الترابط الروحي 1

خواطر من الكون المجاور

ز.سانا

الترابط الروحي يعتبر أهم صفة من صفات الكون المجاور، هذه الصفة تخلق نوعا من القوانين التي تجعل طبيعة هذا الكون مختلفة كل اﻹختلاف عن الكون الواقعي، كل روح فيه تؤثر على اﻷخرى فتخل...ق بينهم علاقة هارمونية (علاقة إنسجامية ) تدفع كل روح في القيام بدورها على أكمل وجه ،والمقصود بمعنى اﻷرواح هنا ليس فقط روح اﻹنسان ولكن روح كل شيء له وجود، الناس، الكائنات الحية، اﻷشياء المادية ،هواء، ماء ،تراب،صخور . .الذرات التي تتركب منها المادة. .حديد. .كربون. .هيدروجين. إلخ.وأيضا الجسيمات التي تتركب منها هذه الذرات. .اﻷلكترون. ..البروتون. .النيترون. الفوتونات. .الخ.. فكل شيء له وجود له روح، بدون روح لاتوجد مادة فأساس الوجود هو الروح وبدون روح يعني الفناء المطلق ، اللاوجود.....الموت اﻷبدي.

يجب أن نفهم أن المقصود بكلمة روح كما نستخدمها هنا هو معناها العام وليس الخاص (روح القدس – روح- نفس )

ما هي الروح ؟العلم عند الله ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فدراستنا للروح تبدأ مع بداية ظهور المادة التي تشكلها الروح حولها لتكون دليل مادي عن وجودها وكتعبير عن حقيقتها ، فكل شيء حولنا مهما كان كبيرا ومهما كان صغيرا هو لوحة فنية فيها تعبير روحي يشرح طبيعة تلك الروح التي تعيش ضمنها، فالمادة هي شكل الروح الذي صنعته هي ليعبر عنها. فهناك إرتباط إنسجامي كامل بين الشكل والمضمون.

في الكون المجاور مفهوم كلمة حي أو حياة تختلف نهائيا عما هو معروف في سكان الكون الواقعي الذي تعيشه اﻹنسانية اليوم، في الكون الواقعي يوجد ما يسمى مادة حية ومادة جامدة. أما في الكون المجاور فكل شيء فيه هو حي لذلك يوجد بين اﻷشياء علاقة تأثير متبادلة ، في القرآن في سورة سبأ مثلا نجد نوع من الحوار يحصل بين نملة و النبي سليمان عليه الصلاة والسلام فالمعنى هنا هو رمزي ﻷن النملة ليس لها خلايا دماغية ولا حنجرة تسمح لها بالنطق والكلام، فالمقصود من التكلم والحوار بين النملة وسليمان هنا هو عبارة عن نوع من أنواع تبادل المعلومات بين الطرفين، وذلك عن طريق إستخدام التعبير الروحي ، فبدون روح لا يوجد معلومات، هذا النوع من تبادل المعلومات لا يتوقف عند مستوى النمل،ولكن يستمر إلى مستويات أدنى حتى يصل إلى الجسيمات التحت ذرية التي هي أصغر ما توصل إليها علماء الفيزياء الحديثة.. هذا النوع من الدراسات (قراءة التعبير الروحي ) هي من إختصاص الفلسفة لذلك ذكر الله إسم النبي سليمان عليه الصلاة والسلام في هذه الحادثة. فأهم شيء يجب أن يتمتع به الفيلسوف، هو النظرة الفنية التي تسمح له بقراءة التعبير الروحي في كل شيء أو حدث تراه عيناه أو تسمعه أذنه أو أي رائحة تأتي إلى أنفه أو أي إحساس في لمسة يده أو حتى في طعم أي شيء يتذوقه لسانه.

لذلك لفهم نوعية الروابط بين اﻷشياء من اﻷفضل أن نأخذ صورة عامة عن الروابط الرئيسية الموجودة في الكون الذي نعيش فيه.

