خواطر فؤاد البنا 835

يعتقد كل متتبع لأحوال المسلمين أن مليار وسبعمائة مليون مسلم بحاجة إلى تغيير عاجل، ويستثني كل مسلم شخصا واحدا من تلك الحاجة إلى هذا التغيير، معتقداً أنه ذلك الشخص!

***********************************

لا يختلف عاقلان حول أن أوضاع أمتنا تحتاج إلى تغيير عاجل وشامل، غير أن كل واحد يبحث عن التغيير خارج ذاته، كمن يحاول أن يُجمّل الصورة في المرآة تاركاً الأصل يغرق في قبحه، أو كمن يحاول إصلاح اعوجاج الظل غير ملتفت إلى القامة التي تقف بطريقة عوجاء تحت أشعة الشمس !

***********************************

كم يحتاج الخَيِّرون في الحَدّ الأدنى لإغماض أعينهم عن رؤية القبائح التي تنتشر كالوباء في الكثير من بلداننا، وكم هم في أشدّ الحاجة لأن يديروا ظهورهم للآثام التي تشيع في عالمنا، وكم ينبغي عليهم أن يبذلوا من جهود للمحافظة على تميزهم الإيجابي، في هذا (العهد) الذي ضاعت فيه (العهود)، وفي هذا (الزمن) الذي استوطنت فيه الآفات (المُزْمنة). إنها ليست دعوة لمقاطعة الناس والانزواء عنهم، لكنها دعوة للتميّز الشعوري الذي لا يتكبر على الناس، ولعدم استمراء الخطايا أو الرضى بالانزلاق نحو الأسافل، إنها باختصار دعوة لتمتين الحصانة الفكرية وتقوية المناعة الروحية؛ حتى لا نكون من الإِمَّعات أو من الغثاء الذي يجرفه طوفانُ التغيّرات السريعة!

***********************************

يتشيع دعاة(النسبية الثقافية) لمسألة خضوع كل العقائد والأخلاق للنسبية بصورة مطلقة؛ بمعنى أن ما هو نافع أو صالح في زمان أو مكان أو عند أناس قد لا يكون نافعا وصالحا عند آخرين، ويوصل هذا إلى عدم وجود معايير ثابتة لقياس الأصلح والانفع. غير أن دعاة النسبية الثقافية المطلقة وقعوا فيما حذّروا فيه من الإطلاق، حيث نسوا تطبيقها على النسبية نفسها، بمعنى أن النسبية ليست ثابتة في كل الأمور وفي كل الأحيان دوماً، على الأقل بالنسبة لنا كمسلمين؛ فهناك ما هو مرتبط بالوحي لا يخضع للنسبية إلا في الفهم، ويضم العقائد القطعية والمبادئ العامة والأخلاق الثابتة التي لا تتغير بتغير الأزمان والأماكن أو بتغير الناس، وهي ما نسميها بالثوابت التي يُفترض أنها معلومة من الإسلام بالضرورة عند كل مسلم.

***********************************

ليست الهزيمة فقط أن يستولي العدو على أرضك ولا تستطيع تحريرها نتيجة اختلال موازين القوة، بل الهزيمة الأكبر والأخطر هي أن تتسلل أفكار العدو إلى عقول أبنائك، وأن يقوم من يرفع شعارات الحرية بالاستماتة في الدفاع عن أنظمة وظيفية تتماهى مع خطط العدو وتتفانى في خدمة مشاريعه إلى حد أن تصبح ملكية أكثر من الملك نفسه، والهزيمة الأسوأ أن يقوم أتباع من كانوا يهددون برمي (إسرائيل) في البحر لتأكلها أسماك (القرش)، بالترويج للمخططات التي تريد انتزاع فلسطين من أهلها، وبالدفاع عن من يهرولون نحو بيع الأرض والعرض؛ نتيجة إغراء وإغواء (الدولار)!!

***********************************

لا ينبغي أن يدفعك (التفاؤل) للتخفف من الأخذ بالأسباب، ولا يصح أن يدفعك (التشاؤم) للتقليل من الثقة بالعلي القدير. بارك الرحمن حمعتكم.

وسوم: العدد 835