خاطرة

عبدالإله أحمد بن الحسن المدني عبقري

1-الصدق.

ليس الصدق بلها، ولا قولا مأثورا، إنما الصدق ما وقر في القلب وصدقه اللسان، إنه الإيمان عينه، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب،

من أجل ذلك لم يكن يوما ضربا من الاحتيال، ولا شكلا ولا صورة، ولا نمطا موسوما بشخص أو هبة أرضية، إنه عطاء الرحمان .. متى ما تدفقت عطاياه على قلب المحبين الصادقين، وفاحت مزاياه على الأرجاء شد إليه الأفراد والأمم.. اللهم صل على الصادق الأمين.

2- ويسألونك..

ويسلونك  عن خير الأمم، فقل ضحكت من جهلها كل الأمم،

ويسألونك عن الحرم فقل استبيح وغدت عائدته الى بلاد العجم،

ويسألونك عن صلاح الدين وعن حطين وعن الملثمين، فقل ذاك زمان ولى في الغابرين..

ويسألونك عن المروءة فقل روح وريحان وجنة نعيم، أجارنا الله أجمعين..

ويسألونك عن فلسطين، فقل إلى أن يلج الجمل في سم الخياط.. ويتعاقب على الأرض الف من الجديدين، وتنبت في صحراء بني يعرب  الرياحين، وفي نفوسهم عزة الأولين.. حينها نصلي العيدين.. ويبعث في المواليد صلاح الدين..

ويسألونك عن قضايا العرب فقل هم من فلق الإصباح إلى العتمة ومن جاهليتهم إلى زمان افتتانهم يمجدون القوام الرشيق والقد الممشوق ويتسامرون في التغزل وتتبع العجائز..تلك قضيتهم المقدسة .. وقد سلط عليهم الفرس والروم الحسناوات فسالت شهوات بغير قدَرها، وغدا موطن الغنى والترف عند الغلمان وبائعات الهوى والتافه ممن أحال عقله إلى تقاعد مبكر فهو يموج مع بني يعرب في ساحات السياسة والاقتصاد بلا  عقل مع الماهرين في التزلف لأول مشتر في سوق الضمائر.

ويسألونك عن الأمانة،فقل: أي بني رفعت مذ كان الحياء صبيا  يرتع في مراتع الإيمان، ويتبوأ في ظلال الكرامة والرحمة، مع قوم رحماء، يوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة..

ويسألونك عن الجار، فقل قار وعار وشنار، فلم يعد ذاك الذي يامن جاره بوائقه، فقد غرق في رحلة وسافر عبر الزمن البعيد وتعطلت آلة سفره بين قوم منكرين فأوجس منهم خيفة، وقال رب الموت أحب إلي مما يدعونني إليه، ثم قضى نحبه منكِرا منكَرا.

ويسألونك عن زمن السهر بين الألفة والألاف، ومناشدة عذب الكلام وطيب الخصال، فقل إن سحر هاروت وماروت يفرق بين المرء وزوجه، أما سحر الهالات الضوئية  والهواتف الذكية، فقد فرق بين الآباء والأبناء و الأمهات، وأحال العوائل متفرقات، بعضهم ينظر إلى بعض، حتى مضى حلو عمرهم  وانطفأت جذوة حياتهم .. فاستفاقوا على رحيل الولد أو الوالد...

وسوم: العدد 814