان العليا . وأن تصب في هذا المجتمع كل الطاقات والخواص البشرية , وتجتمع في صعيد واحد , لتنشى ء "حضارة إنسانية " تنتفع بكل خصائص الأجناس البشرية ; ولا تغلق دون كفاية واحدة , بسبب من اللون أو العنصر أو النسب والأرض . . .

"ولقد كان من النتائج الواقعية الباهرة للمنهج الإسلامي في هذه القضية ; ولإقامة التجمع الإسلامي على آصرة العقيدة وحدها , أن أصبح المجتمع المسلم مجتمعا مفتوحا لجميع الأجناس والألوان واللغات , بلا عائق من هذه العوائق الحيوانية السخيفة ! وأن صبت في بوتقة المجتمع الإسلامي خصائص الأجناس البشرية وكفاياتها , وانصهرت في هذه البوتقة وتمازجت , وأنشأت مركبا عضويا فائقا في فترة قصيرة نسبيّاً . وصنعت هذه الكتلة العجيبة المتجانسة المتناسقة حضارة رائعة ضخمة , تحوي خلاصة الطاقة البشرية في زمانها مجتمعة , على بعد المسافات وبطء طرق الاتصال في ذلك الزمان .

"لقد اجتمع في المجتمع الإسلامي المتفوق : العربي والفارسي والشامي والمصري والمغربي والتركي والصيني والهندي والروماني والإغريقي والأندونيسي والإفريقي . . . إلى آخر الأقوام والأجناس . . . وتجمعت خصائصهم كلها لتعمل متمازجة متعاونة متناسقة في بناء المجتمع الإسلامي والحضارة الإسلامية .

ولم تكن هذه الحضارة الضخمة يوما ما "عربية " إنما كانت دائما "إسلامية " ولم تكن يوما ما "قومية " إنما كانت دائما "عقائدية " .

"ولقد اجتمعوا كلهم على قدم المساواة , وبآصرة الحب . وبشعور التطلع إلى وجهة واحدة . فبذلوا جميعا أقصى كفاياتهم , وأبرزوا أعمق خصائص أجناسهم , وصبوا خلاصة تجاربهم الشخصية والقومية والتاريخية في بناء هذا المجتمع الواحد الذي ينتسبون إليه جميعا على قدم المساواة , وتجمع فيه بينهم آصرة تتعلق بربهم الواحد , وتبرز فيها إنسانيتهم وحدها بلا عوائق . وهذا ما لم يجتمع قط لأي تجمع آخر على مدار التاريخ !

"لقد كان أشهر تجمع بشري في التاريخ القديم هو تجمع الإمبراطورية الرومانية مثلا . فقد جمعت بالفعل أجناسا متعددة , ولغات متعددة , وألوانا متعددة , وأمزجة متعددة . ولكن هذا كله لم يقم على "آصرة إنسانية " ولم يتمثل في قيمة عليا كالعقيدة . . لقد كان هناك تجمع طبقي على أساس طبقة الأشراف وطبقة العبيد في الإمبراطورية كلها من ناحية ; وتجمع عنصري على أساس سيادة الجنس الروماني - بصفة عامة - وعبودية سائر الأجناس الأخرى . ومن ثم لم يرتفع قط إلى أفق التجمع الإسلامي ; ولم يؤت الثمار التي آتاها التجمع الإسلامي .

"كذلك قامت في التاريخ الحديث تجمعات أخرى . . تجمع الإمبراطورية البريطانية مثلا . . ولكنه كان كالتجمع الروماني , الذي هو وريثه ! تجمعا قوميا استغلاليا , يقوم على أساس سيادة القومية الانجليزية , واستغلال المستعمرات التي تضمها الإمبراطورية . . ومثله الإمبراطوريات الأوربية كلها . . الإمبراطورية الأسبانية والبرتغالية في وقت ما , والإمبراطورية الفرنسية . .

واليوم يبرز دور الولايات المتحدة الأمريكية ، وكلها في ذلك المستوى الهابط البشع المقيت !

