ليت الصفاء يدوم

ليت الصفاء يدوم !!

إبراهيم جوهر

ليت الصفاء يدوم !!

" اللهم اعطنا خير هذا الصفاء " أقول لنفسي في هذا الفجر الصافي بوضوح وشفافية وجمال ساحر ، أقول هذا الدعاء قياسا على مقولتنا المأثورة التي تستكثر الفرح ، والضحك " اللهم اعطنا خير هذا الضحك " !! نستكثر الضحك لأننا مفطورون ثقافيا على الحزن ، والحيرة ، والاغتراب ، و ...الليلك !

( طلب مني صديقي الساخر ( محمد مكي ) أن أغيّر الليلك ، واقترح (الفوشي ) !)

سألت عن ( الفوشي ) الذي يشعرني اسمه بعدم راحة ، ويشير إلى ميوعة من نوع ما لا أدريها بالتحديد ...فكان اللون مظلوما ؛ بحمله لاسمه الغريب ، وضياعه بين الألوان ، وقربه من الليلك ...

لنبق على موّالنا القديم يا صديقي إذا ، ولندع (الفوشي ) ، فاليوم وضوح يعمر الفضاء ، والجبال . اليوم صفاء حسدت نفسي عليه ، وأغبطت الطبيعة بسحره ؛ الصفاء لا يدوم ، لذا تمنيت خيرا يعقبه .

ولأن أمنياتنا تأتي بأضدادها جاءت الأنباء محمولة على جناحي غراب ؛

الرسائل مع الحكومة الإسرائيلية وصلت إلى حائط مسدود . حائط الحكومة الوحدوية أقوى من الحيطان كلها . لا أمل ، لا نافذة مفتوحة في الحائط . حائط مسدود .

الاستيطان في القدس يقضي على مشروع حل الدولتين ، يقول الواقع ، وكان قد قال من قبل . الجديد هذا الغزل (!!) البريطاني في ساحتنا المنكوبة بالسياسة ، والاستيطان ، والليلك ...

هل استيقظ الضمير البريطاني فأراد التكفير عن جريمته التاريخية ؟!

هل سيعوّض البريطاني ضحايا سياسته في بلادنا ؟! ( عرضت الحكومة الإسرائيلية على تركيا تعويض ضحايا سفينة " مرمرة " بمبلغ ستة ملايين دولار )

كم مليون دولار يلزم لتعويض الشعب الفلسطيني ؟ وهل الدولارات تفي بالتعويض ؟

العين اليسرى تدمع بسبب الرشح ، وعودة الالتهاب ، وسماع الأخبار ، وقراءة الصحف ، وإشعاعات الشاشة ....الصفاء المأمول يختفي ، بل يقل بمزيد من الغبش ، والدائرة تتسع ؛ البناء الاستيطاني في ( خربة طباليا ) سيضع المسمار الأخير في نعش القدس ويهدد حل الدولتين ، تقول وكالات الأنباء . (هل ما زال حل الدولتين معقولا ؟ هل ما زال ممكنا ؟ )

صفاء اليوم يزداد تلوينا ؛ من نقاء إلى مفوّش إلى مليلك ... الليلك سيد الموقف . لا وضوح كاف للرؤية ؛ ليلك ، ودموع ، واستيطان ، وخطب ، وتحليلات ، ومصالحة تنتظر الشروع والتنفيذ ...والقدس تهوّد بكل المعاني .

قال ( كارتر ) :  ( مبارك كان يستجيب بمهانة لطلبات واشنطن وتل أبيب ) .

التسرّب من المدارس وفق الإحصاءات الرسمية بلغ نسبة الأربعين في المئة . أسباب عديدة تقف وراء التسرب المدرسي ، ونتائج خطيرة جدا على النسيج الاجتماعي والثقافي لجيل سيستلم زمام الأمور في غد قريب ...وجزء منه استلم بالفعل !

مطلوب من الجميع التشمير والاستنفار . الأندلس ضاعت إلى الأبد ، فما زال في الخارطة بقية من أمل ، وثقة . فلا تضيّعوها ( أقول لصفحتي ، وأنا لا أدري من أخاطب سوى نفسي وآخرها المراقب بحزن ...)

كتب ( الدكتور ناصر أبو خضير ) حول اللغة العربية التي تضيع في المدارس والجامعات ، وكتب ( هشام يوسف ) حول القراءة ومناصبتها العداء ، وكتب ( يوسف ناصر ) معجبا بحرية اليمامة وسجن الناس ... أستذكر واقعا أعلمه لا يقيم وزنا للمطالعة ، والكتاب ....ونهجا غريبا بدأ يتسيّد الموقف ؛

إخراج مجلات مدرسية بهدف دعائي . اطلعت على نموذج حملت مقالاته أسماء معلمين ومعلمات على فرض أنهم كاتبو تلك المقالات المستلّة من الشبكة العنكبوتية !!!

ضياع الأمانة العلمية ، والأدبية . والمطالعة المغيّبة . واللغة الخائرة والخاوية  ، والفوشي ، والليلك ، والاستيطان ، والتسرب .......هل سيبقى صفاء الصباح على حاله ؟