خواطر من الكون المجاور..الخاطرة 104 : مكانة المرأة الجزء 2

قبل أيام قليلة شهد العالم مرة أخرى إنتحار طفل ضحية العنف في المدارس. في مدينة برادفورد في بريطانيا شارك آلاف البريطانيين في جنازة الطفل البريطاني أسد خان ( الصورة ) البالغ من العمر 11 عام الذي وضع حدا لحياته بسبب عدم قدرته على تحمل ضرب ومضايقات زملائه في المدرسة. رحمه الله وكان في عون أهله وأقربائه.

في المقالة الماضية ذكرنا أن المرأة رمزها اليد ( راح - ال ) والرجل رمزه القدم ( يعقوب ) ، ربما يرفض بعض المسلمين هذه الفكرة ﻷن هذه اﻷسماء ومعانيها لم تأخذ أهمية كبيرة في اﻹسلام حيث اﻹسم ( راحيل ) غير مذكور أصلا في القرآن ،وأن هذه الفكرة تعتمد فقط على التوراة ،وهؤلاء المسلمين لا يعترفون بصحة كتب التوراة نهائيا. ولكن إسم يعقوب مذكور في القرآن وهذا اﻹسم هو إسم عبري مصدره كلمة (عقب ) أي قدم في اللغة العبرية ، 

أما إسم راحيل فهو غير مذكور ﻷن القرآن لا يذكر أسماء النساء ( ما عدا مريم فهي حالة خاصة ) ، حيث المرأة هي رمز للإدراك الروحي لذلك يجب اﻹحساس بوجودها بشكل روحي وليس حرفي كما هو بالنسبة للرجال. فالمرأة عبر التاريخ لعبت دوراً هاماً في التطور الروحي للإنسانية ولكن رغم ذلك كتب التاريخ لم تذكر عنها شيئا لأن الذين كتبوا التاريخ لم يستطيعوا رؤية دورها كونه دور روحي ورؤيته يحتاج إلى مستوى عالٍ من اﻹدراك الروحي. فمن يتمعن جيدا بنوعية التطورات التي حصلت في تاريخ اﻹنسان سيجد أن جميعها كانت لمصلحة المرأة أولا ، فاليوم مثلا أصبحت القوة العضلية عديمة اﻷهمية في جميع المهن ، واليوم أصبح كل شيء يعتمد على حركة اﻷصابع واليد وكما أثبتت التجارب العلمية أن هندسة وتركيب عظام الكوع واﻷصابع في يد المرأة أفضل من يد الرجل ، فيد الرجل أقوى من يد المرأة ولكن حركة اليد واﻷصابع في المرأة ودقتها في العمل أفضل من يد الرجل ، بينما بالعكس في عظام القدم ، فقدم الرجل أفضل من قدم المرأة في السير والجري والتوازن. هذه اﻹثباتات العلمية عن اﻹختلاف في طبيعة المرأة عن الرجل تؤكد على أن اليد هي رمز المرأة وأن القدم هي رمز الرجل وأن هذه الرموز ليست من الخيال ولكن توافق ما هو مذكور في الكتب المقدسة وتوافق أيضا نتائج التجارب العلمية.

التجارب العلمية بإستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي أثبتت أيضا أنه هناك إختلاف واضح في طريقة عمل الدماغ المرأة عن دماغ الرجل ، فقد تبين أن دماغ الرجل أثناء المراقبة والقراءة يعمل فقط النصف اﻷيسر من الدماغ وهو المسؤول عن اﻹدراك الواقعي ونقصد اﻹدراك المادي ، بينما في المرأة فنجد أن كلا النصفين اﻹيسر واﻷيمن من الدماغ يعملان في فهم ما تشاهده العين والحواس الأخرى ( كما توضح الصورة ) وكما هو معروف علميا النصف اﻷيمن في الدماغ مسؤول عن اﻹحساسات العاطفية والروحية ، إن إشتراك النصف اﻷيمن مع النصف اﻷيسر من دماغ المرأة في العمل أثناء المراقبة قد أعطى المرأة ميزة خاصة وهي الحاسة السادسة ، فقد أثبتت التجارب العلمية أن المرأة لديها الحاسة السادسة تسمح لها معرفة أسباب الحدث قبل أن تقوم بتحليله عقليا ، ولكن دماغ الرجل ينتظر حتى يتم تحليل الحدث ليعطي أسبابه. مثلا إذا دخل اﻹبن إلى البيت وهو حزين فتوقعٌ كبير أن تفهم اﻷم سبب حزن إبنها في اللحظات اﻷولى من دخوله البيت ، بينما اﻷب سيحتاج إلى تفكير وتحليل ليحصل على نفس النتيجة.

