الدنيا فاتورة

محمد عميرة – القدس

[email protected]

مزّق إسماعيل فاتورة الإنارة بسبب ضغط الدفع الروتيني الرباعي كي يدفع عن رأسه الصُّداع َ مؤقتاً موقناً أنه سيدفعها بالذهاب إلى الشركة ، وهي المرة الأولى التي مزّق فيها فاتورة ، وسبب نفاد صبره برودة العرب في عدم إرسالهم الدّعم والمال للشعب الغلبان ـ وتلكؤهم وكذبهم وتواطئهم أكثر من ستين سنة خلت ليس في قضية الدعم المالي ؛ بل في بقاء حال الشعب الفلسطيني على ما هو عليه وإرهاقه ليستسلم ؛ لكن هذا مُحال .

لكن يبدو للمتبحّر في الأمور أن ما يراه الناس شرّا إنما يحمل في باطنه كل الخير ، فالشام مثلاً مدمّرة وتُخرّب من ابن الطاغية السابق ، لكنها بخرابها الآن هي تـُـعَمـّـر وفي طريقها إلى الحرية والعدالة وهي تدفع الآن فاتورة العَمار ِ  بالخراب .

وبالنظر للقضية من زاوية واسعة نرى أن كل الأمور تقريبا لها علاقة مباشرة بدفع فواتير ، وكأنّ الدنيا فاتورة .

فضريبة الأمن الخوف ، وضريبة الفرح الحزن ، وضريبة الصحة المرض ، وضريبة العشق الفراق ، وضريبة المال الزكاة ، وضريبة الكفر النار ، وضريبة الحياة الموت .

وذلك أنّ هذه الدار الدنيا ليست جنّة ، وإنما للإبتلاء ، أما الذين يسدّدون الفواتير مباشرة فإنهم في أمان في معاملات الدنيا والآخرة .

حيث أنّهم يوم الحساب يحاسبون حساباً يسيرا ويدخلون الجنة بسلام .

وملخص القول لما  ذ ُكِر أنّ الإنسان كان في الجنة فإذا أراد العودة إليها فيجب عليه في الدنيا تسديد فاتورتها ، وهي القيام بواجباته التي كلفه الله بها ؛ وإلا فالعقاب ينتظره .