خواطر من رحم الحرب على غزة

هذه خواطر ينتظمها عٍقد الأسى الذي يلفّ قلوب المؤمنين التي تكاد تنفطر من هول ما يصيب إخواننا العرب المسلمين في غزة.

  • ما أتعس حالنا...في غزة شباب لا يعرفون حياة الرفاهية يحفرون خنادق خيالية ويُعجزون الجيش الصهيوني ببراعتهم الخارقة، وهم حفاة عراة محاصَرون، وفي بلادنا الغنية الشباب المتْرف غارق في عبادة الكرة وفي المخدرات والمهلوسات ومختلف الجرائم، اعتقالات يومية للمروّجين، السجون تعجّ بهم، حياتهم ضاعت وأمّتهم لم تستفد منهم...فرق بين صُناع النصر وصُناع الهزيمة ...آن الأوان أن نترك المناهج التربوية الفاشلة ونتيع منهج غزة في  التربية.

هؤلاء الذين يصنعون البطولات النادرة في غزة أتدرون من هم؟ إنهم الغرس الذي غرسه شيخ قعيد مشلول الأطراف تخرج من مدرسة حسن البنا فربّى جيلا على التديّن الصحيح و التضحية وأحيا فريضة الجهاد وبثّ الأمل في النفوس وركّز على التوعية فأحيا الله به القلوب المؤمنة، جمع في حركته المباركة الشباب الأطهار حفظة القرآن الإيجابيين، وها هم يهزمون على الأرض الجيش "الذي لا يٌقهر"، ولولا الخيانات الأعرابية لحرروا فلسطين كلها.

كنا نقرأ عن البطولات في بطون الكتب ونتعجب كيف يواجه بضع مئات من المسلمين آلافا من جنود العدو ويهزمونهم، وربما ظن بعضنا أنها أخبار فيها مبالغات، لكننا الآن نراها بأعيننا في غزة الشهامة...كتائب قليلة العدد والعدة تلحق خسائر كبيرة يوميا بما يسمى "الجيش الذي لا يقهر"، ولولا خيانة الأنظمة الوظيفية  لحررت فلسطين كلها، فانتظروا الكرامات والخوارق الربانية، ويكفينا قول أبي عبيدة:" كلما ظنوا أننا انتهينا سنعلمهم أننا بدأنا من جديد ".

  • لماذا يا قدس؟ ثارت غزة من أجلك، تقدم تضحيات جساما من أجلك، تتحمل ما لا يتحمله البشر من أجلك...فلماذا لا تثور أنت من أجلها؟ أين مئات الألوف الذين يعمرون مسجدك الأقصى؟ أين الأسود الذين يتصدون للصهاينة بصدور عارية حماية لثالث المسجديْن؟ أين شبابك ونساؤك؟ لمَ هذا الهدوء الغريب؟ من أين جاءت هذه السلبية؟ ألست أنت أولى بمؤازرة غزة من غيرك؟ لو ثار أهلك لثارت الضفة... أأهل اليمن أعز منك وأشجع؟ أنت القدوة فثرْ، كيف يحلو لك العيش والألوف يموتون في غزة من أجلك؟ متى كان أهلك يخشون بطش الصهاينة؟ كن أنت البوصلة، احزم أمرك وثرْ.

الحقيقة أن القدس والضفة في حاجة إلى روح جديد لنفض الغبار الذي يلفهما، حماس تجاهد وتطلق أسراهم وأسيراتهم وهم باردون متفرجون، وإذا أمكن تفسير حال الضفة بقبضة عباس الحديدية فما تفسير ركود بيت المقدس وإخلاده إلى الأرض وقد كنا نظن أنه يكون أول المنتفضين من أجل غزة؟...أخشى أن أهله يظنون أن صلاتهم في الأقصى تكفي ليكونوا من الفرقة الناجية ويدخلوا الجنة بغير حساب...لا بد من أحمد ياسين جديد لبعث روج  الجهاد في القوم، فموتهم وهم يناصرون غزة أفضل من موتهم بسلاح المستوطنين وهم قابعون في بيوتهم أو مزارعهم، وخير من انقضاء أعمارهم في سجون الصهاينة.

  • الهوان الذي يعيشه العرب في بلدانهم أشد وأقبح من معاناة أهل غزة...الشعوب في أقطار الدنيا ينددون ليل هار بالحرب العدوانية بطرق لا تُحصى وأساليب مبتكرة مثل

إقامة معارض صور رفع الأعلام الفلسطينية في مدن أمريكا وأروبا وأسيا ، تلطيخ أعلام اليهود بالرمز النازي ، ملء الجدران بالشعارات والصور المنددة بالحرب، توقيف الوزراء وهم يخطبون، استغلال وسائل النقل للدعاية ضد اليهود  وتأييدا لغزة...أما الأغلبية الساحقة من البلدان العربية فصامته صمت القبور.

صحيح نحن عاجزون عن نصرة إخواننا في غزة لكن قلوبنا تكاد تنفجر حسرة على ما أصابهم وعلى حالنا... نتألم، لا نكاد ننام، نتابع أخبارهم لحظة بلحظة، نطير فرحا للهزائم التي يلحقونها بالعدو، نسينا عاداتنا القديمة في حياتنا اليومية، همّنا الأول هو غزة والمقاومة وحماس...أليس هذا أفضل من حال ذوي العاهات العقلية والروحية الذين يتشفون في أهل غزة ويفرحون بما أصابهم ويصطفون مع العدو جهارا نهارا؟ وهم "شيوخ" لهم أتباع...رغم عجزنا نحن أفضل منهم لأن الله يقول "علم ما في قلوبهم"، فهو يعلم ما في قلوبنا.

وسوم: العدد 1065