رغم عدم فهم العلماء سبب وجود الحاسة السادسة في المرأة بشكل أقوى بكثير من الرجل ، ولكن التمعن في نوعية اﻹختلاف بين عمل دماغ المرأة وحواسها عن عمل دماغ الرجل وحواسه ، يجعلنا نفهم أن سببه اﻷول في وجود هذه الحاسة في المرأة هو أن نوعية التعاون بين النصف اﻷيمن مع النصف اﻷيسر من دماغ المرأة أفضل من الرجل والسبب الثاني أن عمل الحواس الثلاثة بصر وشم و لمس أيضا أفضل من الرجل ، فإشتراك هذه الميزات مع بعضها البعض يعطي حاسة جديدة وهي الحاسة السادسة والتي هي ليست إلا نوع آخر من الرؤية وهنا لا نقصد رؤية العين ولكن رؤية الروح لما يجري حولها أو ما نسميه بالبصيرة أو بمعنى آخر اﻹدراك الروحي.

مما سبق شرحه في اﻷسطر أعلاه ، يؤكد على أن القاعدة العلمية التي أعتمد عليها في أبحاثي والتي تعتبر أن رمز روح الله ( Λ ا ) يعبر عن المرأة والرجل ككائن متكامل ، حيث الرمز ( Λ ) يمثل المرأة ويمثل الكائن الروحي في اﻹنسان فكما هو واضح فالرمز ( Λ ) يتألف من خطين يتحدان في القمة وهذا يعني أن رمز اﻷنثى يتألف من قسمين ، بينما الرمز ( ا ) يمثل الرجل ويمثل أيضا الكائن السفلي للإنسان وهذا الرمز كما هو واضح من شكله يتألف من خط واحد أي أن رمز الرجل يتألف من قسم واحد، فالمقصود من الحديث الشريف ( شهادة إمرأتين تعادل شهادة رجل ) هو أن رمز الرجل يتألف من قسم واحد ( ا ) بينما رمز المرأة يتألف من قسمين ( Λ ) .

كل شيء في هذا الكون إما أنه مؤنث أو أنه مذكر.

القسم الداخلي من الذرة ( النواة ) هي مؤنث لذلك تتألف من نوعين من الجسيمات ( بروتونات ونيترونات) أما القسم الخارجي فهو يتألف من نوع واحد من جسيمات وهي الكترونات. إذا تمعنا جيدا في الفرق بين حجم الطاقة الناتج من القسم المذكر في الذرة من النشاط اﻷلكتروني في التيار الكهربائي أو في عمليات اﻹحتراق ، وبين الطاقة الناتجة عن القسم المؤنث في الذرة بسبب النشاط النووي إندماج أو إنشطار لوجدنا أنه لايمكن المقارنة بينهما ﻷن حجم الطاقة الذكرية ضعيفة جدا بالمقارنة مع الطاقة اﻷنثوية . فالطاقة النووية ( المؤنثة ) الموجودة في غرام واحد من أي مادة يمكن أن تتحول إلى قوة محركة يمكن أن تستخدمها سيارة لتقطع حوالي 15مليون كيلو متر تقريبا. في حين أن هذه السيارة حتى تستطيع أن تقطع نفس المسافة بإستخدام البنزين ( طاقة مذكرة ) فهي تحتاج إلى حوالي مليون ليتر بنزين. القوة الموجود في مليون ليتر بنزبن ( قوة ذكرية ) تعادل غرام واحد طاقة نووية ( قوة مؤنثة ) .فالحديث الشريف ( يأ معشر النساء تصدقن وأكثرن اﻹستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار. ... ) ينوه على هذه الناحية والمقصود أن الطاقة ( النار ) الناتجة عن اﻷنثى أخطر بكثير من الطاقة الناتجة عن الذكر . لذلك فإستخدامها بإتجاه خاطئ تكون آثارها سلبية أكبر بكثير من أخطار المذكر.