الكون الذي يتكلم عنه علماء الفيزياء الكونية وعلماء الفضاء ليس إلا عبارة عن سجن وهو المكان الذي تم فيه نفي اﻹنسان اليه بعد طرده من الجنة، فآدم وحواء لم يخرجا من الجنة كجسد كما يظن علماء الدين ولكن كروح . المعلومات التي حصلت عليها بعد دراسات وأبحاث طويلة ، تشرح الخطوط العريضة في تطور هذا الكون منذ ولادته (خروج اﻹنسان من الجنة ) وحتى اﻵن، ونتائج أبحاثي فيها الكثير من اﻹختلاف عن نتائج علماء العصر الحديث والسبب هو إختلاف المنهج العلمي للبحث ، هم يدرسون التطور المادي للكون والحياة والحضارات بينما أبحاثي تدرس التطور الروحي لجميع هذه اﻷشياء. لذلك كان من الطبيعي ان تصل جميع آرائهم رغم إختلاف علومهم إلى شكل واحد مطابق تماما في جوهره لمنطق الفيلسوف المزيف كارل ماركس والذي عبر عنه كمبدأ (صراع المتناقضات ) والذي يمكن توضيح سلبيته من خلال ما حدث كنتيجة لعبارته الشهيرة ( يا عمال العالم اتحدوا ) حيث انقسم العالم إلى قسمين متناقضين كل قسم يريد فناء القسم اﻵخر. .العمال ضد أصحاب العمل. ..الفقراء ضد اﻷغنياء. .والذي أدى إلى إنقسام العالم إلى معسكر شرقي (دول إشتراكية ) ومعسكر غربي (دول رأسمالية ) ووصل العالم إلى ما عليه اﻵن ، هذا المبدأ الذي يحمل ظاهريا مبدأ الاتحاد ولكن في مضمونه الحقيقي أدى إلى تحطيم جميع الروابط بين اﻷشياء، هو نفسه مبدأ قانون عمل الشيطان كمصطلح ديني كما عبر عنه القرآن الكريم في سورة سبأ اﻵية 7 ( وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ) .على نفس هذا المبدأ يحاول علماء الكون ومنهم ستيفن هوكينغ أن يفسروا تطور الكون بعد حدوث اﻹنفجار الكبير، لذلك كان من الطبيعي أن يعبر عن المعنى العام لهذا القانون بقوله (ولادة الكون وتطوره ليس بحاجة إلى خالق)، تماما كما هو في الفكر الماركسي (الله غير موجود، الدين أفيون الشعوب).

إذا تمعنا جيدا في مفهوم كلمة (الله) حسب كل ديانة سنرى أن جميعها تشترك على صفة واحدة وهي الخالق الذي خلق كل شيء ،ولكن بعد ذلك تبدأ ظهور الإختلافات بينهم في مفهوم (الله) حسب كل ديانة ، فمثلا في سفر التكوين نقرأ أن الله نزل على إبراهيم عليه الصلاة والسلام وتكلم معه وأنبأه عن ولادة إبنه إسحاق ،أما في القرآن في اﻵية 51 من سورة الحجر فنقرأ (ونبئهم عن ضيف إبراهيم ) ففي القرآن لا يقول عنه أنه الله ولكن ضيف إبراهيم، من هو ضيف إبراهيم ؟ للأسف لا يمكن اﻵن توضيح هذه الفكرة بسهولة بحيث يتقبلها الجميع والسبب أن كل ما يعرفه القراء عن الدين تم تفسيره إعتمادا على منطق مادي سطحي لذلك بدلا من ان تصل جميع الديانات إلى مفهوم شامل للشيء من عدة زوايا كما وجب أن يحصل، نجدها قد إبتعدت عن بعضها أكثر فأكثر، لذلك كل مانستطيع أن نقوله كبداية هو أن الله الذي خلق آدم وحواء وكل شيء هو خارج هذا الكون ﻷن طبيعة هذا الكون فقيرة وعاجزة عن إحتوائه داخله ،لذلك فإن مفهوم كلمة (الله) يأخذ معنى مختلف في كل جملة، فهي أحيانا تعبر عن الخالق وأحيانا تعبر عن تلك القوة أو الروح العالمية الموجودة داخل الكون والتي مهمتها إعادة تركيب وتصحيح ذلك الخلل أو الخطأ الذي حدث في الجنة وأدى إلى طرد اﻹنسان من الجنة و دخوله إلى هذا السجن (الكون ) والذي بفضل هذه الروح العالمية حدث تطور الكون إلى أن وصل إلى شكله الحالي بكامل ما فيه من مادة جامدة وحية.لذلك لنستطيع فهم ما يحدث داخلنا وحولنا وفي كل مناطق هذا الكون لا بد أولا من فهم طبيعة هذه الروح العالمية.

