الخاطرة 18 : العلاقة ( امرأة - رجل ) 2

خواطر من الكون المجاور..

الخاطرة 18 :

العلاقة ( امرأة - رجل ) 2

ز.سانا

العلاقة ( أنثى - ذكر ) هي أساس جميع التطورات المادية والروحية منذ ولادة هذا الكون وحتى يومنا هذا. ولكن لفهم هذه العلاقة بشكل واضح يجب علينا فهم الحقيقة الروحية للعلاقة ( إمرأة - رجل )، فللأسف المنهج العلمي المادي في العصر الحديث لم يعطي هذه العلاقة حقها فأصبحت في نظر اﻹنسان المعاصر سواء كان رجلا أو إمرأة علاقة فقيرة لا تتعدى إنجاب اﻷطفال و إشباع الغريزة الجنسية في الطرفين. لذلك ورغم تطور العلوم المادية في كشف حقائق جديدة في طبيعة الكون المادية نرى أن هذه المعلومات والمعارف بدلا من المساعدة في فهم حقيقة قصة آدم وحواء وسبب طردهما من الجنة دفعت الكثير من العلماء والمفكرين إلى رفض هذه القصة وإعتبارها إسطورة مثل بقية أساطير الشعوب القديمة. وعدا عن هذا فإن سوء فهم هذه العلاقة قد دفع بعض علماء اﻹجتماع والنفس والتربية في النصف الثاني من القرن الماضي إلى تغيير طبيعة نظام التعليم في المدارس اﻹبتدائية واﻹعدادية والثانوية من نظام منفصل إلى نظام مختلط طلاب وطالبات معا كما يحدث في الكليات الجامعية وكأنه لا يوجد أي فرق في طبيعة التفكير بين الطفل والمراهق والراشد ، والذي كانت نتيجته تدهور العلاقة ( إمرأة - رجل ) حيث وصلت بعد سنوات قليلة إلى الحضيض فقد أصبحت هذه العلاقة في نظر الجنسين ذات منطق مادي هدفها إشباع الشهوة لا أكثر ولا أقل،حيث وصلت اﻷمور فيها أن تخجل الفتاة إذا تجاوزت الخامس عشر من عمرها دون أن تفقد عذريتها ، فصفة عذراء التي كانت تعتبر صفة مقدسة عند النساء، اليوم في الدول الغربية تعتبر صفة قبيحة. عندما تصل اﻷمور في المجتمع أن يجعل الفتاة تخجل من عفتها فإنه من الطبيعي أن تصل مشكلة حب العنف والإجرام إلى عالم الأطفال.
للأسف فإن غياب اﻹدراك الروحي في المنهج العلمي الحديث أدى إلى عدم رؤية وفهم العلاقة ( العفة - السلام ) هذه العلاقة التي أنعم الله علي برؤيتها بطريقة غريبة منذ كنت طفلا في السادسة من عمري، وإكتمل معناها العام في فكري بعد مرور 25 عاما. ولكن قبل أن أذكر اﻷحداث التي توضح كيفية ظهور هذه الفكرة في عقلي ﻷول مرة أود أن أشرح بعض اﻷشياء ليستطيع القارئ فهم القاعدة اﻷساسية لمبدأ هذه العلاقة ( العفة - السلام). حيث العفة هنا هي صفة المرأة والسلام هو صفة الرجل. فعندما تنقلب هذه القاعدة وتتحول العفة إلى زنى عندها تتحول صفة الرجل من سلام إلى عنف. فكل شيء هو في يد المرأة ، فالمرأة في الحقيقة هي قبطان السفينة التي تحمل معها اﻹنسانية