جهاد

إن وضع أحدهم في دربك صخرة كبيرة الحجم، ثقيلة الوزن، سدت عليك باب الخروج.. فكتمت صوتك، وجمدت أحلامك، وقهرت كبرياءك، واستعبدت روحك الحرة الأبية.. فأنت أمام خياران لا ثالث لهما.

فإما أن تستسلم للضعف والعجز، وتُغرق نفسك البائسة في بحارٍ لا تنتهي من الدموع والأحزان، وتدندن آهات الشكوى لتعيش دور الضحية بكل معانيه المُقززة.. أو أنك تسعى جاهدًا لتحرر ذاتك من قيودها الخانقة، بعد أن جعلتك عاجزًا.. مُعطل القوى.. مُثيرٌ للشفقة.

أنقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.. بادر لتغيير ماهية ذاتك الهزيلة التي أردتك للذل والهوان.. أيقظ العملاق القابع في أعماقك.. لملم شتات نفسك المُبعثرة.. تغنّ بطموحاتك.. ولا ترضى لنفسك إلا العزة والكرامة.. ولسوف تقدر بعون الخالق العظيم على ركل تلك الصخرة وتفتيتها، والانطلاق في دروب الحياة.. فالله عز وجل يقول: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا...".

فالماء البارد يُمسي آسنًا إذا ما بقى سجين القِدر، ثم يتلاشى مع مرور الزمن حتى ينتهي أمره.. أما الماء المغلي الذي ألهبته النيران فهو يأبى البقاء حبيس القِدر، فيسارع لتغيير ماهيته ويتحول إلى بخار.. وسرعان ما يتأجج ذلك البخار المتمرد فيستجمع كل طاقاته ليدفع بغطاء القِدر القابض على أنفاسه، فيُلقي به جانبًا، ليجعل لنفسه مخرجًا إلى العالم الخارجي.. فيخرج حُرًا طليقًا ليُحلق عاليًا في الآفاق.

وسوم: العدد 646