أهم معلومة يجب أن يؤمن بها اﻹنسان هي أنه هناك قوتان كونيتان في هذا الكون وهي روح البناء العالمية (الخير) من طرف وروح التدمير العالمية (السوء) من الطرف اﻵخر. فهذا الصراع في الحقيقة لايحدث بين الله والشيطان كما يعتقد رجال الدين، ﻷنه من المستحيل أن ينشأ صراع بين خالق ومخلوق، فالمخلوق هو كائن بعيد نهائيا عن طبيعة الخالق ، لذلك هذه الفكرة مرفوضة نهائيا ومن جميع النواحي، فالصراع الذي يحصل داخل الكون هو بين مخلوق ومخلوق،أي بين روح الشيطان من طرف و ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه الله في آدم والذي بعد ذلك إنقسم إلى قسمين وشكل روح آدم وروح حواء. فهذه الروح وهي متحدة تشكل روح الله داخل هذا الكون الشاسع والذي عندما بدأ تشكله كان عبارة عن نقطة سوداء حجمها أصغر بكثير من ثقب اﻹبرة. 

المقصود من مصطلح (الله) كروح عالمية تكمن داخل هذا الكون، هو تلك القوى الكونية التي تقوم بعملية البناء عن طريق توحيد الجسيمات الصغيرة بشكل متناسق ومنسجم تأخذ شكلا أرقى بحيث تستطيع هذه المركبات الجديدة اﻹتحاد ثانية مع بعضها البعض بشكل متناسق لتكوين أشكالا أرقى وأكثر تعقيدا بحيث يسمح لها اﻹتحاد مع بعضها البعض ثالثة ثم رابعة ثم خامسة. .و..وهكذا حتى يصل هذا الاتحاد إلى شكل فائق التركيب والتعقيد بحيث تصل الروح في النهاية إلى مستوى يعبر عن معناها الحقيقي الذي بدأت به وهي تكوين روح خالقة ،أي ولادة اﻹنسان. ...فاﻹنسان هو في الحقيقة كائن مختلف كل اﻹختلاف عن الكائنات اﻷخرى ﻷنه ليس مخلوق فقط ولكنه خالق أيضا فهو الكائن الوحيد الذي يحوي في روحه جزء من روح الله، هذه الروح هي التي خلقت العلوم والحضارات وجعلت من اﻹنسان كائن لا يمكن مقارنته بأي كائن آخر لوجود إختلاف كامل بطبيعة وماهية الروح بينهما، لذلك مع ولادة اﻹنسان ككائن حي (اﻹنسان الكروماني) قبل بضع آلاف السنين نراه ذهب يحول الحجارة ذات الشكل العشوائي إلى شكل أشياء( تماثيل ) مشابهة لتلك اﻷشياء الحية مثل شكل إمرأة أو حصان أو بطة أو فيل.....فظهور هذا النوع من السلوك وﻷول مرة على سطح اﻷرض ليس إلا تعبير روحي عن ظهور ذلك الجزء من روح الله في داخل هذا الكائن الحي الذي يدعى إنسان.

أما مفهوم معنى مصطلح ( الشيطان) فهي تلك القوة العالمية التي تحاول منع إستمرار المخطط اﻹلهي في توحيد وتطور اﻷشياء وذلك عن طريق توحيد اﻷشياء بشكل عشوائي بحيث تجعلها لا تستطيع الاتحاد مع أي شيء آخر بسبب التناقض وحسب القانون العام للكون فإن أي شيء لا يتجدد يموت لذلك تبدأ العملية العكسية في التطور لتلك المركبات التي لا تستطيع اﻹتحاد مع غيرها فتبدأ باﻹنقسام إلى عدة أقسام عشوائية وهذه اﻷقسام وبسبب عشوائيتها هي اﻷخرى لا تستطيع اﻹتحاد مع غيره فتنقسم هي الآخر وهكذا إلى أن تصل إلى مستوى حيث الروح تفقد كل ماديتها ثم تموت هي اﻷخرى، لذلك عندما أذكر في مقالاتي كلمة (شيطان) أو روح السوء العالمية وكذلك كلمة (الله) أو روح الله العالمية أو المخطط اﻹلهي. ، يجب أن لاينظر إليها القارئ كما ينظر إليها علماء الغرب وكأنها مصطلحات دينية خرافية من القرون الوسطى ولكن على انها مصطلحات فلسفية ذات معاني غنية جدا.