بأكملها فهي التي ستحدد جهة طريق اﻹنسانية ، هل ستسير نحو اﻹنتحار والدمار أم نحو الصفاء الروحي والعودة إلى الجنة تماما كما يقول الحديث الشريف ( الجنة تحت أقدام الأمهات ) الأمهات أي ( النساء ) هن من سيحددن طريق اﻷبناء سواء كان إلى الجنة أو إلى النار. فحواء هي التي أخطأت وكانت السبب اﻷول في طرد اﻹنسان من الجنة وهي التي يجب أن تصحح خطأها لتعيده ثانية إلى الجنة هذا هو القانون اﻹلهي لتطور الحياة. للأسف كثير من المفكرين وخاصة علماء الدين لا يتقبلون هذه الفكرة وكثير منهم يعتقد أن فكرة ( خطأ حواء) غير موجودة لا في القرآن ولا في اﻷحاديث الشريفة، ومعهم حق هي غير موجودة بشكلها السطحي الذي أكتبه هنا ولكن من يدخل في مضمون اﻵيات القرآنية ويتبع منطق اﻵحاديث الشريف في تفسيرها سيجد أن هذه الفكرة موجودة تماما كما أكتبها هنا. وأسهل إثبات على ذلك هو القانون اﻹلهي في سلوك الحيوانات في موسم التزواج. حيث تقوم الذكور بعرض المميزات التي تستطيع القيام بها مثلا صنع العش عند الطيور، فالذكر يصنع العش ولكن الأنثى هي التي ستختار العش لتضع فيها بيضها بعد التزاوج مع الذكر الذي صنع العش، فهي المسؤولة عن مستقبل فراخها ﻷنها هي التي ستحدد إذا كان العش مناسبا لحضن البيض ونمو الفراخ أم لا، الذكر هنا لا يلعب أي دور في تحديد نوعية العش فهو يصنع العش والأنثى هي التي تحدد إذا كان الذكر يستحق أن يكون والد فراخها أم لا.فإذا كانت الأنثى الطير حمقاء ستختار عش سيء الصنع لتتزاوج مع صاحبه عندها هي التي ستقوم بالقضاء على فراخها ومع مرور الزمن فإن غباء الإناث في هذا النوع من الطيور وبسبب إختيارها ذكور غير ماهرة في بناء العش لتتزاوج معها سيؤدي مع الزمن إلى إنخفاض معدل الفراخ التي ستستطيع اﻹستمرار في النمو في عش سيء الصنع وثم في النهاية إلى إنقراض النوع بأكمله . أما إذا كانت اﻹناث ذكية فإن إختيارها الصحيح للذكور الماهرة في بناء العش سيؤدي مع الزمن إلى إكتساب جميع الذكور صفة المهارة في بناء العش المثالي وهذا يدفع اﻹناث إلى إختيار ميزة حسنة جديدة في الذكور لتتزاوج معها والذي يؤدي إلى تطور النوع إلى مستوى أرقى. 
كثيرا ما نسمع أن اﻹنسان فيه روح الخير ورح السوء أو بشكل آخر، اﻹنسان فيه روح اﻹنسان الذي يجعل سلوكه يتبع المبادئ السامية واﻷخلاق الحميدة ولكن فيه أيضا روح الحيوان التي تجعل سلوكه يتبع الفسق والجشع والزنى والعداوة وكل شيء سيء. فيتساءل اﻹنسان كيف يحدث هذا أن تتواجد هذين النوعين من اﻷرواح " روح الخير وروح السوء" في نفس اﻹنسان.
انظروا جيدا إلى الشكل الموجود في الصورة اﻷولى. ماذا ترون؟.....

