قبلة الثقافة العربية

إبراهيم جوهر - القدس

منذ فترة ليست قصيرة والطيور تسبقني بالصحو ، واللغة ، والصباح . طالما تمنيت أن أسبقها ، لكني أعود مهزوما دائما فهي الأنشط ، والأكثر جلدا ، والأجمل غناء .

اليوم أيضا سبقتني فأفقت على ندائها المستهزئ بي ... ثم انضممت إلى مسرحها مستمعا ومستمتعا .

تأخذني الأفكار في بدايات النهار مع التغريد ولغته . رحت أتأمل ، وأقارن .

ليت لنا لغة واثقة كلغة الطيور !

ليتنا نأخذ همة الطيور !

( ليت الفتى طير ! ليت الفتى لغة ! )

جلت على محطات الفضاء بغثها وسمينها . سمعت أخبار الصباح الدامية ...لولا شحنة الجمال والتحمل التي شحنتني بها طيور الصباح لرحت في صفحة السواد والدم التي تهدينيها نشرات الأخبار .

سمعت لغة ذات لحن . وقرأت المذيعة إعلانات ثقافية لمهرجانات ثقافية تراثية متزاحمة بغرابة توقيت ، وسباق لا أدري مغزاه !

مهرجانات تتزاحم بلا تنسيق ، ولا اهتمام بالجرعة الثقافية المقدمة ...المذيعة تلحن كثيرا في قراءتها . إعلانات وزارة الثقافة على شاشتنا الوطنية بلا لغة سليمة ! لغة الطيور دائما سليمة .

زرت بيت لحم ظهر اليوم مارا ومسلّما . الأعلام الروسية ترفرف إلى جانب الأعلام الفلسطينية . وحركة توجس وترقب في انتظار الرئيس الضيف ( بوتن ) .

(أمس رأيت بألم شبانا يمسحون زجاج السيارات الأمامي حين توقفها عند الإشارة الضوئية!)

مساء زرت بيت ( أبو محمد عبد ربه ) في بيت صفافا معزيا بوفاة المرحومة ( أم محمد ) .

في خيمة العزاء نذكر الموت ، والحياة ، والإنسان الضعيف . نقول كلاما يناسب رهبة الموت ، والدنيا الفانية ... ثم نعرّج على واقع الحال التربوي والثقافي ؛ تحدثت عن الثقافة الجاهزة ، والميل إلى الكسل ..( في البحوث الجامعية ، وفي الوظائف المدرسية ، وفي موضوعات التعبير الأدبي هناك من يعتمد على " جوجل " لكسل لا لزيادة معرفة . لغة طلبتنا في الجامعات التي تستقبلهم  من المدارس ركيكة ، وكذا عدد من الصحافيين والأكاديميين . )

اللغة تموت حين تموت همة الأمة .

اللغة قبلة الثقافة العربية .

إلى متى يبقى ( تغريدنا ) مكسورا مشوها ؟!!