الأولياء

الشيخ حسن عبد الحميد

يقول المولى جل في علاه في سورة يونس آية ٦٣ يعرفنا سبحانه بصنف من خلقه هم الأولياء  ( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) 

لهم كرامات كما للانبياء معجزات ، توفي شيخنا السباعي رحمه الله قبل أن يكتب كتابه ( العلماء الأولياء ) 

ولا أقصد بهم من يطيرون في الهواء ويغطسون في الماء كما يفهم العوام لا ثم لا . 

فكل من يمشي على الماء ولم يكن مستقيما ليس وليا ، والذي يطير في الهواء ليس وليا ، والذي يدعي علم الغيب ليس وليا ، والذي يتحدث عن كراماته ليس وليا ...

 الولي : من آمن بالله واتقى  .

الأئمة الأربعة ومعهم الليث ابن سعد والأوزاعي هم من الأولياء .

المحدثون الكبار البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة هم من الأولياء .

كل من خدم دينه في اختصاصه نحوا أو تاريخا أو سيرة هم من أولياء الله .

فمن الأولياء  ؟ 

يعرفهم الله سبحانه وتعالى وهم أحبابه وجنده فيقول في سورة يونس ( ألا إ ن أولياء  الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) 

لتتعرف عليهم اقرأ كتاب ابن مدينة الباب وعالمها زكريا المسعود حفظه الله كتب عن أولياء الله ممن انضوا تحت لواء الطريقة النقشبندية ، هم من الأولياء ، قرأت الكتاب وهو ألف صفحة ويزيد كتاب ضخم عن أعلام النقشبندية ، قراته في ثلاثة أيام وهو ١٢٠٠ صفحة ، والنقشبندية هي طريقة العلماء ولا بدع فيها ولا شطحات ، ومن أعظم شيوخها الشيخ سليم خلف وابنه الشيخ أبو النصر رحمهاالمولى 

كل من خدم دينه في اختصاصه هو من أولياء الله سواء كان مهندسا أو كيمائيا أو طبيبا أو رياضيا

هو من أولياء الله إذا كان ملتزما شرعا ومؤديا فرائضه ويتول الكتاب ويقول في المحراب سبحان ربي الأعلى  . 

محمد علي كلاي من أولياء الله ، الدكتور فوزي حمد مهندس عالمي هو من أولياء الله 

سجناء الرأي الذين ماتوا تحت التعذيب أولياء كل سجناء تدمر وصدنايا أولياء الرئيس محمد مرسي الذي ظلم وعذب من الأولياء : لتحقق فيهم شرط ربنا ( آمنوا وكانوا يتقون ) إيمان وتقوى . 

كل شيوخ التصوف القادري والرفاعي والبدوي والنقشبندي كلهم أولياء لله فحذار حذار أن تمس أحدهم بغيبة أو تجريح ، كلهم من رسول الله ملتمس ، فروع من نهر كبير ، هناك شلال وهناك جدول وكلها تشكل نهرا . 

وإليكم  قصة صغيرة زار عالمان من علماء الإسلام  ، ومن أعلام الفقه الاسلامي في دمشق الشيخ السباعي والدكتور مصطفى الزرقا  زاروا الشيخ الحارون في دمشق وصنعته حجار ، خرجوا من الزيارة معجبين بما عند الرجل من علم وفهم لمقام الإحسان و الإيمان والإسلام ، وكتب الشيخ السباعي عن هذه الزيارة المباركة في مجلة حضارة الاسلام وأثنى على الرجل الحجار ثناء عاطرا ، زاره مرة زيارة خاصة وشكا له السباعي ان أعماله في البرلمان والكلية تستغرق وقته فلا تدع له وقتا لقيام ليل وأداء نوافل وأوراد أجاب  الشيخ الحارون : مصطفى طلع عليّ واسمع مني شغلك في البرلمان والمجتمع أفضل  من شغلي أنا مع المريدين رحمهما المولى  .