الجميع سيظن بأنه وجه إنسان مرسوم بطريقة كريكاتورية، فهو فعلا يشبه وجه إنسان ولكنه في الحقيقة هو شكل الجزء اﻷسفل من جسم الرجل. حيث الشعر هو شعر العانة والعين هي الخصية واﻷنف هو القضيب والفم هو فتحة الشرج.......هذا التشابه في اﻷعضاء التناسلية للرجل مع وجه اﻹنسان ليس صدفة فهذا الجزء هو وجه الكائن السفلي للرجل. اﻹنسان رجل كان أم إمرأة مؤلف من كائنين، 
كائن علوي

وكائن سفلي

الكائن العلوي هو الكائن الروحي في اﻹنسان وهو يتألف من الرأس واليدين ،الرأس يحوي الدماغ وأجهزة اﻹحساس (بصر ،سمع ،شم ، ذوق) المسؤولة عن نمو الروحي ، أما اليدان فعدا أنها مركز اﻹحساس باللمس فهي أيضا اﻷداة التي تحقق رغبات ما يفكر به الدماغ. أما الكائن السفلي فهو رمز الكائن المادي لذلك فهو يتألف من اﻷجهزة المسؤولة عن النمو الجسدي ( جهاز الدوران، التنفس ، الهضم، اﻹطراح، التناسل) . 
عندما يكون الكائن السفلي تحت سيطرة الكائن العلوي عندها يكون سلوك اﻹنسان تحت سيطرة روح الخير ويتحول اﻹنسان إلى كائن يستخدم جميع أجهزة الكائن السفلي لتمده بالطاقة ليستطيع تحقيق إحتياجات عواطفه السامية وأخلاقه الحميدة . أما إذا كان الكائن العلوي هو الذي يقع تحت سيطرة الكائن السفلي فعندها يتحول اﻹنسان إلى كائن تسيطر عليه روح السوء فتظهر به جميع الغرائز الحيوانية بأبشع أشكالها فيستخدم كل ذكائه وحواسه ومواهبه في تحقيق رغبات غرائزه الحيوانية من إشباع جشعه وحبه للمجد والشهرة والمال و شهواته الجنسية. إن سيطرة الكائن السفلي على سلوك اﻹنسان لتأمين هذه الحاجات المادية الحيوانية يدفع اﻹنسان إلى طلب المزيد بإستمرار لذلك فهي تعتبر السبب اﻷول في ظهور حب العنف والقتل. لهذا نجد أنه لم تحصل في تاريخ اﻹنسانية جريمة إرتكبها طفل، فالطفل هو كائن علوي فقط ﻷن الجهاز اﻷساسي للكائن السفلي فيه ( جهاز التناسل) لا يعمل (غير موجود) لذلك فإن سلوك الطفل يقع تحت سيطرة الكائن العلوي فقط. ولكن للأسف في عصرنا الحاضر وبسبب البيئة الروحية الفاسدة في عالم اﻷطفال وصلت اﻷمور إلى درجة إستطاعت إحداث نوع من غسيل الدماغ في اﻷطفال فراح يرتكب جرائم رغم عدم وجود غريزة القتل في داخله فهذه الغريزة تبدأ بالظهور عند البلوغ. ( موضوع العنف عند اﻷطفال سنتكلم عنه إن شاءالله بشكل مفصل في مقالات مقبلة) .
هناك ثلاث أنواع من العلاقة (إمرأة - رجل) .اﻷولى هي علاقة (حب) حيث تعبر عن العلاقة بين الكائن العلوي في المرأة والرجل لذلك أعطيت هذه العلاقة في النظام اﻹجتماعي رمزها (الخطبة). وعندما يتم الزواج عندها ننتقل إلى النوع الثاني حيث يشارك في هذه العلاقة أيضا الكائن السفلي في الطرفين يهدف المتعة وإنجاب اﻷطفال ليستمر النوع البشري في الوجود والتطور وتسمى هذه العلاقة (عشق). أما عندما تكون العلاقة بين الكائن السفلي للرجل مع الكائن السفلي للمرأة من أجل إشباع الشهوات دون وجود أي صلة بين الكائنين العلويين عندها تسمى علاقة (الزنى) أو كما يطلق عليها اليوم عالميا علاقة ( سكس )، وللأسف معظم العلاقات بين الرجل والمرأة في المجتمعات الغربية هي من النوع اﻷخير هدفها تحقيق شهوات الكائن السفلي بين الطرفين.ومن ينظر إلى طبيعة سلوك الفتاة والشاب هناك من حيث نوعية الموضة التي يتبعونها سواء في شكل الثياب أو تسريحة الشعر أو طبيعة التصرفات كل من الطرفين نجد أن هدفها هو إثارة رغبات الكائن السفلي فقط أما رغبات الكائن العلوي فلا احد يهتم بها. 
