بين حقائق العلمية والقيم المجتمعية

بين حقائق البحث العلمي وتوابث الأعراف المجتمعية، يُفضَّل ألَّا تتداخل العواطف، فالحقيقة العلمية ومختبراتها وكفاءاتها لها أقدارها المحفوظة. كذلك الأمر نفسه يتعلق ببعض خصوصيات المجتمع في جانب الهوية، ويجب التعامل معها بشيء من الحيطة حفاظًا على اللحمة المجتمعية. 

ويبقى قدر العالم ومنزلته يفرضان أن تحظى بالقبول المجتمعي، كما يبقى التعامل مع بعض الأخطاء بالحكمة التي تُعزز الوحدة المجتمعية. 

من منطلق محبتي للعلماء، ومن خلال واجب صناعة الوعي، علينا أن نركز النظر للمشكلات بمعيار التوازن بين الحقائق العلمية والقيم المجتمعية، مع التأكيد على النقاط التالية: 

المغزى الأول :

-        تشجيع البحث العلمي في المسائل التاريخية المرتبطة بقيم الأمة والدولة، مع ضرورة أن يظل الموضوع خاضعًا للمنهجية البحثية، بعيدًا عن التأثيرات العاطفية أو الاجتماعية التي تُضر بالوحدة المجتمعية وحدود الأمن القومي للوطن. فالحقائق العلمية في بعدها التاريخي والاجتماعي تُبنى عبر أدوات دقيقة (كالمختبرات والكفاءات)، ولا تخضع للرغبات المجتمعية. 

المغزى الثاني:

-        الدعوة إلى رفع مكانة العلم كبعد تربوي، فالأمة تُبنى بالعلم، والعلماء هم أصحاب الفضل في ذلك، مع الحفاظ على استقلاليتهم البحثية؛ حيث تُقدَّر النتائج العلمية بمعاييرها الموضوعية. 

المغزى الثالث:

-        على جميع مكونات المجتمع إدراك طبيعة المرحلة وحساسية الخصوصيات المجتمعية المتعددة الأعراق والثقافات، وتشجيع الجميع على حماية هذا التنوع وتعزيزه صونًا لوحدة الوطن. 

المغزى الرابع:

-        ضرورة التعامل بحذر مع القضايا المرتبطة بالهوية والعادات الاجتماعية (مثل الدين، التقاليد، أو الهوية الثقافية). فهذه "التوابث" تُعتبر خطًّا أحمرَ يجب عدم تجاوزه حفاظًا على التماسك الاجتماعي. 

المغزى الخامس:

-        على النخب الفاعلة بتنوع ثقافاتها وأيديولوجياتها أن تخلق حزامًا واقيًا يجنّبنا الاصطدام بين العلم والقيم الراسخة، خصوصًا إذا كان هذا الاصطدام يُهدِّد الاستقرار المجتمعي. 

المغزى السادس:

-        إصدار ميثاق شرفٍ يحدد دور العالم ومسؤوليته الاجتماعية، بحيث يكون هذا الميثاق درعًا لحماية العلماء ودورهم الرسالي في خدمة المجتمع والدولة. 

المغزى السابع:

-        على المجتمع الواعي أن يراعي مكانة العالم ويحترمها، مع ربط هذه المكانة بمسؤوليته الأخلاقية في التعامل الحكيم مع الأخطاء أو نتائجها، وتجنب تحويلها إلى جدل أو استهزاء. فإهانة العالم محرَّمة.

وسوم: العدد 1125