صباحاتي

مصطفى حمزة

[email protected]

صباحاتي منذ سنة - ولأكونَ دقيقاً ؛ منذ سنة وشهر وبضعة أيام - لها طعمٌ خاصّ ..

 طعمٌ ألذّ من لذاذات الحياة كلها لو جُمعت !

طعمٌ مزاجُهُ القدسُ والكعبة والمسجدُ النبويّ !

ولهُ أيضاً نكهة الفردوس الأخضر ، و الكوثر ..

بعد صلاة الفجر من كل صباح أقف أمام مرآتي أسوّي هندامي لأنطلق إلى عملي ، فأنسى نفسي دقائقَ أتأمله فيها ، قامته الفارعة ، هامته الشامخة ، يده التي ترفع سلاحه ، عيناه اللتان تبرقان بتحدي القهر ، والتعب ، والغربة ، والجوع .. بسمته الواثقة بالنصر القريب ، الهازئة بقوة المستبد الجبان ..

يحبو طفلاً ، يترعرع صبيًّا مرحًا ، يكبر فتىً من نار ، يمازحني شابُّا أبيّاً يدخل القلب بلا استئذان ..

أسمع آخر كلماته : ( بابا ، ادعوا لنا .. بابا انتبه لصحتك )

أراه في مقطع فيديو في آخر دقائق عمره ، ينظر إليّ سعيداً ، مودّعًا ..

في كل صباح أعاهد نفسي ألاّ أذهبَ دامعاً ، لكنّ دموعي تخذلني وتنسلّ .. تُسابق كلمات الفاتحة التي تخرج إليه مسرعة ، وتعبق بصورته مُشتاقة إلى روحه !

صباحاتي .. صباحاتُ ابني الشهيد .. عُقبة البطل

هل تذوقتم يوماً صباح الشهيد ؟

هل زارت بيوتكم نسائمُ الشهادة ؟

ذَواقٌ يستبدّ بالنفس ويلحفها بحنانٍ غريب ؛ فإذا السماءُ أقرب ، وإذا الأرضُ أرحب ،وإذا الغربةُ أمٌ ، وكلّ غريب حبيب !