الحكمة اﻹلهية في تطور اﻹنسانية وضعت علامات توضح لنا طبيعة العلاقة ( إمرأة - رجل ) والتي ينتج عنها العلاقة ( العفة - السلام) . فالديانة اﻹسلامية لم تولد صدفة في مكة، فهذه المدينة وقتئذ كانت تشهد أحداثا لم ترها مدينة أخرى في العالم كله منذ ولادة اﻹنسانية حتى ذلك الوقت، حيث كانت تجري فيها مباريات بين الشعراء في سوق عكاظ ﻹختيار أجمل قصيدة ، والفائز منها تكتب قصيدته بماء الذهب وتعلق على أستار الكعبة ، وكانت قصائد الحب العذري هي التي تأخذ المكانة اﻷولى في قلوب الجماهير. هذه المباريات الشعرية التي تأخذ قصائد الحب العذري فيها المكانة اﻷولى لم تكن إلا القسم الثاني من اﻷلعاب اﻷولمبية. فاﻷلعاب اﻷولمبية كان هدفها تحقيق السلام وذلك عن طريق السيطرة على غريزة حب العنف والقتل في الكائن السفلي وتحويلها إلى رياضة مسلية تساهم في تقوية الجسم ليساعد الكائن العلوي في القيام بعمله على أكمل وجه. أم مباريات سوق عكاظ الشعرية في مكة فكان هدفها تحقيق العفة وذلك عن طريق تقوية الأحاسيس الروحية في الكائن العلوي لتحويل العلاقة بين المرأة والرجل من علاقة عشق أو زنى إلى علاقة حب روحي. وليس من الصدفة أن الحكمة اﻹلهية في تصميم القرآن الكريم وضعت سورة الكهف قبل سورة مريم ( رمز العفة) وذكرت في هذه السورة أشهر شخصية يونانية إسكندر المقدوني (ذي القرنين) ،حيث كلمة مقدوني هي أسم المنطقة اليونانية المعروفة بإسم مقدونيا (
Makedonia ) والتي تسمع وكأنها تتألف من مقطعين، المقطع اﻷول (Make) ويسمع وكأنه إسم مدينة مكة والمقطع الثاني (donia) وكأنه دنيا أي بمعنى السفلى فكلمة مقدونيا (مكدونيا) التي ترمز إلى بلاد اﻹغريق والتي ظهرت فيها اﻷلعاب اﻷولمبية هي في الحقيقة رمز (مكة الدنيا) أي مكة السفلى والتي كانت مهمتها تقوية الكائن السفلي بشكله السليم، وذلك عن طريق إقامة اﻷلعاب اﻷولمبية وكذلك تطوير العلوم المادية، وهذه هي مهمة الشعوب الغربية بشكل عام. أما اﻹسلام و الشعوب الشرقية بشكل عام فدورها هو تنمية الكائن العلوي والعلوم الروحية واﻹنسانية لذلك نجد أن جميع الديانات العالمية ظهرت في آسيا ومنها إنتقلت إلى الشعوب الغربية. فسبب اﻹنحطاط الروحي الذي تعاني منه اﻹنسانية في عصرنا الحاضر أساسه ليس الشعوب الغربية نفسها ولكن الشعوب الشرقية ، فالشعوب الغربية قامت بدورها في عصر النهضة على أفضل ما يرام فإخترعوا لنا المصابيح الكهربائية والهواتف والثلاجات