وهنا أحذر كل من يطيل لسانه في الصالحين فقد أغضب المولى جلت قدرته ، يقول المصطفى عليه السلام ( من عادى  لي وليا فقد اذنته بالحرب ) البخاري 

سبحانه سبحانه يقول ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ) كل من ملك قوة ومحاربة كالعلمانيين والملحدين والطائفيين 

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشارب : فيهم أبو ذر الثائر ، وفيهم ابن عوف الغني الشاكر 

ونحن فينا الجريء وفينا من يأخذ بأضعف الايمان : لا يستطيع محاربة الطواغيت لكنه يكرههم من أعماقه ، لا يحضر لهم وليمة ، ولا يبتسم في وجوههم ، ويحصر نفسه مع الذين يدعون ربهم ويريدون وجهه . 

أنا شخصيا أحب الصالحين كلهم ، وأسلم لكل حاله ومشربه مع أخطاء قد تقع منهم ، 

شعاري ماقاله الإمام  أبي حنيفة : ( علمنا هذا رأي ، فمن أتى بخير منه قبلناه ) 

وماقاله الإمام مالك : كل إنسان  يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر ، وأشار بيده إلى  قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام ، لماذا ؟ لأنه  مسدد بالوحي من السماء  . 

على كل الدعاة : صوفيون ، سلفيون ، اخوانيون ، شباب محمد ، شباب دار الأرقم ... 

عليهم بالتعاون وتبادل الحب والمودة ، إن مجدد القرن الرابع عشر بشهادة المؤرخ الطنطاوي كانوا أحباب 

حسن البنا تربى في أحضان الطريقة الشاذلية ثم انطلق إلى  دائرة أوسع بهمة أعلى. 

أنا شخصيا وأنا من تلاميذ السباعي أقبل يد كل رجل صالح يعمل لدينه بالأسلوب الذي يقتنع به  .

علينا أن  نحذر من قوله صلى الله عليه وسلم ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ) البخاري ومسلم 

وربنا ينادينا ( وتعاونوا على البر والتقوى ) 

وليسمح لي أحبابنا أن اقول : 

كنت صغيرا في سن ال ١٥ وكنت أشكو ألما في رأسي قلت لمحدثي الشيخ حسن جسومة سأذهب إلى  الشيخ أبو النصر ليقرأ لي على رأسي ، لم أكمل كلامي وإذا بالشيخ قادم من الشمال فلما وصل إلي وضع يده على رأسي  وبدأ يقرأ ، ولما أخذت أسيرا إلى  المزة في دمشق وأنا في السيارة العسكرية وحولي أعوان الظلمة ، لما مررت بمقبرة حمص قلت : اللهم رب هذا الولي لاتدع الظلمة يهينوني ، وغدوت في غرفة من سجن المزة ولما صارت المحكمة جيء بي وبمحمود كلزي رحمه الله مورما في جبهته جراح ، قال القاضي العسكري : يامحمود هل هذا ( وأشار اليّ ) رئيسك في التنظيم أم شيخك في العلم ، يدرسك الحديث والفقه ؟ 

أجاب رحمه الله مالقنه به القاضي العسكري هو شيخي في جامع أبي بكر الصديق علمنا الفقه والحديث والقرآن  رحمك المولى يامحمود وأسكنك فسيح جناته 

أخيرا  لكل دعاة الإسلام  أقول  : واثبتن للأولياء الكرامة .. ومن نفاها فانبذن كلامه 

وقد ذكرها القرآن  في قصة صاحب سليمان ( أنا آتيك به قبل أن  يرتد طرفك ) ولم يكن نبيا 

والأثر عن أمير  المؤمنين عمر بن الخطاب صحيح أنه قال : ياسارية الجبل الجبل وهو على المنبر في يوم الجمعة .

كل دعاة الإسلام على الرأس والعين تقبل أيادهم ، أما علماء السوء فوجوههم مسودة  .

ربنا لا تؤاخذنا  إن  نسينا أو  أخطأنا  . 

إلى كل الدعاة : 

إياكم ثم إياكم   ألاتحترموا الصالحين ، وهذه أوصافهم : 

مؤمن خفيف الحاذ ، ذو حظ من صلاة ، أحسن عبادة ربه وأطاعه في السر ، وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع ، وكان رزقه كفافا فصبر على ذلك ، عجلت منيته ، قلت بواكيه ، قل تراثه 

صدق المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي .

أنت في كل صلاة تدعو الله أن يحشرك مع الصالحين ، اقرأ سورة الحمد على مهل  . 

أقول قولي هذا واستغفر الله 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 749