أيضا الـDNA يتألف من قسم مؤنث وقسم مذكر ، فوحدة البناء فيه التي تسمى علميا نيوكليوتيد تتألف من قسمين : القسم اﻷول وهو رمز المؤنث ويسمى نيوكليوزيد ( أساس + سكر ) و القسم الثاني هو رمز المذكر وهو حمض الفوسفور. وهنا نجد أيضا أن القسم المؤنث هو المسؤول عن تحديد نوعية الصفات الوراثية التي يحملها الـDNA، وذلك ﻷنه يتوقف على نوع اﻷساس في كل وحدة بنائية. أما القسم المذكر ( حمض الفوسفور ) فهو فقط يساعد في ربط الوحدات البنائية ببعضها البعض . فالمسؤول اﻷول عن تطور الصفات الوراثية في الكائنات الحية سببه القسم المؤنث وليس المذكر.

الكائنات الحية تقسم إلى مملكتين مملكة نباتية وهي المؤنثة ومملكة حيوانية وهي المذكرة ، النباتات هي المؤنثة والقرآن قد أعطى دليلاً يؤكد على صحة هذا الرمز في اﻵية التي تتحدث عن مريم ( وأنبتها نباتا حسانا.. ) ونجد أن النباتات لا تعتمد في تغذيتها على الكائنات الحية اﻷخرى فهي تستمد الطاقة من الأشعة الضوئية عن طريق عملية التركيب الضوئي ( رمز التغذية الروحية ) ليحولها إلى قدرة كيميائية ﻹصطناع المواد السكرية من الماء وثاني أكسيد الكربون. أما المملكة الحيوانية التي هي رمز المذكر فهي تتغذى على الكائنات الحية ( تغذية مادية ) سواء كانت تغذية نباتية أو تغذية حيوانية. وهنا نجد أيضا أن أهمية المملكة النباتية أكبر من أهمية المملكة الحيوانية ، فالحياة يمكن أن تستمر بدون وجود المملكة الحيوانية ، ولكن بدون المملكة النباتية فالحيوانات لا تستطيع اﻹستمرار ﻷن الحيوانات اللاحمة تعتمد في تغذيتها على الحيوانات العاشبة ، وهذه بدورها بدون وجود النباتات ستموت جوعا ﻷنها نباتية التغذية ، وبالتالي المملكة الحيوانية ستنقرض بدون وجود المملكة النباتية.

في المملكة الحيوانية أيضا يوجد أنواع مؤنثة وأنواع مذكرة ، الحيوانات العاشبة هي المؤنثة أما الحيوانات المفترسة فهي المذكرة ، ورغم أن الحيوانات المفترسة أقوى من الحيوانات العاشبة ورغم أن اﻷنثى في المفترسة تلد في كل ولادة عدد كبير من اﻷفراد فالذئبة مثلا يمكن أن تلد في الولادة الواحدة 6 -7 جراء أو أكثر ، أما انثى الغزال مثلا فتلد غزالا واحدا في كل ولادة ، ولكن ومع ذلك نجد أن عدد قطيع الغزلان في الغابة أكبر بكثير من عدد الذئاب في الغابة . فإحتمال إنقراض الذئاب أكبر بكثير من إحتمال إنقراض الغزلان. وهذا يعني أن وجود الغزلان ( رمز اﻷنثى ) في الغابة أقوى من وجود الذئاب ( رمز الذكر ) . فالقانون اﻹلهي للغابة يتناقض عما نسميه ( قانون الغاب ) حيث القوي يأكل الضعيف فهذا قد ينطبق على الفرد ، ولكن حسب القانون اﻹلهي فإن النتيجة العامة هي أن الخير في النهاية سينتصر على الشر.

لا نقصد هنا أن المذكر ( الشر ) هنا هو رمز ﻵدم ، ولكن هو رمز قابيل الذي قتل أخاه هابيل.