والطائرات والحواسيب والمصانع وكل ما نحتاجه لتأمين حاجاتنا الجسدية ولكن الشعوب الشرقية التي تقع عليها مسؤولية تأمين الحاجات الروحية، هي اليوم التي لا تقوم بدورها في تطوير العلوم الروحية فتركت هذا اﻷمر لعلماء الغرب فكان أول ما خرجوا به هي فكرة ( الله غير موجود) وعلى هذا اﻷساس سارت اﻹنسانية لمدة أكثر من مئة عام فوصلت إلى طريق مسدود ﻹنها وصلت إلى القاع. فاليوم و للأسف فإن مستوى العلوم الروحية (تفسير الكتب المقدسة والظواهر الروحية ) متأخر عن مستوى العلوم المادية (فيزياء ،كيمياء ،طبيعة ،فلك...) بأكثر من 500 عام. والسبب هو عدم تطبيق أهم قانون من قوانين تطور اﻹدراك والذي عبر عنه الحديث الشريف ( الله يبعث لهذه اﻷمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) فإبن رشد مثلا كان واحدا من هؤلاء ولكن علماء الدين اﻹسلامي إتهموه بالهرطقة ، أما الكنيسة اﻷوروبية فقامت بإحراق كتبه ، وكذلك ليوناردو دافنشي هو أحد هؤلاء المرشدين ولكن رجال الدين رفضوا أفكاره حتى أن الكنيسة رفضت أن تصلي على روحه بعد وفاته، أما علماء الدين اﻹسلامي فهم لم يحاولوا حتى إلقاء نظرة في معارفه ليستفيدوا منها في تفسير آيات قرآنهم الكريم..... لتوضيح هذه الفكرة الهامة سنعطي هذا المثال البسيط : 
في قصة الخلق نقرأ عن الشجرة التي حرمها الله على آدم وحواء ، وكذلك في عيد ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام الذي ولد من أم عذراء ( رمز العفة) نجد المسيحيين يحتفلون بتزيين شجرة الميلاد المعروفة. وإذا ذهبنا إلى القرآن و عبرنا عنه باﻷرقام كما تقول اﻵية 20 من سورة المطففين (كتاب مرقوم) ورسمنا خط أفقي له طول يعادل رقم عدد آيات كل سورة بالترتيب فوق بعضها البعض بحيث يكون نصف عدد آيات السورة من اليمين ونصفها اﻵخر من اليسار ، فإننا سنحصل على شكل شجرة مشابهة تماما لشجرة الميلاد التي يستخدمها المسحيين، كما يظهر في الصورة 

والسؤال هنا. هل هذا التشابه بين شجرة الميلاد وشجرة القرآن صدفة؟. هل من المعقول أن يكون عدد أيات السور وترتيبها ليعطي شكل شجرة صدفة؟ هل هناك إحتمال أن يكون ظهور عادة تزيين شجرة الميلاد عند المسيحيين و التي ظهرت قبل أربعة قرون من الزمن فقط هي من مرشد أرسله الله ليساعد المسلمين على فهم قرآنهم الكريم ،ومن فهم آيات القرآن الكريم ربما يساعدنا على فهم المعنى الحقيقي لتلك الشجرة التي كانت سببا في طرد اﻹنسان من الجنة ؟. 
