لتشغلك نفسك

عجيب غريب أمر الناس  ! 

يحترفون مهنة دون أجر ، كمن يشتغل في أعمال السخرة ،  يعمل دون مقابل ، يعمل دون أن يقبض أجرة تعبه وشقاه.

يمسي ويصبح  مهوس الخواطر ،  شارد الدهن ، مشغول العقل  ، يشغله الفراغ .

يقضي الساعات وحرصه على غير أحواله  ، أذنه تسرق السّمع ، و لسانه يأكل اللحم الحرام ، يهدر الوقت  دون منفعة ، وليته  انتبه لحاله ! 

وحاله يشكو الفلس والضياع ، لو نظر لأحواله  لكشفت سوءاته ، لو نظر لعداد حساباته لا هاله  حاله ، ولا بكى ندما لتقصيره  في حق أنفسه. 

المؤسف هذا حالنا، نعيشه في بيئة مريضة تحتاج لمسعف ، وديدن أهل الصلاح مختلف ، يمثلون قول الشاعر 

المرء إن كان عاقلا ورعا     أشغله عن عيوب غيره ورعه

كما العليل السقيم أشغله   عن وجع الناس كلهم وجعه

يعدون المشغول بعيوب الغير مفلسا  ، كاسد البضاعة ، محروم من الأجر ، واقع في الوزر ، مكروه في الخلق ، مبغوض عند الخالق. 

يحصل هذا المرض حين تضعف الثقة بالنفس ،ويضعف الوازع الإيماني ، وحين يكون المرء في بطالة ، فغالبا بيئة البطالة تولد الآفات .

لعل وصف الشاعر أدق و أبين لحالنا .

يقول : 

نعيب زماننا والعيب فينا ** ومال زماننا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ** ولو نطق الزمان لنا هجانا

وليس الذئب يأكل لحم ذئب ** ويأكل بعضنا بعض عيانا"

إن حالنا أحبتي يستدعي منا  الوقوف مليا  لتصحيح المسار وتصحيح خط السير نحو  الطريق السوي  ، فنعيش حياة الطاعة ، ونزين حياتنا   بالإيجابية ، فتلقي  بظلالها على غيرنا ، فنسعد أنفسنا ، وبذلك نسعد غيرنا بصلاحنا .

وسوم: العدد 1072