عدالة السماء في مونديال قطر الجزء ٣

خواطر من الكون المجاور

الخاطرة ٣٢٣ :

في البداية أود أن اذكر ملاحظة هامة وهي أن هذه المقالة هي الجزء الثالث من موضوع (عدالة السماء في مونديال قطر) وهي مرتبطة بالجزء الأول والثاني ، وأن فهمها يحتاج إلى العودة إلى الجزء الأول والثاني لكي لا يشعر القارئ بغرابة المعلومات والمصطلحات المطروحة في هذه المقالة . أيضا أرجو من القراء عدم رؤية الموضوع من زاوية سياسية ، فالسياسة كما أصبحت اليوم دورها ليس حل المشكلات ولكن تنمية التعصب بهدف تدمير الروابط الإنسانية.

موضوع (عدالة السماء في مونديال) هو بحث يستخدم الرؤية الشاملة والتي تعرض رؤية جميع زوايا هذا الحدث العالمي ، فبسبب غزارة المعلومات وكثافتها وحتى لا يتوه القارئ سنحاول عرض ملخص سريع جدا لما ذكرناه في الجزء الأول والثاني ليستطيع القارئ ربط الأمور ببعضها البعض ليخرج برؤية واضحة تساعده في فهم حقيقة ما يحصل في عصرنا الحاضر .

في الجزء الأول ذكرنا أن مونديال قطر رغم أنه يبدو في ظاهره وكأنه حدث عالمي في عالم كرة القدم ويخص فقط عشاق هذا النوع من الرياضة ، وأن هذا الحدث العالمي بالنسبة لأولئك المتعصبين لكرة القدم يمثل صراعا بين ميسي وكريستيانو رونالدو لإثبات من هو أفضل لاعب كرة قدم في العالم أو في تاريخ كرة القدم ، إلا أن مونديال قطر كان في مضمونه أعمق من ذلك بكثير كونه يمثل صراعا بين التيار الحديث (الفوضى الخلاقة) وتيار الفطرة البشرية (التعاون والإنسجام) التي وضعها الله في التكوين الروحي للإنسانية. لهذا شرحنا فلسفة الرياضة ودورها في ولادة الحضارات وإزدهارها ، وتكلمنا عن تاريخ الرياضة ومضمون تطورها منذ ظهور الألعاب الأولمبية(٧٧٦ ق.م) وظهور مسابقات سوق عكاظ للقصائد الشعرية (٥٠١ م) وأهمية الحب العذري (العفة) كجزء مكمل للرياضة ليأخذ هذا النوع من النشاط الإجتماعي شكله الحقيقي الشامل (المادي والروحي) لتساهم في تطور الإنسانية وفق المخطط الإلهي الذي رسمه الله عز وجل لها . ومن أجل توضيح هذه الفكرة شرحنا حجم الفرق بين نوعية مهارات ميسي ونوعية مهارات رونالدو ، وكذلك الفرق بين السلوك الروحي لميسي والسلوك الروحي لرونالدو . وقلنا بأن الصراع بين ميسي ورونالدو هو صراع لم يكن صدفة وإنما علامة إلهية فهو صراع رمزي يوضح لنا مضمون الصراع العالمي بين تيار التعاون والإنسجام الذي يمثله ميسي ، وتيار الفوضى الخلاقة الذي يمثله كريستسانو رونالدو.