وكذلك الرجل في العصور الماضية كان هو القوة المسيطرة في المجتمع ولكن رغم ذلك كان عدد النساء في المجتمع أكبر بكثير من عدد الرجال ، وهذا كان من أحد اﻷسباب التي سمحت للرجل في الإسلام أن يتزوج أكثر من إمرأة واحدة ، ولكن اليوم الظروف مختلفة، فنجد بشكل عام أن عدد الذكور يقارب عدد اﻹناث في المجتمع ، وزواج الرجل بأكثر من إمرأة واحدة يعني أن رجل آخر سيبقى بدون إمرأة. فقانون الزواج الذي كان في العصور الماضية يسمح للرجل الزواج من أربع نساء ، اليوم لا يصح تطبيق هذا القانون ﻷنه يخالف نهائيا الشروط التي وضعها القرآن الكريم وذلك بسبب أختلاف الظروف كما شرحنا.

يتضح لنا من الشرح المسبق أن تأثير المرأة ( أو رمز اﻷنثى بشكل عام ) في تطور اﻷشياء منذ ولادة الكون وحتى اﻵن أقوى من تأثير الرجل (أو رمز المذكر بشكل عام ) ، هذا القانون الكوني يجعلنا نفهم أن معنى اﻵية ( الرجال قوامون على النساء. .. ) لا تقصد أن الرجل أفضل خلقا من المرأة ، ولكن كونه في العصور الماضية هو الذي كان يعمل فهو المسؤول على نفقتها وكونه هو الذي يملك القوة الجسدية فهو المسؤول عن حمايتها ، وذكر سبب نزول هذه اﻵية يساعد على فهمها أكثر ، فكما تذكر الوقائع أنه لما ضرب أحد الرجال زوجته ، أرادت الزوجة القصاص أي بمعاقبته بمثل ما فعل هو لها ، فذهبت إلى رسول الله تطلب منه أن يعطيها هذا الحق ، فنزلت هذه اﻵية لتمنع المرأة من ضرب زوجها ، فسبب نزول اﻵية ليس له علاقة بتفضيل الرجل على المرأة ، ولكن ليمنع المرأة أن تسلك سلوك الرجل وهو الضرب وكذلك اﻹنتقام بالمعاقبة بالمثل ، ﻷن المرأة كائن مسالم والكائن المسالم يجب أن يسامح.

أما عن ( نقصان العقل عند النساء ) كما هو مذكور في الحديث الشريف فهنا يعطينا هذا الحديث الشريف صورة واضحة عن الفرق بين حجم عقل المرأة وحجم حجم عقل الرجل كمادة وليس كفكر أي المقصود هنا الدماغ وليس العقل كفكر ، حيث حجم دماغ المرأة هو فعلا أصغر من دماغ الرجل ، ولكن كما ذكرنا عن طريقة عمل الدماغ فإن نوعية عمل دماغ المرأة أفضل من نوعية عمل دماغ الرجل. لذلك تأتي اﻷحاديث الشريف اﻷخرى لتؤكد ذلك ( الجنة تحت أقدام اﻷمهات ) ..( أوصيكم بالنساء خيرا ، أوصيكم بالنساء خيرا ، أوصيكم بالنساء خيرا ) ... ( إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ) وغيرها من اﻷحاديث الشريفة التي تتكلم عن أهمية المرأة.

