الحب القديم يتواري خجلا

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

تعتبر مرحلة الدارسة الجامعية فترة الصبا الجميل حيث كنا لا نهم في تلك الأيام بأحلام تعكر صفو حياتنا ... كنا نرى الحياة بمنظار فيه كثير من الصور والألوان الجميلة والتي تزهر فوق أحلام الغد الملون بألوان الربيع المزهر  مرسلة أزهارها في حلم لا ينقضي ...

 أحب كل منا الآخر بعمق حتى النخاع .. أنقضت تلك الرحلة على عجل  مخلفه وراءها ذاك العبق الكثيق من ضباب الذكريات التى تدق بمسمعي رغم تقدم العمر الفسيح !!!

لهذا فإن عشرين عاما من الغربه والرحيل كافيه تماما لأن تتغير بسببها حتما وجوه المحبين وقلوبهم بل ومشاعرهم أيضا ... ولعل كل منهما قد تحول إلي شيء آخر مختلف تماما من واقع التجربه التي صاغت شخصيته وبدلتها ومن أثر الآخرين فيه ... وحتي لو كان كلاهما علي العهد فإنهما لو عادوا فسيتفاجئون بالحقيقه المره أن ما إحتفظوا به في خيالهم عن الحبيب هو تماما كالصور التي يحتفظ بها خيالنا للمدن التي قضينا فيها طفولتنا ثم رحلنا عنها ردحا من الزمن ثم عدنا فإذا بكل الصور التي حفظنها لمدينتنا قد تغيرت تماما فلا الشوارع التي في خيالنا موجوده ولا الناس الذين تركناهم في أركان الصوره .... كل شيء تغير ...

فضلا عن أن من يعودون بعد كل هذا الزمن أن كل شيء تغير الشكل والوجوه والقلب والمشاعر  والشخصيه ، لا شيء بقي لهما سوي الصوره القديمه لمدينتهم التي إختفط بها الحلم  الساكن فيهم والحق يقال بأن  الحب الخالد يظل متوهجا يسكن بقلوبنا يتجدد دوما يتواري أحيانا ولكنه يبقي شعله لا تنطفىء على الرغم من تسارع الزمن نحو الأفول ...

فهذا الحب القديم قد يتواري خجلا وحفاظا علي الحبيب وإستمرار حياته التي إختارها هادئه أن تستمر ... لكنه يظل المصباح الجميل الذي يضيء حياتهم ولو وجد الفرصه للعودة لعاد فورا ودون تردد !!! ...

ليس صحيحا أن قلوبنا تتغير أبدا ....ليس صحيحا أن تغير وجوهنا يمثل عائقا ... ليس صحيحا أن عشرون عاما أو حتي خمسون عاما كافيه لحب حقيقي نبع من الوجدان والقلب وترك علاماته فيه و ليس صحيحا أنها كافيه ليتغير القلب او أن يتبدل ............. القلوب الرقيقه التي أحبت بصدق لا يمكنها ان تنسي او ان تتبدل او أن تقبل الرحيل !!! فهي ذكريات حلوة رغم مرارة  الاغتراب !!!