في الجزء الثاني ذكرنا بأن مونديال قطر لم يكن حدثا عالميا من صنع عقل بشري ، ولكن حدثت به تدخلات إلهية لتجعل منه علامة لها معنى نهاية عصر فاشل قام بتدمير معظم الروابط الإنسانية، وبداية عصر جديد يجعل جميع الأمور تعود إلى مكانها الحقيقي لتسير الإنسانية من جديد في المخطط الإلهي ، حيث شاءت الأقدار في هذا المونديال مونديال قطر أن تظهر رموز عديدة تفضح منهج التيار الحديث الذي أوصل الإنسانية إلى مستوى من عمى البصيرة لم تعرف الإنسانية مثله من قبل . لهذا شرحنا الحكمة الإلهية في إختيار دولة قطر لتقوم هي وليس غيرها بتنظيم المونديال . وكذلك شرحنا الحكمة الإلهية في سبب ظهور الشاب (غانم المفتاح) في إفتتاحية المونديال ليمثل هو وليس أحدا غيره رمزا روحيا يتعاون مع بقية رموز المونديال كشعار المونديال ( 8 ) ، والتعويذة التي إستخدمها المونديال ، وعلم الأرجنتين وهو يرفع في معظم شعوب العالم بعد تتويج منتخب الأرجنتين بكأس العالم . وقلنا بأنه بتعاون هذه الرموز ظهرت العلامة الكبرى (ظهور الشمس من مغربها) ، وأن هذه العلامة ليس لها معنى نهاية العالم كما يعتقد المسلمون ولكن تعلن نهاية عصر الفوضى الخلاقة وبداية عصر جديد مناقض تماما لذلك العصر الفاشل الذي بدأ منذ أكثر من /١٥٠/ عام . وفي الجزء الأخير إن شاء الله سنشرح معنى طلوع الشمس من مغربها كرمز لنهاية الزمان .

ربما الكثير من القراء إستغرب من عملية ربط رموز الأشياء والأحداث التي ظهرت في مونديال قطر بهكذا حدث عظيم عند المسلمين . ومثل هذا الإستغراب محق ، فليس من المعقول أن هذه العلامة الكبرى (طلوع الشمس من مغربها) التي تبث الخوف والهلع في نفوس الناس أن تكون بهذه البساطة ، مجرد شكل شمس موجودة على علم الأرجنتين لم ينتبه لها أحد . ولكن لا ننسى أيضا أن ولادة ظاهرة (الطفل المجرم) التي لم يعرف التاريخ عنها من قبل إلا في عصرنا الحديث، كانت أيضا ظاهرة بسيطة لم تشغل إهتمام أي عالم من جميع أنواع العلوم والفنون والدين ، ولهذا إنتشرت هذه الظاهرة في جميع شعوب العالم. لي أكثر من /٣٠/ عام أتابع هذا الموضوع في الأخبار العالمية والمقالات العلمية من آراء علماء تربية وعلماء نفس وعلماء الجريمة ، جميع هذه الآراء كانت برؤية مادية جعلت معلوماتها سطحية لا علاقة لها بأصل المشكلة ، والعجيب في الأمر أنه حتى الآن لم أجد عالم ديني واحد ، مسلم أو مسيحي أو يهودي أو هندوسي أو بوذي يظهر ويتحدث عن شدة خطورة هذه الظاهرة على الإيمان أو على النظام الإجتماعي. فظاهرة (الطفل المجرم) هي أقوى علامة من العلامات الكبرى ، فبسببها أختار الله المسيح عليه السلام ليكون هو وليس نبيا آخر غيره ، فأقوى سبب لظهور المسيح هو (تحول الطفل من كائن مسالم بالفطرة إلى طفل قاتل) . وقد ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل رمزي في حديثه الشريف عن آخر الزمان (.....ويكثر الهرج، قلت : وما الهرج؟ قال القتل) . رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتكلم من عقله ولكن من وحي إلهي ، ولهذا إستخدم كلمة (هرج) وليس كلمة (قتل) ، فكلمة (هرج) تعني أيضا إضحاك وتسلية الآخرين وإسم الفاعل منها (المهرج) . فالكبار منذ بداية التاريخ كانوا يقتلون لأسباب عديدة : الكراهية، الثأر ، سلب ثروات وخيرات الآخرين ... وغيرها من الأسباب ، ولكن في العصر الحديث فإن أهم سبب لإرتكاب الأطفال جريمة القتل كان لإضحاك زملاء القاتل في العصابة والشعور باللذة والمتعة والتسلية . ولعل أهم جريمة وأشهرها هي جريمة قتل طفلتين في إنكلترا عام ١٩٦٨ ، والجاني كانت طفلة بعمر/١١/ عام أرادت أن تُسلي وتضحك صديقتها بمشهد القتل لتشعر معها باللذة والمتعة . فذكر كلمة (هرج) لا يعني فقط معناه الحرفي (القتل) كما يفهمها علماء الدين الإسلامي، ولكن لها معنى أعمق من ذلك بكثير فهذه الكلمة البسيطة تحوي داخلها وصف كامل لما يحدث في عصرنا الحالي.