المقطع اﻷخير من الحديث الشريف الذي نناقشه يذكر في آخره عن نقصان الدين في النساء ( ... وتمكث الليالي فلا تصلي ولا تصوم رمضان ، فهذا نقصان الدين ) والمقصود من سبب نقصان الدين هو الحيض أو الطمث ، ولكن المرأة ليس لها ذنب في ذلك ﻷن طبيعة جسدها تم خلقه هكذا ، فإذا إخذنا التفسير الحرفي لهذه العبارة في الحديث الشريف سيحدث تناقض مع اﻷحاديث الشريفة اﻷخرى ، ولكن إذا تمعنا جيدا بدور المرأة وتأثيرها على تطور الكون عندها سنجد أن عبارة ( نقص الدين ) لا تعني أن إيمان المرأة أقل من إيمان الرجل ولكن تعني أن نوعية إيمان المرأة تختلف عن نوعية إيمان الرجل وذلك بسبب إختلاف عمل دماغ كل واحد منهما . فدور الرجل هو نشر وحماية دينه عن طريق البحث في تعاليم هذا الدين الذي ينتمي إليه ، أما إيمان المرأة فله دور آخر وهو حماية الترابط الروحي العالمي للإنسانية بأكملها ،لذلك كانت الحكمة اﻹلهية في جميع اﻷديان أنها حرمت على المرأة أن تقوم هي بدور اﻹمامة في المساجد والكنائس والمعابد فهذا الدور هو للرجال فقط ، ﻷن كل دين يهتم بتصليح وتنمية قسم معين من تطور اﻹنسانية ، ولكن المرأة دورها الحقيقي هو توحيد جميع هذه التطورات. ﻷن هدفها ليس إصلاح إمة واحدة ولكن إصلاح اﻹنسانية بأكملها. فالرجل على سطح اﻷرض لا يمثل آدم ولكن قد يمثل هابيل أو قد يمثل قابيل ، ولكن المرأة فهي تمثل حواء على سطح اﻷرض ، فيجب عليها أن تنظر إلى أطفال العالم وكأن جميعهم أطفالها.

قبل عدة سنوات صرح لورنس ساميرس عميد أشهر جامعات العالم جامعة هارفارد ( النساء لا تصلح للعلم) . لو كانت اﻹنسانية اليوم تسير في تطورها الصحيح كما أراده الله لها لكان رأيه هذا خطأ فادحاً جدا، ولكن بالنسبة لهذا العصر الذي يسير باستمرار من السيء إلى اﻷسوأ فرأيه على صواب، فالنساء اليوم فعلا الظروف لا تسمح لهن أن يبدعن علميا في هذا العصر وسبب عدم صلاحية دماغ المرأة لتشارك في اﻹبداع العلمي هو نفسه هذا العميد ومعظم علماء العصر الحديث الذين حذفوا اﻹدراك الروحي من جميع الكتب المدرسية بمختلف أنواعها. فجميع العلوم اليوم تعتمد على اﻹدراك المادي والرجل كما ذكرنا أفضل من المرأة في هذا النوع من اﻹدراك ، فكلام عميد جامعة هارفارد يشابه الرأي الذي يقول أن المرأة لا تصلح لرياضة حمل اﻷثقال ، وهذا شيء طبيعي أن لا تصلح المرأة لهذه الرياضة ، ﻷن الهدف الحقيقي من تطور الحياة هو رفع وتنمية القيم السامية واﻷخلاق الحميدة وليس رفع اﻷثقال. لذلك كان من الطبيعي أن تكون علوم العصر الحديث غير مناسبة للنساء ﻷن المنهج العلمي الحديث تم تصميمه ليلائم دماغ الرجل فقط فهو يعتمد بشكل أساسي على النصف اﻷيسر (الواقعي) من الدماغ ، بينما دماغ المرأة يعتمد في عمله بنسبة أكبر على النصف اﻷيمن ( الروحي ) . لذلك نجد أن التقدم العلمي في العصر الحديث قد حقق قفزات واسعة في العلوم المادية كالطب والفيزياء والميكانيك وغيرها ولكن من ناحية العلوم اﻹنسانية والروحية فنجده اليوم في أسفل السافلين.