مثال آخر عن نفس الموضوع. اليوم معظم الناس العامة يعلمون أن الثمرة التي كانت سببا في طرد اﻹنسان من الجنة هي التفاح (تفاحة آدم) .ولكن معظم علماء الدين وخاصة المسلمين واليهود يرفضون هذه المعلومة، والسبب هو أنه لا يوجد أي مرجع ديني في أي كتاب مقدس من الديانات السماوية تذكر بأن الثمرة كانت تفاحة. والسؤال هنا لماذا الكتب المقدسة تركت هذا الموضوع بهذا الغموض؟ الجواب على هذا السؤال بسيط جدا ، هو أن مستوى الفكر اﻹنساني عند نزول سفر التكوين لم يكن مناسب لفهم هذا الموضوع لذلك لم يدخل في التفصيلات لكي لا يتوه فكر المؤمن بأشياء لا تنفع تطوره الروحي في تلك الفترة، ولكن مع ظهور الدين المسيحي وإنتقاله إلى أوروبا تم توحيد الفكر الديني مع الفكر الغربي،وبدلا من عبادة إلهة العشق (أفروديت) التي كانت بالنسبة للمسيحيين تعتبر إلهة الزنى، حلت محلها مريم العذراء لتكون رمز العفة ، وبما أن ثمرة التفاح كانت ثمرة إلهة العشق حيث كانت تستخدم أيضا عند الغربيين كمنشط جنسي ، وكذلك شاءت الحكمة اﻹلهية أن يكون لفظ كلمة تفاح باليوناني ( ميلو ) مشابه تماما للفظ كلمة (سيء ) في اللغة اللاتينية. فذهب المسيحييون وإعتبروا ثمرة إلهة العشق هي ثمرة الشجرة المحرمة التي كانت سببا في الطرد اﻹنسان من الجنة .فما حصل لم يكن إلا نوع من الطرق التي يوحي فيها الله إلى عباده لتجديد تفسير قصة الشجرة المحرمة. وبظهور هذه المعلومة عند المسحيين ظهرت فكرة أن سبب طرد اﻹنسان من الجنة كان الزنى والذي كانت نتيجته ولادة قابيل القاتل . للأسف علماء المسلمين لم يأخذوا هذا التجديد الذي أتى مع ظهور الدين المسيحي لذلك ظل سبب طرد اﻹنسان من الجنة عند المسلمين واليهود قصة غامضة لا تنفع ولا تضر وتختلف في معناها من عالم إلى عالم آخر. وكما ذكرنا في الخاطرة 11 بأن ثمرة التفاح هي رمز الشهوة الجنسية والتي كانت نتيجتها ولادة قابيل (قايين) القاتل، لذلك نجد هذه الثمرة علميا تعتبر ثمرة كاذبة ﻷن الجزء المأكول منها هو القسم النامي من جدران مبيض الثمرة (الجزء اللحمي) بينما ثمرة اليوسفي والتي زهرته تعتبر رمز العفة ،فهي رمز هابيل الذي قال ﻷخيه قابيل ( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا باسط يدي ﻷقتلك إني أخاف رب العالمين ) وهذه الثمرة علميا تعتبر ثمرة حقيقية ﻷن الجزء المأكول منها هو القسم الملقح من مبيض الزهرة ( اﻷخبية ).والذي يمثل إتحاد الكائن العلوي في المرأة مع الكائن العلوي في الرجل. لذلك ليس من الصدفة أن سفر التكوين يبدأ بطرد اﻹنسان من الجنة بسبب ثمرة التفاح ولكنه ينتهي بقصة النبي يوسف الذي إسمه مشتق من ثمرة اليوسفي لذلك نجد قصة حياته معاكسة تماما لما حدث في بداية ظهور اﻹنسان والذي أدى إلى طرده من الجنة. فالنبي يوسف عليه الصلاة والسلام رفض ممارسة الزنى مع زوجة سيده (رمز العفة) ولم ينتقم من إخوته ﻷنهم رموه في الجب وباعوه ليصبح عبدا في مصر ولكنه سامحهم وساعدهم (رمز حب السلام ) بعكس ما فعله قابيل الذي قتل أخيه هابيل.( للمزيد من التفاصيل عن ثمرة التفاح وثمرة اليوسفي برجى الرجوع إلى الخاطرة 11 أو إلى الصفحة 156 من كتاب الرموز واﻷرقام في الفكر اﻹلهي).
إن رؤية علماء الديانات الثلاثة السطحية لقصة الشجرة المحرمة في الجنة ، وكذلك لشجرة الميلاد ، وكذلك عدم إستطاعة علماء المسلمين من رؤية شجرة القرآن ، هو مثال بسيط يوضح شدة تخلف العلوم الروحية والذي سبب الإنفصال التام بين العلوم المادية عن العلوم الروحية. 