حتى يتم توضيح علاقة هذه الرموز بعلامة طلوع الشمس من مغربها، لا بد من ذكر وشرح رموز عديدة أخرى ظهرت في مونديال قطر ، فهذه الرموز قد تبدو كأشياء ساذجة في نظر علماء الدين، ولكنها في الحقيقة هي علامات إلهية لتكون بصائر للناس تساعدهم في التفريق بين الحق والباطل ، وكذلك تساعدهم في فهم حقيقة ما يحدث في هذه الأيام {هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠) الجاثية} .

منذ بداية مونديال قطر ولأسباب مفروضة من داعمي تيار الفوضى الخلاقة، راحت وسائل الإعلام العالمية جميعها تتكلم عن كريستيانو رونالدو لتجعل منه النجم الأكبر في المونديال . ولكن القدر وقف أمامهم بالمرصاد ، وتلك الجماهير الغفيرة التي تم غسل أدمغتها لسنوات عديدة لتنبهر بعظمة رونالدو المزيفة وأتت بشكل مخصوص من أجل رؤيته ورؤية مهاراته في كرة القدم ، أصيبت بخيبة أمل كبيرة ، فمستوى رونالدو المتدني وسوء علاقته مع مدربه وزملائه في المنتخب البرتغالي دفع مدربه إلى وضعه في الدكة كلاعب إحتياطي وليس كلاعب أساسي للفريق . رونالدو سجل هدف واحد فقط في مباراة البرتغال ضد غانا ، وتسجيل هذا الهدف لم يكن يحتاج إلى إبداع أو مهارة ، كونه أتى من ركلة جزاء . أما في مباراة البرتغال ضد الأورغواي فبعد الهدف الأول للبرتغال في مرمى أوروجواي ، ثارت تساؤلات بشأن ما إذا كان كريستيانو رونالدو هو صاحب الهدف أم زميله اللاعب برونو فيرنانديز ، فرونالدو قفز نحو الكرة بعد أن سددها زميله فيرنانديز، فراوغت الكرة حارس الخصم ودخلت في المرمى . وانطلق رونالدو بعدها في موجة هستيرية من الفرحة ليجعل المشاهدين يعتقدون بأنه هو صاحب الهدف. ولكن بعد تسجيل الهدف باسم رونالدو، كشفت تقنية "الفار" أن الكرة لم تلمس رأسه، ليسارع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) إلى تصحيح الخبر وتسجيل الهدف باسم فيرنانديز. وكذلك أكدت شركة أديداس المصنعة للكرة في مونديال قطر ، بأن "أجهزة الاستشعار الإلكترونية والتقنية المتصلة بكرة مباراة البرتغال وأوروجواي تؤكد بشكل قاطع عدم وجود أي تلامس للكرة مع كريستيانو رونالدو". تأكيدات التكنولوجيا الحديثة في مراقبة التفاصيل الدقيقة جدا في المباراة ، كشفت حقيقة رونالدو على مصراعيها وأظهرت كم هذا الذي يمثل قدوة في عصر الفوضى الخلاقة هو نقيض لـ ليونل ميسي الذي يمثل القدوة الصالحة لتيار التعاون والإنسجام . فمونديال قطر أثبت للجميع بأن رونالدو هو مجرد إنسان أناني يلعب من أجل نفسه وليس من أجل فريقه أو بلاده . ولهذا كان جزاءه العادل الخروج من المونديال باكيا وهو يشعر بأكبر هزيمة في حياته .