لتوضيح مصطلح قانون روح الله في ترابط اﻷشياء وكذلك مصطلح روح الشيطان في تدمير الروابط سأضرب لكم مثال بسيط عن التغيير الذي يحصل في ترابط جزيئات الماء أثناء تحوله من حالة إلى حالة بسبب تغير درجة الحرارة :

الماء كجزيء مركب يتألف من ذرتين هييدروجين وذرة واحدة أوكسجين ويعتبر من أهم المركبات في الكون وبدونه لا يمكن وجود الحياة لذلك فهو يؤلف 70-80% من جسم الكائنات الحية، لنحاول دراسة علاقة الترابط بين جزيئاته وبين ذراته وبين جسيمات ذراته  وتغيرها في مختلف اﻷوساط.

1 -الحالة الصلبة :الماء في وسط بارد جدا تحت درجة الصفر يكون في حالة صلبة (جليد) حيث جزيئات الماء فيه تكون مترابطة ببعضها البعض بروابط جذب ثابتة تجعل جزيئات الماء تفقد الحركة فتأخذ شكل مادة صلبة. 

2 -الحالة السائلة :عند إرتفاع درجة الحرارة إلى أعلى من الصفر درجة مئوية، تضعف هذه الروابط فتجعل جزيئات الماء تنزلق فوق بعضها البعض(ذوبان) وتأخذ حركة أفقية ويتحول الماء من الحالة الصلبة إلى السائلة. 

3-الحالة الغازية : ومع إستمرار إرتفاع درجة الحرارة تضعف الروابط أكثر وعندما تصل إلى درجة الغليان 100 درجة مئوية تختفي الروابط نهائيا ويحدث بينها نوع من النفور وتكتسب جزيئات الماء حركة شاقولية فنرى الماء الساخن يتصاعد إلى اﻷعلى على شكل غاز (بخار). 

هذه التغيرات الثلاث في الماء من حالة صلبة إلى سائلة إلى غازية معروفة عند الجميع كمعلومة فيزيائية مادية، لذلك فائدتها محصورة في تأمين الحاجات المادية للإنسان فقط، لنحاول اﻵن ان نستخدم الرؤية الروحية لتتحول فائدة هذه المعلومة من مادية إلى روحية تساعدنا على فهم روحنا وروح اﻷشياء حولنا. 

الحالة الصلبة جليد (عديم الحركة) موجودة في جميع الكواكب الخارجية للمجموعة الشمسية ومنها أيضا الكوكب الرابع المريخ، في كوكب اﻷرض نجد أن الماء يشكل البحار والمحيطات وهو بشكل عام يوجد على الحالة الثانية السائلة (حركة أفقية) .إذا إنتقلنا إلى الكوكب الثاني الزهرة فنراه يعبر عن الحالة الثالثة الغازية فغلاف الزهرة يتألف من طبقة غازية كثيفة تمنع رؤية سطح الكوكب ، إذا إنتقلنا إلى الكوكب اﻷول عطارد حيث تزداد فيه الحرارة بسبب قربه من الشمس نجد بأنه لا يحوي على غلاف خارجي نهائيا لان تحطم الروابط في جزيئات الغازات قدو وصل إلى مستوى أعمق وأدى إلى تفكك جزيء الماء إلى عناصره البسيطة فتحول من غاز الماء (بخار) إلى نوعين من الغازات غاز اﻷوكسجين وغاز الهيدروجين وإكتسب حركة شديدة إلى أعلى جعلها تهرب من جاذبية هذا الكوكب إلى الفضاء الخارجي، 

4 - حالة البلاسما : حتى نستطيع أن نفهم ما يحدث في تغيير الروابط مع إزدياد الطاقة الحرارية بعد المرحلة الثالثة الغازية يجب علينا الذهاب إلى الشمس، فعندما تصل درجة الحرارة أعلى من ( 3000) درجة مئوية يحدث ما يسمى عملية التأين حيث تتحطم الروابط في داخل الذرة بين الاكترون والنواة وتصبح الاكترونات حرة هذه الحالة تسمى البلاسما وهي الحالة الرابعة في شكل المادة ويمكن ملاحظة هذه الحالة في الهالة الضوئية المحيطة بالشمس.