ولقد أرادت الشيوعية يوماً ما أن تقيم تجمعا من نوع آخر , يتخطى حواجز الجنس والقوم والأرض واللغة واللون . ولكنها لم تقمه على قاعدة "إنسانية " عامة , إنما أقامته على القاعدة "الطبقية " . فكان هذا التجمع هو الوجه الآخر للتجمع الروماني القديم . . ذاك  تجمع قام على قاعدة طبقة "الأشراف" وهذا تجمع على قاعدة طبقة "الصعاليك" [ البروليتريا ] ; والعاطفة التي تسوده هي عاطفة الحقد الأسود على سائر الطبقات الأخرى ! وما كان لمثل هذا التجمع الصغير البغيض أن يثمر إلا أسوأ ما في الكائن الإنساني . . فهو ابتداء قائم على أساس إبراز الصفات الحيوانية وحدها وتنميتها وتمكينها . باعتبار أن "المطالب الأساسية " للإنسان هي "الطعام والمسكن والجنس" - وهي مطالب الحيوان الأولية - وباعتبار أن تاريخ الإنسان هو تاريخ البحث عن الطعام !!

"لقد تفرد الإسلام بمنهجه الرباني في إبراز أخص خصائص الإنسان وتنميتها وإعلائها في بناء المجتمع الإنساني . . وما يزال متفردا . . والذين يعدلون عنه إلى أى منهج آخر , يقوم على أية قاعدة أخرى , من القوم أو الجنس أو الأرض أو الطبقة . . إلى آخر هذا النتن السخيف السخيف , هم أعداء "الإنسان" حقا ! هم الذين لا يريدون لهذا الإنسان أن يتفرد في هذا الكون بخصائصه العليا كما فطره الله ; ولا يريدون لمجتمعه أن ينتفع بأقصى كفايات أجناسه وخصائصها وتجاربها في امتزاج وتناسق

ويحسن أن نذكر أن أعداء هذا الدين , الذين يعرفون مواضع القوة في طبيعته وحركته ; وهم الذين يقول الله تعالى فيهم : (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم). . لم يفتهم أن يدركوا أن التجمع على أساس العقيدة سر من أسرار قوة هذا الدين , وقوة المجتمع الإسلامي الذي يقوم على هذا الأساس . . ولما كانوا بصدد هدم ذلك المجتمع أو إضعافه إلى الحد الذي يسهل عليهم السيطرة عليه ; وشفاء ما في صدورهم من هذا الدين وأهله ; ولاستغلالهم كذلك واستغلال مقدراتهم وديارهم وأموالهم . . لما كانوا بصدد تلك المعركة مع هذا المجتمع لم يفتهم أن يوهنوا من القاعدة التي يقوم عليها ; وأن يقيموا لأهله المجتمعين على إله واحد , أصناما تعبد من دون الله , اسمها تارة "الوطن" واسمها تارة "القوم" واسمها تارة "الجنس" . وظهرت هذه الأصنام على مراحل التاريخ تارة باسم "الشعوبية " وتارة باسم "الجنسية الطورانية " وتارة باسم "القومية العربية " وتارة بأسماء شتى , تحملها جبهات شتى , تتصارع فيما بينها في داخل المجتمع الإسلامي الواحد القائم على أساس العقيدة , المنظم بأحكام الشريعة . . . إلى أن وهنت القاعدة الأساسية تحت المطارق المتوالية , وتحت الإيحاءات الخبيثة المسمومة ; وإلى أن أصبحت تلك "الأصنام" مقدسات يعتبر المنكر لها خارجا على دين قومه ! أو خائنا لمصالح بلده !!!

وأخبث المعسكرات التي عملت وما زالت تعمل في تخريب القاعدة الصلبة التي كان يقوم عليها التجمع الإسلامي الفريد في التاريخ . . كان هو المعسكر اليهودي الخبيث , الذي جرب سلاح "القومية " في تحطيم التجمع المسيحي , وتحويله إلى قوميات سياسية ذات كنائس قومية . . وبذلك حطموا الحصار المسيحي حول الجنس اليهودي ; ثم ثنوا بتحطيم الحصار الإسلامي حول ذلك الجنس الكنود !