كاتب روائي عالمي لو أراد كتابة رواية عالمية عن حياة ميسي لتمنى أن تكون المباراة النهائية في مونديال قطر بين الأرجنتين والبرتغال لترى الجماهير المنافسة الأخيرة بين ميسي ورونالدو وإنتصار ميسي في نهاية المونديال . ولكن مثل هذه النهاية رغم أنها نهاية مشوقة وسعيدة جدا ، ولكنها في الحقيقة ستكون نهاية فقيرة بالمعاني فهي ملائمة للأطفال وأصحاب العقول البسيطة كونها ستبدو في النهاية مجرد صراع بين شخصين فقط . ولكن الحقيقة مختلفة تماما لأن نهاية هذا الصراع وجب أن يحدث ضمن خطة إلهية تحمل نهاية حكيمة غنية بالمعاني تحاكي جميع عقول العلماء ، فهذا الصراع كما ذكرنا في بداية المقالة هو صراع فكري وروحي بين تيارين : تيار التعاون والإنسجام من طرف وتيار الفوضى الخلاقة من الطرف الآخر . ولهذا كانت الحكمة الإلهية أن لا يواجه ميسي رونالدو في هذا المونديال في أي مباراة ، وذلك لكي تتوضح أمور أخرى تعطينا حقيقة ما يحصل تماما في المخطط الإلهي في تطور الإنسانية . لهذا كان المنتخب الذي فاز على المنتخب البرتغالي والذي طرد رونالدو من المونديال هو المنتخب المغربي بنتيجة ( ١-٠ ) بهدف واحد فقط من المغرب بالذات .

إن فوز المغرب بالذات وليس دولة أخرى على البرتغال لم يكن صدفة ولكن حكمة إلهية لها معنى عميق جدا . فالمنتخب المغربي هو المنتخب الوحيد من منتخبات الدول العربية الذي وصل إلى النصف النهائي ، إسم (المغرب) مشتق من كلمة (غرب) ، وكما ذكرنا في بداية المقالة أن القسم الغربي من العالم هو المسؤول عن تنمية المعارف المادية التي تؤمن الإحتياجات الإنسانية . المنتخبات الأربعة التي وصلت إلى النصف النهائي هي : المغرب (أفريقيا) وكرواتيا وفرنسا (أوروبا) والأرجنتين (أمريكا الجنوبية) . جميع هذه القارات هي من القسم الغربي لشعوب العالم . قارة آسيا التي ظهرت فيها الديانات العالمية ، هي فقط تمثل القسم الشرقي لشعوب العالم . ولهذا نجد أن جميع المنتخبات الآسيوية في مونديال قطر قد خرجت من دوري المجموعات أو من دوري ال/١٦/ . هذا الأمر ليس صدفة ولكن حكمة إلهية ، فطالما أن إفتتاحية مونديال قطر قد بدأ بتلاوة الآية القرآنية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(١٣) الحجرات}. وجب أن يأخذ مونديال قطر معنى شامل يبين بشكل واضح حقيقة الحكمة الإلهية في تنظيم مسؤوليات شعوب العالم والتي ذكرها الله في هذه الآية الكريمة .

اللاعب المغربي الذي أحرز الهدف الوحيد في مباراة المغرب - البرتغال ، والذي كان سببا في هزيمة وإقصاء رونالدو من المونديال ، إسمه (يوسف النصيري) ، أسم يوسف الذي ذُكر في هذه المباراة لم يكن صدفة ، ولكن علامة إلهية لها معنى يوضح معاني الرموز التي ذكرناها في المقالات السابقة . فأسم يوسف هو أسم النبي يوسف ابن يعقوب عليهما الصلاة والسلام . قصة النبي يوسف هي خاتمة سفر التكوين (الكتاب الأول في التوراة) ، حيث عنوان هذا السفر (التكوين) يعني تطور التكوين الإنساني المادي والروحي عبر التاريخ من البداية بعد خروج الإنسان من الجنة إلى النهاية . وإذا تمعنا جيدا في قصة النبي يوسف سنجد أنها قصة حياة شخص أنعم الله عليه بمحاسن كثيرة وبسبب شدة غيرة أخوته منه تحول يوسف من الإبن المدلل لأبيه إلى عبد في مصر ، ولكن بسبب إيمانه وصبره وتمسكه الشديد بتطبيق القانون الإلهي (عفة - سلام) رفعه الله ليصبح وزيرا لأكبر دولة في العالم (مصر) ، فيوسف رفض مجامعة زوجة سيده (عفة) ، وعندما أصبح وزيرا وصاحب قوة لم ينتقم من أخوته الذين أساؤوا إليه ورموه في الجب ولكن سامحهم وساعدهم (حب السلام) . بلاد مصر التي أصبح النبي يوسف الحاكم الفعلي عليها هي تلك البلاد التي توحد الشرق مع الغرب ، فجزء من بلاد مصر (شبه جزيرة سيناء) تقع في آسيا أما القسم الآخر فيقع في أفريقيا . فالنبي يوسف كان رمزا لتوحيد الشرق مع الغرب لتعمل الحضارات العالمية الشرقية والغربية (الروحية ومادية) جنبا إلى جنب ليسير تطور الإنسانية على منهج المخطط الإلهي لتصل في النهاية إلى الكمال .

