طريقُ الشـّمس

طريقُ الشـّمس

محمد عميرة – القدس

[email protected]

ما أجمل الأرض الخضراء في الربيع ، فكأنما الجنـّة ُ تتنفـّـس فيه ، فحبي له جعلني أعيشه في كل الفصول ، ولو أنّ جسدي في الصيف إلا أنّ قلبي فيه ، والمحبون للمعرفة يتمتعون بأكثر من ربيع .

عالم الخيال عالم فسيحٌ يجعلك تصنع جنـّـة من خيال تكون توطئة لجنـّـة حقيقيّـة فتعمل لها لتصل إليها .

    ثـَـمـّـةَ أمور نحتاج إلى الخيال في محاولة لتفسيرها وقراءة يوم أو بضعة أيام من الماضي أو المستقبل ، فوجود عوالم أخرى غيرنا في هذا الكون الفسيح المتـّـسع أمرا ليس عجيبا ، وفي الكهف أسرارٌ عظيمة ستتبيــّـنُ يوما مـــا .

الحديث عن مخلوقات فضائية ليس جديدا ولا غريبا ؛ فبلوغ مغرب الشمس التي تغرب في العين الحمئة و بلوغ مطلع الشمس والســّــد ويأجوج ومأجوج يحتمل أن تكون على غير كوكبنا فوصل نبيٌّ من أنبياء الله مكـّن الله له وأعطاه من كل شيء سببا ً (1) إلى مكانهم مُتـّبعاً (2) الأسباب . وفي التفسير أن ذا القرنين سمي بذلك لأنه رأى في المنام أنه يمسك الشمس بقرنيها وربما تفسير ذلك أنه استخدم أسباب الطاقة الشمسية .

    أشدّ منا قوة الأمم التي أهلكها الله سبحانه وتعالى في السنين الغابرة ، وكم من أمم أخرى لم يقـْـصـُصها الله تعالى علينا ولم نعلم عنها شيئا ، وربما اشتعلت حروب في الأزمنة البعيدة بأسلحة أشدّ فتكا ً من أسلحة أيامنا هذه ؛ ليعود ما تبقى من ناس ٍ ليبدأوا في البناء من نقطة الصفر بعد الخراب .

    والناس اليوم يعتقدون أنهم في اوج تطورهم العلمي وأن ما وصلوا إليه لم يصل إليه أحدٌ قبلهم .

    وبينما الناس في المستقبل على ما هم عليه من أحوال متباينة ؛ إذ بدأت تشيع الأخبار الغريبة فصار كل الناس على الأرض أمام أجهزة التلفاز والأجهزة الصغيرة المحمولة يرقبون بهلع الخبر الذي اتسعت دائرته لـِتَعـُمّ الأرض كلها .

أجهزة الإعلام الغربية تتحدّث عن غزو فضائي وعن أجسام فضائية غريبة بعشرات المليارات تتوجه نحو الأرض من كل حـَدَب ٍ وأ ُفـُق ، وأجهزة الإعلام الشرقية تقول أنهم يأجوج ومأجوج ، لكن ّ الخوف والهلع وحـّـدا كل سكان المعمورة لأول مرة .

    إنهم يقتربون مسرعين نحو أرضنا من كل حـَدَب ٍ (3) وأ ُفـُق ٍ ، وربما تؤكد كلمة حَدَب ٍ أنهم لا يأتون من الأرض ولو أنهم من نسل آدم عليه السلام ، فلربما خرجوا يوما ما لسبب ما بعلم ما إلى كوكب يشبه الأرض فوجدوا القوم الذين شكوهم لذي القرنين فبنى لهم السّـد .

وسيدنا إبراهيم عليه السلام حين نادى في الناس يالحج أتوا من كل فج ّ عميق إشارة إلى كروية الأرض ، وليس من كل حدب عميق .

إنهم أضعاف أضعاف سكان الأرض ،وأكبر جيش عرفته البشرية يأكلون الأخضر واليابس ويلتهمون الحيوانات وحتى الناس ويشربون البحار .

    ومن اللطف الإلهي أن عيسى عليه السلام يكون في بيت المقدس وانهم لا يدخلون مكة والمدينة وبيت المقدس ، وحين مجيئهم إلى الأرض يرى الذين أشركوا أن عيسى عليه السلام ما هو إلا عبد أنعم الله عليه وأنه ليس بإله أو ابن إله تعالى الله عمـّـا يقولون علوا كبيرا ، وأن لا يد له ولا قدرة له ولا لأحد عليهم ، فيتوجه بالدعاء إلى الله فيرسل الله عليهم ديدانا أو حيوانات تدخل في آذانهم فتقتلهم ، فتملأ جثثهم الأرض كلها ، فيرسل الله الأمطار فتجرفهم إلى حيث شاء الله ، ويـُسْدلُ السـّـتار على صفحة مخيفة لـِـيــُـفـْـتــَـتـَـح َ بعد ذلك على أرض ٍ هادئة ٍ خضراء َ كالجـَـنـّــة ِ .

               

(1) السبب : الذريعة ، ما يــُتوصـّل به إلى غيره – الطريق – الحبل – أسباب السماء : مراقيها ونواحيها – (فليمدد بسبب إلى السماء ...) الحج 15 – (فليرتقوا في الأسباب) ص 10 – (لعلي أبلغ الأسباب – أسباب السموات) غافر 36- 37 .

(2) إتـّبع : الشيء مشى خلفه وسمي الظل ّ تـُبـّع لأنه يتبع الشمس حيثما زالت .

(3) حدب : حدب الظهر : تقوّس