خواطر فؤاد البنا 839

لقد فشل (الدرهم الإماراتي) في تشطير اليمن، وإن كان قد نجح في شيئ، فقد نجح في توحيد المصطلح بين مختلف المرتزقة من مناطقيين وسلاليين ويمينيين ويساريين وقوميين وسلفيين وصوفيين، حيث ما فتئ الجميع يصفون انقلاباتهم بأنها موجّهة ضد (شرعية الإخونج)، صحيح أنهم كذّابون لكن (الدرهم) نجح في توحيد (المصطلح)!!!

****************************************

ينبغي أن لا نستعجل الفرح قبل أن يتحقق الهدف، وحتى لو تحقق الهدف فليتنا لا نبالغ في الفرح، فكلنا في الأخير يمنيون، ويمكن القول بأن ظروفا عديدة قد جعلت الجميع جناة ومجنياً عليهم، مع الاختلاف النسبي بالطبع. اللهم ردّنا إلى عقولنا مرداً جميلاً واهدنا لإعمار وطننا جميعا إخوة متحابين.

****************************************

كلما عانى الحوثيون من أزمة في المقاتلين قام طرف محلي أو إقليمي  بدفع مجاميع من اليمنيين نحو هاوية التجنّد معهم، فقد تم طرد مجموعات من المغتربين من دول خليجية في أوقات كان الحوثيون يبحثون عن وقود جديد لنيران حربهم حتى لا تنطفئ كما انطفأت نيران المجوس، أما الإماراتيون فقد حسموا أمرهم مبكرا حينما منعوا اليمنيين من دخول بلادهم بأي صورة من الصور، وقام ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي بهذا الدور مرات عدة، وها هو يقدم خدمة جديدة للحوثيين، وذلك بطرده هو وحزامه الأمني لآلاف من العمال والباعة والموظفين الشماليين من عدن، بعد أن رأى أن الحوثيين يعانون من أزمة خانقة دفعتهم لفرض التجنيد الإجباري، وكل ذلك يؤكد أن (المُخرج) الذي يتحكم بمفاتيح المعركة واحد، فهو من يحرك (الأحجار) على (رقعة الشطرنج) اليمنية بل والعربية!

****************************************

عجيبٌ أمر الأشرار، فقد أثبتت الأحداث أن بعضهم أولياء بعض، وأن بعضهم يخدم بعضاً، سواء كانوا سلاليين عنصريين، أو مناطقيين جهويين، أو طائفيين مذهبيين، وأظهروا بجلاء أن قيَم الخير والحق والوحدة والحرية لا تُرضي الحثالات والأوغاد، وأن عداوة أهلها تجمعهم. فتباً للأخيار  إن لم ينسوا حزازاتهم ويتوحدوا على كلمة سواء، وإن لم يواجهوا هؤلاء بقلوب موحدة وصفوف ثابتة!

****************************************

محافظة (البيضاء) مؤهلة بطبيعتها وإنسانها، بتأريخها وجغرافيتها، لاقتلاع الحوثيين من الجذور، كما فعلت شبوة مع الانتقاليين، وليت هذا الأمر يتم التخطيط له ليتحقق في يوم (أربعاء) حتى ينتهي التشاؤم من هذا اليوم!!

****************************************

يعتقد المغرورون بتميّزهم على الناس وبقدرتهم على صناعة الخوارق، حيث يؤمنون بإمكانية استخدامهم للعواصف في تسيير المراكب الشراعية، واستخدام الغرابيل في حفظ المياه، ويعتقدون أنهم قادرون على أن يضربوا الحجارة بعِصيّ ذكائهم لتتفجر ماءً زلالاً سائغا للشاربين، وأن بمقدورهم جَنْيَ ثمار الشتاء في أشهر الربيع وقطف أزهار الربيع في ليالي الخريف، ويعتقدون أن بإمكانهم مناقضة السُّنَن مع الانتصار على تحديات السنين، وأنهم يستطيعون سلوك مقدمات بئيسة مع المجيئ بنتائج تسُرّ الناظرين!