وكذلك فعل الصليبيون مع المجتمع الإسلامي - بعد جهد قرون كثيرة في إثارة النعرات الجنسية والقومية والوطنية بين الأجناس الملتحمة في المجتمع الإسلامي . . ومن ثم استطاعوا أن يرضوا أحقادهم الصليبية القديمة على هذا الدين وأهله . كما استطاعوا أن يمزقوهم ويروضوهم على الاستعمار الأوربي الصليبي . وما يزالون . . حتى يأذن الله بتحطيم تلك الأصنام الخبيثة الملعونة ; ليقوم التجمع الإسلامي من جديد , على أساسه المتين الفريد . .

وأخيرا فإن الناس ما كانوا ليخرجوا من الجاهلية الوثنية بكلياتهم حتى تكون العقيدة وحدها هي قاعدة تجمعهم . ذلك أن الدينونة لله وحده لا تتم تمامها إلا بقيام هذه القاعدة في تصورهم وفي تجمعهم .

يجب أن تكون هناك قداسة واحدة لمقدس واحد , وألا تتعدد "المقدسات" ! ويجب أن يكون هناك شعار واحد , وألا تتعدد "الشعارات" ويجب أن تكون هناك قبلة واحدة يتجه إليها الناس بكلياتهم وألا تتعدد القبلات والمتجهات . .

إن الوثنية ليست صورة واحدة هي وثنية الأصنام الحجرية والآلهة الأسطورية ! إن الوثنية يمكن أن تتمثل في صور شتى ; كما أن الأصنام يمكن أن تتخذ صورا متعددة ; وآلهة الأساطير يمكن أن تتمثل مرة أخرى في المقدسات والمعبودات من دون الله أيا كانت أسماؤها . وأيا كانت مراسمها .

وما كان الإسلام ليخلص الناس من الأصنام الحجرية والأرباب الأسطورية , ثم يرضى لهم بعد ذلك أصنام الجنسيات والقوميات والأوطان . . وما إليها . . يتقاتل الناس تحت راياتها وشعاراتها . وهو يدعوهم إلى الله وحده , وإلى الدينونة له دون شيء من خلقه !

لذلك قسم الإسلام الناس إلى أمتين اثنتين على مدار التاريخ البشري . . أمة المسلمين من أتباع الرسل -كل في زمانه حتى يأتي الرسول الأخير إلى الناس كافة - وأمة غير المسلمين من عبدة الطواغيت والأصنام في شتى الصور والأشكال على مدار القرون . .

وعندما أراد الله أن يعرف المسلمين بأمتهم التي تجمعهم على مدار القرون , عرفها لهم في صورة أتباع الرسل - كل في زمانه - وقال لهم في نهاية استعراض أجيال هذه الأمة:(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). . ولم يقل للعرب:إن أمتكم هي الأمة العربية في جاهليتها وإسلامها سواء ! ولا قال لليهود:إن أمتكم هي بنو إسرائيل أو العبرانيون في جاهليتهم وإسلامهم سواء ! ولا قال لسلمان الفارسي:إن أمتك هي فارس ! ولا لصهيب الرومي:إن أمتك هي الرومان ! ولا لبلال الحبشي:إن أمتك هي الحبشة ! إنما قال للمسلمين من العرب والفرس والروم والحبش : إن أمتكم هي المسلمون الذين أسلموا حقا على أيام موسى وهارون , وإبراهيم , ولوط , ونوح , وداود وسليمان , وأيوب , وإسماعيل ، وإدريس ، وذي الكفل ، وذي النون , وزكريا ، ويحيى , ومريم . . كما جاء في سورة الأنبياء:[ آيات:48 - 91 ] .

هذه هي أمة "المسلمين" في تعريف الله سبحانه . . فمن شاء له طريقا غير طريق الله فليسلكه . ولكن ليقل : إنه ليس من المسلمين ! أما نحن الذين أسلمنا لله , فلا نعرف لنا أمة إلا الأمة التي عرفها لنا الله . والله يقص الحق وهو خير الفاصلين..