شعار المثلية الذي حاولت بعض الدول الغربية رفعه في مونديال قطر ونقصد شعار ألوان قوس قزح ، هو في الحقيقة رمز النبي يوسف ولكن تم تشويه معناه في العصر الحديث ليتحول إلى معناه المناقض . فهذا الرمز قد تم ذكره في سفر التكوين في الإصحاح /٣٧/ مرتين :

٣: وَأَمَّا إِسْرَائِيلُ فَأَحَبَّ يُوسُفَ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ بَنِيهِ لأَنَّهُ ابْنُ شَيْخُوخَتِهِ، فَصَنَعَ لَهُ قَمِيصًا مُلَوَّنًا.

٢٣ :"فَكَانَ لَمَّا جَاءَ يُوسُفُ إِلَى إِخْوَتِهِ أَنَّهُمْ خَلَعُوا عَنْ يُوسُفَ قَمِيصَهُ، الْقَمِيصَ الْمُلَوَّنَ الَّذِي عَلَيْهِ"

وحتى يتم توضيح معنى رمز ألوان القميص العديدة بشكل أفضل ، أعادت الحكمة الإلهية ذكر هذا الرمز في القرآن مرتين ، الأولى في سورة يوسف ولكن من زاوية رؤية أخرى {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ( ٦٧ )} . والثانية في سورة الحجرات الآية رقم / ١٣ / التي تم بها إفتتاح مونديال قطر {..... وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا....} . فالمقصود من تعدد الألوان هو تعدد الأبواب و تعدد الشعوب . فكل لون له تأثيره الخاص على الإنسان ، وكل نوع من التأثير يحفز منطقة معينة من الإدراك في الدماغ ، وكل نوع من الإدراك يخلق نوع خاص من المعارف والتي سميت علوم . فبسبب إختلاف محصلة إنسجام الألوان لكل منطقة من العالم يؤدي هذا الإختلاف إلى تنمية نوع من الإدراك الخاص بها . فحتى نصل إلى الرؤية الشاملة يجب توحيد جميع زوايا رؤية الشعوب لنصل إلى الحقيقة الكاملة للشيء أو للحدث المدروس . الله عز وجل هو رب العالمين ، وليس رب الأمة الإسلامية فقط ، أو المسيحية أو اليهودية ..، إلخ . للأسف اليوم كل أمة تعتقد بأنها شعب الله المختار ، وأن بقية الأمم على ضلال . في عصرنا الحاضر إن كل من يؤمن بعقيدة أن أمته هي فقط على الحق هو من أتباع تيار الفوضى الخلاقة (تيار أعور الدجال) ، كونه يظن بأن اللون الذي يمثله شعبه هو نور الله . ولكن نور الله هو اللون الأبيض الذي ينتج من إتحاد جميع ألوان قوس قزح .

أولئك الذين يعشقون كريستيانو رونالدو ويكرهون ميسي ، اتهموا ميسي بأنه في إحدى المباريات مع فريقه باريس سان جيرمان، قد إرتدى قميصا يحمل شعار المثلية (الملون) ، هؤلاء يجب أن يعلموا أن روح ميسي ومن وحي إلهي قبلت بإرتداء هذا الشعار ليكون كنوع من التنبيه بأن هذا الشعار في الأصل هو شعار النبي يوسف وليس شعار الشذوذ الجنسي ، فنوعية مهارات ميسي في كرة القدم وكذلك نوعية سلوكه الإجتماعي توافق تماما مبادئ شعار النبي يوسف وبعيدة نهائيا عن مبادئ الشوذ الجنسي.

