انتفاضة القلب

انتفاضة القلب

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

ربطت العرب المشاعر الإنسانية بالقلب، وأعدته مكانا للمشاعر وتقلباتها، ومحلا للأمان والاطمئنان والشك والقلق، وانعكس ذلك في التعبيرات الشعبية، فقالوا: "قلبي يطمئن لفلان، ويرتاح معه أو قلبي يأكلني عليه" فكان القلب دليلا على الأمان والشعور بالرضا، كما وأنه دليل على عدم الشعور بالمسؤولية فقد جاء في المثل الشعبي "قلبي على ولدي، وقلب ولدي على الحجر.

وجاءت النصوص الدينية تؤكد ذلك، فقال الله سبحانه وتعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، ويعد القلب موضع اليقين فقال سبحانه: "إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان"، وقد عبر الحديث المشهور عن صلاح الفرد بصالح قلبه "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد، وإذا فسدت فسد الجسد، ألا وهي القلب".

ومن ناحية ثانية فإن القلب هو العقل عند العرب، وهو الدليل على التفكير، فقال الأخطل الشاعر الأموي:

"إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
 

جعل اللسان على الفؤاد".
  

وقد تفرع عن ذلك مسائل متعددة في الاعتقاد وأنواع الكلام، فجاءت تعبيرات فلاسفة العرب وعلماء الكلام باعتبار الكلام النفسي، وأن الله يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وما الذي تخفيه الصدور غير الكلام؟ وما هي الصدور غير الأفئدة من باب المجاز المرسل؟

وعلى ذلك فإن الأفئدة هي موضع التغيير، وانتفاضتها على كل باطل وعدم رضاها عن الواقع هو المهم، ولذلك ارتبطت القناعة بالقلب، والتغيير كذلك، فقال جل في علاه: "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وما هو ذلك الذي بالأنفس أليس التفكير والقناعة التي محلها القلب؟

وعليه:

فإن من أراد التغيير والتلبس بقناعات جديدة لا بد من أن يغير ما نفسه من اعتقادات وأفكار لتنسجم الأفئدة والألسنة معا مظهرا ومخبرا، وقد جاء التشنيع في القرآن الكريم على من لا يتوافق فكره وسلوكه مع قوله، ألم يقل تباركت أسماؤه وتقدست صفاته: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما تفعلون".

فلنكن حصنا منيعا في قلوب مرهفة تنصاع للحق وترضى به، ليحدث الاطمئنان، فالحق أحق أن يتبع أيها الأفاضل؟؟