خواطر فؤاد البنا 796

لقد ضَلّ علماءُ السوء سواءَ السبيل، حينما اعتبروا أئمّةَ الجُور ظلَّ الله في الأرض، بعد أن أصبح استبدادُهم ناراً تلتهم الأخضرَ واليابسَ وتبتلع العاليَ والسّافل!


عندما أنقد البُعْد الاستعماري في الغرب وآفاته الفكرية وعِلَله الحضارية؛ يتهمني الفَانُون في الغرب بالجمود والتزمت، وحينما أمتدح البُعد الحضاري المسؤول عن تفوّق الغرب في هذا الزمن على سائر الأمم؛ أجد من المُتفانين في العَض بالنواجذ على التقاليد من يتهمني بالجُحود وبالانبهار بالغرب وتسويق حضارته التي قتلت البشر!*

*كم نحن مُغْرَمون بالرؤية الأحادية، وكم نَظلم الحقائق ذات الأوجُه المتعددة حينما ننظر إليها من بُعد واحد، بل كم نظلم أنفسنا حينما ننظر بعين واحدة رغم أن الله خلق لكل واحد منا عينين!!


الحياةُ سفينةٌ لا تزال تَسبَح في أمواج الزمن ولا تتوقّف عن الإبحار إلا في مرفأ الآخرة، وقطار الزمن لا يمكنه التوقّف إلا في محطة القيامة، والليل ليس نهاية العالم والظلام ليس قدراً أبدياً، والفجر سُنةٌ أزلية لا تعرف الأفول، ومن عدل الله ورحمته أنه جعل الأيام دُولاً بين الناس!


ستزدان بساتين الأمة وتزدهي رياضها بدوحات النهوض الحضاري الباسقة؛ إذا سقيناها من سلسبيل القرآن وتسنيم السنة الصحيحة، ورويناها بشيئ من كوثر التراث ومن كافور العلوم والخبرات البشرية بعد تصفيتها من الأكدار وتنقيتها من الشوائب.


تَمرّدْ على القوالب الجامدة وثُرْ على التقاليد الراكدة، فإن الله خلقك كامل الحرية وتَعبَّدك بعقلك أنت لا بعقول الآخرين!

وسوم: العدد 796