التَطرفُ وَالإرهَابُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

فكر 16 ح7

التطرف غلو في الفهم والتفكير..والإرهاب غلو في الفكر والفهم وغلو في السلوك والأداء..والتطرف والإرهاب يبقيان شريكان متكاملان في أسباب الدمار والهلاك..في مطلع التسعينات من القرن العشرين وفي ختام أحد المؤتمرات الدولية الحاشدة..عقد مؤتمر صحفي لممثلي أتباع الأديان والثقافات والفلسفات..ويومها سألني مندوب وكالة رويتر قائلاً:ما هو تفسيرك لما نراه من إجماع على أنَّ الإسلام هو مصدر الإرهاب ..؟قلت:إنَّ الموضوعيَّة بشأن  السؤال عن الإرهاب بعامة تملي أن يكون السؤال على نحو مختلف..قال:وماذا تقترح..؟قلت الموضوعية تتطلب من السائل أن يقول:لماذا الإرهاب اليوم ظاهرة عالميًّة تُرعب المجتمعات في كل مكان..؟قال:مقترح موضوعيّ ومقبول ولكن أجبني عن دور الإسلام في هذه الظاهرة..قلت:دعنا نحدد أولاً ما هو معنى الإرهاب..؟ألا ترى أن الإرهاب أو (الرُعب ) كما أفضل التعبير عنه إنما هو سلوك مرتبط بطبيعة ثقافة الأجيال..؟ومن ثمَّ ألا ترى معي أن هناك خمس ثقافات تولت صياغة ثقافة الأجيال البشريَّة منذ مَطلع القَرن التاسع عشر بعد أن أُقصِيت الثقافات الدينيَّة..؟ألا وهي الثقافةُ النَازيَّةُ،والفَاشيَّةُ والصَهيّونيَّةُ،والمَاركسيَّةُ،والعَلمانيَّةُ..وبعد فإن الموضوعية تُحتم أن نسأل هذه الثقافات عن سلوكيات الأجيال المعاصرة وما تمارسه من إرهاب ورعب مدمر..فقال:جواب محكم أترك التعليق بشأنه لزملائك من ممثلي أتباع الأديان والثقافات..ودخلت القاعة في جدل بين مؤيد ورافض..ذكرتُ هذا الخبر بين يدي العلماء والمفكرين الأجلاء الذي شاركوا في جلسة(التطرف والإرهاب) التي عقدها فكر 16 لمؤسسة الفكر العربي في دبي 11/04/2018م.وأثارت من الجدل بين الحضور ما أثارته من قبل..الأمر الذي يؤكد أن مسألة تجلية المصطلحات وتحديد دلالاتها..يبقى مدخلاً مهماً وأساساً في انتظام الأفكار والمفاهيم في الحوار والتدارس..من أجل تجلية الموقف من مسألة ما من مسائل تحديات السير البشريَّ المشترك..ومرة ثانية وثالثة أحسب أن مبادرات مؤسسة الفكر العربيِّ  في حشد الفعاليَّات الفكريَّة والثقافيَّة المتنوعة من شتى أأنحاء العالم..ليعملوا  في مناخ أخوي واحترام متبادل على تحرير المفاهيم والرؤى التي تمس تحديات حياتهم الإنسانيَّة المشتركة..لهو بكل تأكيد عملٌ إنسانيُّ فريدٌ رائدٌ راشدٌ..يَستحقُ الاهتمام والتأييد والدعم لتصحيح وترشيد المسيرة البشريَّة لتكون كما يرغب الجميع:مسيرة عدل وأمن وإخاء وسلام وتعايش حضاري آمن..يُنمي كلَّ أسباب التنميَّة والتطوير والابتكار والازدهار لحياة الأجيال البشرَّة بلا استثناء..والله سبحانه المستعان.

وسوم: العدد 770