5 - اﻹتحاد النووي : إذا زاد إرتفاع درجة الحرارة ووصل إلى درجة 15مليون درجة مئوية مثلا كما هو في مركز الشمس ،عندها نجد ظهور قانون جديد يمنع إستمرار تحطيم الروابط فنرى حدوث ما يسمى الإندماج النووي حيث يتم إندماج أنوية نظائر الهيدروجين لتعطي عنصر جديد أكثر تعقيدا من الهيدروجين وهو الهليوم ونتيجة هذا اﻹتحاد النووي وتحول الهيدروجين إلى هيليوم ينتج طاقة هالة تخرج على شكل أشعة ضوئية وهي التي نراها تخرج من الشمس والنجوم وتأتي إلينا لتمد الكائنات الحية بالطاقة لتستطيع اﻹستمرار في نشاطها الحيوي ، في مجموعتنا الشمسية تتوقف عملية تفكك الروابط عند هذا المستوى.

- التفكك الكلي : عندما يزيد إرتفاع درجة الحرارة إلى أكثر بكثير من درجة حرارة مركز الشمس مثلا كما هو الحال عند إنفجار النجوم العملاقة التي لها أضعاف حجم شمسنا حيث تصل درجة الحرارة إلى مليارات درجة مئوية، عندها تستمر عملية تحطيم الروابط إلى أن يشمل جميع الروابط الموجودة في داخل النواة وما تحت جسيماتها و يتحول النجم العملاق فجأة إلى نجم من نوع آخر معاكس تماما للنجوم المعروفة وهو النجم الأسود أو كما يسمى في علم الفضاء الثقب اﻷسود

، في مركز هذا النجم اﻷسود يوجد نقطة سوداء لها قوة جاذبة هائلة تجذب كل شيء قريبا منها وبمجرد إقترابه تقوم بإبتلاعه وتفتيته بحيث يجعل المادة فيه تختفي من الوجود، في مركز هذا النجم اﻷسود يحدث الفناء المطلق أو الموت اﻷبدي، حيث لا وجود ﻷي شكل من أشكال المادة هناك، فقط يوجد في مركز هذا النجم شيء يدعى الزمن السلبي. 

الزمن السلبي روحيا يمثل دماغ الشيطان،أي هي المنطقة في الكون التي تعبر عن أقوى جزء من القوى العالمية الممثلة لروح السوء (التدمير). الله أشار إلى هذه الفكرة في الأساطير اليونانية فنجد أن إله الزمن (كرونوس ) كان يبتلع أولاده. ولذلك أيضا نجد كوكب زحل الذي يحمل إسم هذا اﻹله تحيط به حلقات عديدة من الغبار والصخور المفتتة ليعطيينا صورة مبسطة رمزية عما يحصل في الثقب اﻷسود،

هذه اﻹسطورة وكذلك تسمية هذا الكوكب بإسم هذا اﻹله ليس صدفة ولكن هو من عند الله، وللأسف علماء العصر الحديث نظروا إلى هذه اﻹسطورة كخرافة لامعنى لها لذلك نجدهم لا يعلمون شيئا عن مفهوم الزمن السلبي، ومفهومهم لمعنى الزمن بشكل عام أيضا خاطئ بعيد جدا عن معناه اﻷصلي،وهذا ما أدى إلى حدوث أخطاء فادحة في تفسير الظواهر الكونية وظهور الخرافات العلمية التي بدأها آنشتاين بفكرة السفر عبر الزمن ووصلت اﻵن إلى مستوى الهلوسة من قبل علماء الفيزياء الكونية الآخرين، موضوع معنى الزمن و خرافة السفر عبر الزمن سنتحدث عنه في خاطرة مقبلة إن شاءالله. 

النجم هو مصنع تخليق العناصر المادية التي يتكون منها جسمنا وكل شيء حولنا في هذا الكون فهناك نجوم صغيرة كشمسنا مثلا تقوم بتصنيع العناصر الخفيفة عن طريق تحويل الهيدروجين إلى الهليوم و الهليوم إلى بيريليوم والليثيوم ومنه إلى الكربون، وهناك نجوم أكبر تصنع العناصر الأثقل فيتحول الكربون إلى نتروجين ومنه إلى اﻷوكسجين ....وفي نجوم أكبر يتم تصنيع السيليكون والفسفور والنيكل والحديد... ..وعند إنفجار هذه النجوم تتكون العناصر اﻷثقل كالزئبق والفضة والذهب ونتيجة هذا التخليق وتحول عنصر إلى عنصر آخر أكثر تعقيدا ينتج طاقة هائلة تخرج على شكل أشعة ضوئية تنير كوكبنا وجميع أنحاء هذا الكون، فمنبع النور رمزيا يأتي من هذه المصانع التي يتم فيها بناء العناصر وتطويرها من نوع إلى نوع آخر أكثر تعقيدا.