فكرة وجود كائن علوي وكائن سفلي ومكة العليا ومكة الدنيا و العلاقة (عفة - سلام) ورمز ثمرة التفاح وعلاقتها بثمرة اليوسفي لو بقي علماء الغرب مليون عام في البحث فلن يستطيعوا الوصول إلى هذه المعلومات فمثل هذا النوع من المعلومات يأتي من اﻹدراك الروحي وهم بارعين فقط في اﻹدراك المادي ، الله عز وجل هو الذي يختار اﻹنسان وهو في سن الطفولة ويضع حوله اﻷشياء واﻷحداث بطريقة متناسقة فتتأثر روح الطفل بها وتولد فيه إحساسات وعندما يكبر هذا الطفل ويكتسب خبرة في ترجمة اﻹحساسات عندها تخرج المعلومات كنظريات وقوانين. لذلك واجب على كل إنسان يريد أن يكون مؤمن أو أن يكون حضاري أو راقي أن يساهم في تكوين بيئة صالحة تؤمن لطفل المحافظة على سلوكه ككائن علوي خالي من الكائن السفلي.ولعل فكرة (علموا أطفالكم الجنس ) والتي يدعوا لها علماء النفس واﻹجتماع في الغرب هي أغبى فكرة ظهرت من مفكر في تاريخ اﻹنسانية ، ﻷن الطفل الذي سيرى بسهولة حوله أشياء تتعلق بالعلاقة بين الكائن السفلي في الرجل والمرأة ستجعل روح الطفل تتوه وتخسر جميع مميزات الكائن العلوي. وعندها سيتحول سلوكه إلى صورة طبق اﻷصل عن الكائن السفلي في الرجال ويصاب بما يسمى العمى الروحي فيرى كل شيء حوله بشكل ببغائي دون أي إحساس. 
لتوضيح هذه اﻷفكار التي ذكرتها في اﻷعلى سأذكر لكم بعض الحوادث التي وضعها الله أمامي ﻷتأثر بها والتي كانت نتيجتها كل ما ذكرته في مؤلفاتي. فمن يقرأ كتبي يجد أنني أعتمد لغتين في فهم المعاني الروحية للأشياء ،وهما العربية واليونانية ،فالعربية هي لغة القرآن وهي عند الله رمز لغة الشعوب الشرقية ، أما اليونانية فهي لغة اﻹنجيل فجميع آناجيل العالم تم ترجمتها من اللغة اليونانية فهي عند الله رمز لغة الشعوب الغربية. إعتمادي هذا على اللغتين وكذلك ذهابي إلى اليونان ﻷتعلم هذه اللغة لم يكن بالصدفة ولكن كان مشيئة إلهية تعود جذورها إلى الطفولة. 
عندما كنت في السادسة من العمر إنتقل عمل والدي إلى منطقة تدعى ( عفرين) وهناك سكنت مع عائلتي لمدة عامين تقريبا ، ورغم قصر المدة حدثت هناك أشياء لعبت دورا كبير في تكوين طبيعة تفكيري وبحثي إلى اﻷبد. و لم يكن هذا بصدفة ولكن حكمة إلهية فإسم هذه المنطقة ( عفرين ) يسمع وكأنه يتألف من مقطعين (عف) ويسمع وكانه كلمة عربية ( عفة ) أما المقطع الثاني ( رين ) فيسمع وكأنه كلمة يونانية ومعناه ا(سلام ). فكلمة (عفرين ) كان رمز للعلاقة ( العفة - السلام ). وهذا اﻹسم كان هو أيضا إسم المدرسة اﻹبتدائية التي إلتحقت بها ﻷتعلم فيها ولأول المرة الحروف واﻷرقام. وهكذا شاءت اﻷقدار أن تكون جميع نشاطاتي الفكرية منذ ذلك الوقت وحتى اﻵن تتعلق في موضوع العلاقة (العفة – السلام).أو بشكل أعمق العلاقة ( إمرأة - رجل )......

يتبع