والذي حصل في عصرنا الحاضر ، أنه بدلا من إعتماد منطق التعددية من أجل الوصول إلى الحقيقة والكمال ، تحول إلى منطق التعددية في الممارسة الجنسية (الزنى واللواط والسحاق). بمعنى آخر أنه تم تشويه التعددية لتتحول من مبدأ روحي يحقق الشمولية إلى مبدأ جسدي يحقق الأنانية ورغبات النفس الدنيئة ليساهم في تدمير الروابط الإنسانية . فمن إتحاد ألوان الضوء في قوس قزح ينتج اللون الأبيض ، أما إتحاد نفس الألوان ولكن بطبيعتها المادية (ألوان الرسم) فينتج عنه لون قاتم قريب للون الأسود. شعار يوسف هو النور ، وشعار المثلية هو الظلام . ولهذا كان مصدر إسم ثمرة اليوسفي (الماندرين) في اللغة العربية مصدره من أسم يوسف ، فهذه الثمرة بشكلها ولونها تشبه قرص الشمس في بداية شروقها . الشمس هي مصدر النور في الكرة الأرضية وكذلك في المجموعة الشمسية. ولهذا القيمة الرقمية لإسم يوسف (١٥١٨) في اللغة اليونانية والعربية لها معنى (نور الله) .

أيضا من ألقاب النبي يوسف عليه السلام في الديانات السماوية هي : جميل الله ، الصديق . فالجمال لا يصل إلى الكمال إلا بتحقيق علاقة إنسجامية متكاملة بين عناصر الشيء أو الحدث في الشكل والمضمون . أما الصدق في الحكم على الأشياء فهو لا يأتي إلا عن توحيد جميع زوايا الرؤية للشيء أو الحدث . لهذا كان النبي يوسف عالما في تأويل الأشياء والأحداث ، ومعنى تأويل الحديث هو فهم عناصر أشكال الشيء أو الحدث بهدف فهم مضمونه وبالتالي فهم حقيقته الكاملة. فالنبي يوسف عليه السلام هو أول عالم حكمة يظهر في تاريخ البشرية كونه أول من قام بتوحيد الرؤية الروحية (العلوم الإنسانية) مع الرؤية المادية (العلوم المادية) ، هذا العلم فيما بعد سماه الفيلسوف اليوناني بيثاغورس بعلوم (الفلسفة ) . الفلسفة هي أم العلوم ولكن أتى الفيلسوف المزيف كارل ماركس وحذف منها الرؤية الروحية ليقضي عليها كعلم يستخدم الرؤية الشاملة. لهذا خسرت كليات الفلسفة في عصرنا الحاضر دورها في تصميم منهج علمي شامل ، فتحول المنهج العلمي الحديث إلى منهج الأعور الدجال في تأويل الأبحاث العلمية.

لهذه الأسباب كانت الحكمة الإلهية بأن يظهر إسم (يوسف) وبخط عريض جدا في مونديال قطر ، ويكون صاحب هذا الإسم هو الشخص الذي سيطرد كريستيانو رونالدو من مونديال قطر ، كون رونالدو هو المثال النموذجي لأتباع تيار الأعور الدجال (تيار الفوضى الخلاقة) . فطالما أن رمز القسم المادي في تكوين الإنسان في علم الألوان هو اللون الأحمر ، لهذا نجد أنه رغم أن اللون الأساسي لقمصان كلا الفريقين المغرب والبرتغال هو اللون الأحمر كلون أساسي واللون الأخضر كلون ثانوي ، ولكن في تلك المباراة كان اللون الأحمر والأخضر هو لون قمصان الفريق المغربي ، وكأن الأقدار الإلهية في هذه المباراة جردت كريستيانو رونالدو الممثل النموذجي لتلك الدول الغربية العظمى التي تتحكم بشعوب العالم من اللون الأحمر كونها شوهت هذا اللون وجعلته في خدمة الأعور الدجال لهذا أتى فريق المغرب وعن طريق يوسف النصيري ليخلع هذا اللون من هذه الدول الغربية ليعود هذا اللون إلى مكانه الصحيح في التكوين الروحي للإنسانية . ولهذا كانت كنية هذا اللاعب هو الكلمة (النصيري) ،

