خواطر تحت غربال المحنة

1

والمحن غربال.. وتمحيص ومنها.. وهو ملازم لها.. وأقساها ما تضطرك له المحنة من إختبار الإخوان.. هنا تنكشف الأستار وتماط عنها الألثمة.. وما أشد مرارتها إن جائت مثقلة بالخذلان... لهذا قال ابن حزم رحمه الله عن هذا المنعطف الخطر في العلاقات الإنسانية والأخوة الإيمانية

({والسعيد كل السعيد من لم يضطره الزمان إلى اختبار الإخوان }}

وما ذلك إلا لضراوة الصدمة ووهجها في مرارة الخذلان

 

2

هشاشة الأخوة في الله وترهلها.. انما تكون من مرض عضال وداء مزمن كشف عنه طبيب القلوب وشفاؤها.. محمد صلى الله عليه وسلم.. عندما قال

 ما توادَّ اثنان في الله فُيفرَّقُ بينهما إلا بذنبٍ يُحدِثُه أحدُهما

أخرجه البخاري في الأدب المفرد...

 انما تفرقنا المعصية وتقسي القلوب وتجمد المشاعر وتلغي الألفة والمودة والرحمة وكل المعاني الايمانية وهذا من البلاء النازل بنا... في مرحلة فاصلة... تحتاج منا احياء اخوة الجيل الأول الفريد

بيننا وبين ذاك الجيل مسافات ومفازات هائلة تدير الرؤوس

3

 

ومن اعظم ما في الأخوة عندما تزهر وتنمو وتترعرع ايمانا.. واستعلاء .. ان يكون الأخ أشد الناس حرصا على كرامة أخيه .. وهنا تتجلى ذروة الحرص عليها فلايهرق ماء وجه مسلم في مسألة.. بل يصان يكرم..

 و لتعرف للأخوة في الله قدرها .. اليك مثالا يقتدى

قال أبو بكر السهمي : حدَّثني شيخٌ لنا يُكنَّى أبا بكر أن مُطرف بن الشخير قال لبعض إخوانه :{{ يا فلان إذا كانت لك حاجة فلا تُكلِّمني فيها ، ولكن اكتُبها في رقعة ثم ادفعها إلي ، فإني أكرهُ أن أرى في وجهِكَ ذُلَّ السؤال }}شتان شتان بين من يستلذ ويستمرئ اهراق ماء وجه اخيه .. ومن لا يكثرث له اصلا وبين من يعلو للقمة السامقة ويكون {{ مطرف }} قدوته.. وعلامته على الطريق

4

انها الأخوة في الله عندما تزهر تكون في مرضاة الله وطلب عنايته حينها تثمر أينع الثمرات وأنظرها ففيها تكمن الروعة بلحظاتها الفائقة قلت متأملا المقولة النفيسة : لله درّك يا {{مطرف }} ! وأين أنت ممن يسره أن يرى افتقارَ إخوتِه إليه وذلهم بين يديه بل من لايكترث لأحدهم.. كأن أمره لايعنيه.. وكم من ماء وجه أريق ذلا لم يجد من يصنه

وذل السؤال شعبة من {{شعب العبودية }}، فرحمة الله على سلفنا الصالح كيف كانوا لا يحبون أن يروا{{ الذل}} إلا لمن يستحق أن تخضع له الرقاب وتذل له الجباه ..{{ جل جلاله}} وكيف ان حب اخوانهم في الله.. أوجب عليهم أن لايروا وجوها سجدت لله تعالى في موطن ذل لغيره

5

 

في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم الجامعة تعلم ذلك الجيل الفريد المنتجب دروسا قمينة بان تكتب بماء الذهب عن اخلاق الاخوة وشرف الاخوة وطهر الاخوة في الله... تأمل معي في هذه القواعد الذهبية التي نثرها من درر الحكمة عبد الله بن مسعود وهو يقول

كنّا إذا افتقدنا الأخ أتيناه، فإن كان مريضاً كانت عيادةً، وإن كان مشغولاً كانت عوناً، وإن كان غير ذلك كانت زيارةً}}..

 عناية كاملة من كل الجوانب بلحمة البناء ودعامته العظمى التي بها يقوم كل شيء في الدولة النبوية... فخلف من بعدهم من ضيع عراها عروة عروة حتى اصبحت مجرد عناوين.

وسوم: العدد 772