أما الثقب اﻷسود فبالعكس فهو مصنع تدمير كل شيء لذلك هو أسود رمز الموت اﻷبدي أو الفناء المطلق.

الله عز وجل أشار إلى المعنى الروحي لهذا الثقب اﻷسود وعن الفرق بينه وبين المعنى الروحي للنجم المضيء في قرآنه الكريم في سورة النجم، فترتيب هذه السورة هو 53 ،فشكل هذا العدد باﻷرقام التي يستخدمها القرآن هو خمسة وله شكل دائرة كشكل الثقب والرقم ثلاثة له شكل فم حسب فلسفة اﻷرقام .

أي فم في مركز الثقب الدائري ومن المعروف أن من فتحة الفم تدخل المواد المادية ليتم تحطيمها عن طريق اﻷسنان،هكذا تماما ي6حدث في الثقب اﻷسود،ولكن هنا يحدث فيه تحطيم مستمر وكامل.

اﻵن إذا إعتبرنا أن سورة الفاتحة هي رمز ولادة الكون روحيا والسورة الثانية البقرة هي رمز ولادة الكون ماديا وجمعنا أرقام ترتيب السور من السورة الثانية وحتى رقم 53 ترتيب سورة النجم أي :

2+3+4+5+6....+.....+....+52+53 =1430

الرقم 1430 هو القيمة الرقمية لعبارة (الثقب اﻷسود) في نظام الرقمي للغة اليونانية (ΜΑΥΡΗ ΤΡΥΠΑ

Μ(40)+Α(1)+Υ(400)+Ρ(100)+Η (8)+Τ(300)+Ρ(100)+Υ(400)+Π(80)+Α(1) =1430

بهذه الطريقة الحكمة اﻹلهية في تصميم القرآن الكريم تطلب منا اﻹستعانة باﻷساطير اليونانية لفهم طبيعة النجم اﻷسود بشكل أوضح (إسطورة إله الزمن كرونوس)

من يقرأ سورة النجم يجد أنها تذكر معلومات عن المخطط اﻹلهي وعن طبيعة هدف روح الخير العالمية والتي تتلخص بالعبارة (وأن عليه النشأة اﻷخرى) أي إعادة تكوين اﻹنسان من جديد ليكفر عن خطيئته وليصبح صالح للعودة والعيش ثانية في الجنة، أما في سورة الطارق فتعطينا معنى الدور الروحي للنجم كنجم فعن طريق اﻹندماج النووي يمنع إستمرار تفكك الروابط ، وكذلك تعطينا معنى النجم كإنسان عندما يأخذ دور النجم في المجتمع (النجم الثاقب. لكل نفس عليها حافظ) أي دوره منع تحطيم الروابط بين اﻷشياء واﻷحداث وبالتالي منع تطور الروح إلى الوراء ، وفي الوقت نفسه تعطي رمز معاكس لكلمة ثقب المستخدمة في إسم النجم اﻷسود (الثقب اﻷسود)، فهو ثاقب يدخل في الثقب اﻷسود ويبطل مفعوله في تحطيم الروابط، فالمقصود هنا بالطارق النجم الثاقب هو الإنسان الذي يبطل مفعول فكر اﻷعور الدجال الذي يعتبر زعيم الفلاسفة المطففين.

في هذه الخاطرة تكلمنا عن موضوع ترابط اﻷشياء وتطور هذه الروابط وأشكالها كنظرة مادة، في الخاطرة القادمة إن شاءالله سنتكلم عن نفس الموضوع ولكن كروابط روحية،مع الأمثلة من اﻷحداث الميتافيزيقية التي تحدث حولنا دون أن نشعر بها فتمر أمام أعيننا ولا نعطيها من فكرنا ولو لحظات قليلة من التساؤل عن حقيقتها.