****************************************

ما فتئ العرب يَهْجون اتفاقية (سايكس بيكو) التي اقتسمت الوطن العربي الإسلامي وقسّمته إلى بلدان ذات مسميات متعددة، واصطنعت بينها حدوداً لا يستطيع أحد تجاوزها إلا بجوازات وشروط ما أنزل الله بها من سلطان. غير أن الذين (يَهْجون) الحدود في الجوانب التنظيرية سرعان ما (يَهِيجون) حينما يتم اجتياز هذه الحدود في الجوانب العملية، وكأن من فعل ذلك قد تمرّد على تعاليم القرآن الكريم. والحقيقة أن هذه (الحدود) المصطنعة تكشف (بلا حدود) معضلة الانفصام التي تتلبّس شخصية المسلم المعاصر، حيث المسافة الشاسعة بين الأقوال والأعمال!

****************************************

لكل أمة طاقة محددة من الولاء، فإذا لم يُصرف لصالح الأمة انصرف نحو الطائفة والقبيلة والحزب، أو نحو الفِرقة والمذهب والجماعة، لينتهي الأمر بالدوران حول أفلاك غير فلك الأمة الواحدة، وهذا ما وقع ويقع فيه أكثر المسلمين رغم تحذير القرآن الكريم لهم من التفرّق في الدين ومن التشيع لغير هذه الأمة ومن ثم فقد أصبحت الأمة الواحدة أمماً متعددة رغم الحديث النظري الدائم عن أمة مسلمة واحدة.

****************************************

أيها الأشرار الذين تنكّروا لدينهم وخانوا أمتهم، لا تطمعوا في أن ندخل حظيرة العبودية التي دخلتموها، ومهما زرعتم من أشواك في طريقنا، ومهما بذلتم من جهود من أجل تنكيد عيشنا؛ فلن نفقد الشغف في الحياة وفق عقيدتنا وتوجيهات قرآننا، ولن نتخلى عن هدف العيش الكريم وفق أخلاق ديننا وتعاليم نبينا، سنكابد بصبرٍ الأوجاع التي تصيبنا، وسنجاهد بحكمةٍ الأوضاع التي تمنعنا من أن نعيش أحراراً كما أراد لنا خالقنا، وإن وقفت معكم الدنيا كلها واشتد ضعفنا؛ فلن نتخلى عن أن نكون شَوكةً في حلوقكم.

****************************************

ليس الحوثيون بدعاً في ادعاءات التميز العرقي، فهذه الآفة تصيب كثيرين في مختلف الأمم، حيث يعتقد (متعصبو الأعراق) أن (السلالات الراقية) يمكن أن تصنع الخوارق وتفعل الأعاجيب. ومن هؤلاء روبير كنوكس -مؤسس العنصرية البريطانية- في كتابه (البحث الفلسفي حول الأعراق الإنسانية) والذي يقول فيه: "إن العِرْق هو كل شيئ: الأدب، العلم والفن، وبكلمة واحدة تتوقف الحضارة عليه". أما السلاليون الحوثيون وأضرابهم من المتمسلمين فيتجاوزون المسألة الحضارية والتفوق الدنيوي إلى ربط الخلاص الأخروي بالولاء للسلالة التي يزعمون تفوقها على سائر الناس، ولا يمكن عند هؤلاء النَّتِنون دخول الجنة إلا عبر باب واحد وهو باب من يسمونهم ب(آل البيت)!

****************************************

تولت الولايات المتحدة الأمريكية مفاوضة حركة طالبان الأفغانية في الدوحة وعرضت عليها المشاركة في السلطة بنصيب مقدر في أفغانستان، بينما تدفع الأنظمة التابعة لها للصدام مع حركة الإخوان المسلمين والعمل على اجتثاثها من الوجود، رغم أنها حركة عالمية تمتد في عشرات البلدان في العالم، فهل يعود الأمر إلى أن طالبان حركة مسلحة امتلكت القدرة على فرض نفسها بالقوة؟ أم لأن أمريكا ترى أن سلمية الإخوان المسلمين ومدنيتهم أخطر من طالبان؟

****************************************

وسوم: العدد 839