فرسول الله ﷺ إذا غزا قال: (اللهم أنت عضدي، ونصيري، وبك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل) . فالذي جلب هذا النصر لتيار التعاون والإنسجام على تيار الفوضى الخلاقة هو النبي يوسف عليه السلام أو بمعنى أدق هي روح التوحيد بين الشرق والغرب التي بدأت تظهر لتدفع الإنسانية نحو مرحلة جديدة وعصر جديد .

ولهذا أيضا كان في المنتخب المغربي لاعبان يحملان في إسمهما كلمة (الحكمة) أشرف حكيمي اللاعب المدافع (رمز الرؤية الروحية) ، واللاعب المهاجم حكيم زياش (رموز الرؤية المادية) . ولهذا أيضا كانت طريقة (يوسف النصيري) في تسجيل هدفه في مرمى البرتغال بواسطة رأسه وليس قدمه ، لأن إنتصار الحق على الباطل يأتي عن طريق تنمية الحكمة التي لا يمكن أن تحدث من خلال القسم السفلي للإنسان (القدم) ، ولكن من خلال القسم العلوي (العفة - السلام) . ولهذا شاءت الأقدار الإلهية أن يكون يوسف النصيري -وليس ميسي- هو الذي من سيقوم بمهمة طرد كريستيانو رونالدو من المونديال ، لأن الصراع ليس بين ميسي ورونالدو ولكن بين تيار الفوضى الخلاقة وتيار الإنسجام والتعاون . فميسي هو فقط من جميع لاعبي كرة القدم من يمثل النموذج المثالي الذي تنطبق عليه جميع الرموز التي تتعلق باللون الأحمر كلون روحي من ألوان الضوء التي يتشكل منها قوس قزح شعار النبي يوسف عليه الصلاة والسلام . فليس من الصدفة أن ميسي ولد في القارة الأمريكية والتي سكانها الأصليون يطلق عليهم الهنود الحمر .

في المقالة القادمة إن شاء الله سنتحدث عن رموز أحداث مونديال قطر التي تخص ميسي لتساعدنا على فهم حقيقة المضمون الروحي لهذا الحدث العالمي والذي ظهرت به العلامة الكبرى (طلوع الشمس من مغربها).

أخيراً أتمنى من كل قارئ له علاقة طيبة مع عالم أو شيخ يُعلم المسلمين الدين الإسلامي ، وكون كثير منهم يعتقد أن مسابقات كأس العالم هي أحداث ساذجة وبعضهم يهاجمها ويعتبرها عمل شيطاني ، أتمنى من القراء أن يطلبوا منهم قراءة مقالات (عدالة السماء في مونديال قطر) ليعلموا هؤلاء العلماء والشيوخ بأن نوعية الإيمان والعبادة عند الله أرحم وأرقى بكثير من تلك النوعية الفقيرة التي يفرضونها هؤلاء على المسلمين ..... والله أعلم .

ملاحظة هامة : جميع هذه المعلومات التي تم ذكرها بشكل مختصر جدا ، تم شرحها بالتفصيل الدقيق في مقالات ماضية عديدة تتعلق بمواضيع علمية لأنواع مختلفة من العلوم تحمل العناوين التالية : فلسفة الخروج من الجنة ، الكون الروحي ، معجزة هندسة المجموعة الشمسية ، الكواكب وتكوين جسم الإنسان، ، الفن الجميل والفن القبيح ، فلسفة الرياضة ، مبادئ اللغة الإلهية ، الحكمة الإلهية في تصميم الكتب المقدسة، فلسفة الألوان ، الأنبياء ومراحل تطور الإنسانية . ابن رشد الفيلسوف المظلوم ، النبي يوسف وعصر الإهرامات.... وغيرها من المواضيع المتنوعة .

وسوم: العدد 1018