أنا في المطار..!!!

أنا في المطار..!!!

هنادي نصر الله

 أنا في المطار.. وداعًا أهلي.. وداعًا أحبابي..

أنا في المطار... كلُ حزنٍ كان في حياتي طار..لم يعد قلبي يتعلقُ بما عند الجار.. فلدينا أصبح مطار.. لم نعد بحاجةٍ إلى الذهاب إلى العريش أو القاهرة؛ سنطيرُ فورًا من مطار رفح، ونقلعُ حيثُ نشاء..!

أنا في المطارِ أشعرُ بحريةٍ لم أشعرْ بها من قبل.. فمطارُنا فلسطينيٌ وطنيٌ خالص.. لا منة لأحدٍ به علينا.. مطارٌ أنشأناه بدماءِ شهدائنا بأشلائهم التي عُجنتْ بركامِ منازلهم؛ فأصبحتْ خليطًا..!!

أنا في المطارِ.. أحلمُ بالوطنية.. أنا في المطارِ أعيشُ نكهة ومعنى أن أكون فلسطينية..!

لن نعيشَ تحت رحمةِ الخطوط الجوية العربية الأخرى، لن نطلبُ " سُلفةً" طائراتٍ عربية أو أجنبية لتذهب بنا إلى حيثُ نشتهى.. مطارنا لنا.. وبه أنواعٌ مختلفة الأحجام من الطائرات، ولدينا أيضًا مضيفي طيران، وطاقم جوي رهيب..ما أروع ابتساماتِ فريق الطيران من أصغرِ فردٍ فيه حتى أكبر عضوٍ فيه..

أول ما صعدنا مصعد الطائرة" كبرنا " الله أكبر، ثم طلبنا من بعضنا البعض أن ندخل بقدمنا اليمنى؛ لنتوسم خيرًا بطيراننا الجوي الأصيل..

بعدها.. قلنا دعاء السفر، زدنا عليه" اللهم لك الحمد حتى ترضى بأن وهبتَ لنا مطارًا وطيرانًا وحريةً " ثم أنشدنا نشيدنا الوطني، ولأول مرة نشعرُ بالسيادة ونحن نردده..

موطني موطني موطني.. الجمال والجلال والسناء في بهاك.

والطيرانُ ما أروعه إذ يعود إلى هواك.. لك الحمد ربي في علاك..

ما أروع الأحلام حين نغلفها بهمنا الوطني الكبير؛ حين نحلم من أعماق القلوب" بمطارٍ جميل" يتسع لكل معذبي الأرض ومحرومي غزة من السفر..

ما أروع أن يكون لنا مطار.. لا يتحكم به الجار القريب، ولا العدو البغيض.. ما أروع أن يكون لنا مطار يحمينا من المنع الأمني، فلا أحد يُرفضُ أمنيًا أو يُمنع من السفر..

ما أروع أن يكون لنا مطار، يحول دون تكدس أعداد المرضى وأصحاب الإقامات على معبر رفح..

ما أروع أن يكون لنا مطار.. يحمينا من كل الإهانات.. ولن نكون فيه تحت رحمة أحد..

ما أروع أن يكون لنا مطار.. ننشدُ فيه كل الأشعار.. نقول من قلوبنا" ما أجمل التنقل بعد أن كرهناه وكرهنا معه كل الأسفار، بسبب إغلاق معبر رفح..

ما أروع أن يكون لنا مطار.. ينعشُ الأحلام العليلة، ويُعيد الروح إلى أجسادٍ ما عادتْ إلإ على نعوشٍ محمولة.. وهي تئنُ سريريًا وتطلبُ فتحًا فوريًا لمعبر رفح..!!

وأبقى أحلم.. أنا في المطار.. في مطار غزة الدولي.. مطارٌ لن أحتاج بعده أي أحد.. لا معبر رفح .. ولا بيت حانون/ إيرز..

وأفتخر.. بأن قلبي لا ييأس.. وإن ذاق الأمرين في ظل حصارٍ مرٍ وخانق..

وأنا في المطار..