المرأة اليوم تعيش في عصر غريب فحالة المرأة اليوم مشابهه لحالة برعم الزهرة الذي يعيش في حالة تناقض بين الزمن والظروف الطبيعية المحيطة به فرغم دخول البرعم في فصل الربيع الذي يجب أن يتفتح فيه ليتحول إلى زهرة لها بتلات بألوان جميلة ورائحة عطرة ولكن الظروف الطبيعية من حوله لا تزال شتوية ،برد قارس ورياح شديدة بحيث لا يسمح للأنف اﻹحساس بالرائحة العطرة ، أمطار غزيرة يجعل بتلات الزهرة تخسر قوامها وألوانها الجميلة. في مثل هذه الظروف يجد هذا البرعم الزهري نفسه بأن الزمن يجبره بأن يتفتح بينما الظروف الخارجية تطلب منه أن يبقى مغلقا على نفسه إلى الأبد. البرعم ليس له عقل لذلك سيبقى برعما ولن يتفتح ليظهر جمال ألوانه ورائحته إلا عندما يأتي الربيع بكامل صفاته.ولكن في حالة المرأة والتي لها عقل فللأسف فقد إستطاعت روح السوء في الرجال الذين صنعوا هذا العصر المادي المتناقض أن يخدعوا المرأة لتظن أن الظروف البيئية من حولها هي ربيع ،ففرحت ﻷنها بعد معاناة آلاف السنين إستطاعت أن تصنع الظروف الملائمة لها لتلعب دورها الحقيقي في تطوير المجتمع روحيا ،فوثقت بأولئك الرجال وإنطلقت لتثبت وجودها في هذه البيئة الشتوية القاسية، حيث المنهج العلمي المادي الذي كتبت به الكتب المدرسية جعلها تخسر روحانيتها و أنوثتها فتحولت في نظر الرجل إلى جسد خالي من الروح ، فأصبحت فريسة سهلة بالنسبة للرجل لإشباع شهواته الحيوانية . وأكثر من ساعد في هذا الخداع هو فن العصر الحديث إلذي إعتمد في جميع أنواعه وخاصة اﻷفلام السينمائية على أقوى غريزتين من الغرائز الحيوانية وهما الجنس والعنف، فنجد ظهور نوعين متناقضين تماما من التطور اﻹجتماعي ، فنجد مجتمع يسير نحو اﻹنغلاق المطلق كما يحدث في معظم المناطق المتخلفة من الدول اﻹسلامية، في أفغانستان مثلا نجد بعض الرجال المسلمين المتعصبين بدينهم تعصبا أعمى يرفضون جميع أنواع التطور ااﻹجتماعي حيث وصلوا إلى مرحلة أن يعاقبوا الفتيات اللواتي يذهبن إلى المدارس لمتابعة تعليمهن برمي ماء النار على وجوه تلك الفتيات ليبثوا الخوف في نفوس جميع الفتيات فيتوقفن عن متابعة تعليمهن. بينما في الطرف الآخر نرى تطور المجتمعات الغربية الذي يسير بإتجاه معاكس تماما وفي أبشع مظاهره، حيث الفساد الروحي ونظام اﻹختلاط الذي يطبق في جميع المراحل الدراسية قد نمى ظاهرة تعاطي المخدرات ونشر اﻹباحة الجنسية لتصبح علاقة الرجل مع المرأة في أبشع مظاهرها فنسمع عن حدوث عمليات إغتصاب فتيات قاصرات من زملائهن الطلاب في حمامات مدارسهن أثناء ساعات اﻹستراحة .

اﻹنسانية هذه اﻷيام تخرج من الجنة التي صنعتها على اﻷرض بعد جهود دامت آلاف السنين، وخداع المرأة هذه المرة لم يكن من الشيطان نفسه ولكن من إبن الشيطان المتمثل في أولئك الرجال الذين إستغلوا لهفة المرأة في إستلام دورها لتعطي المجتمع وجهه الروحي ، هؤلاء الرجال الذين خدعوا المرأة هم أمثال كارل ماركس وأميل زولا وبول سيزان وبابلو بيكاسو و داروين وآخرين غيرهم ذكرناهم في الخاطرة 28( خدعة القرن التاسع عشر ).... ولكن اليوم حالة المرأة ليس كما كانت في الجنة فحواء اليوم لا تمثلها إمرأة واحدة فقط ولكن نساء العالم اﻷجمع ، واليوم حيث بدأ هذا العصر المزيف يكشف عن وجهه الحقيقي....يوما ما وعساه قريب إن شاء الله صرخة روح حواء في كل إمرأة ستتحد في صرخة واحدة لتحل مكان تلك الصرخة التي صرخها ماركس قبل أكثر من قرن ( يا عمال العالم إتحدوا ) والتي بفضلها إتحد نصف العالم ليدمر النصف اﻵخ ، و ستظهر بدلا من هذه الصرخة الدموية ، صرخة أخرى ملائكية تقول ( يا نساء العالم فلتتحدن... فأطفالنا اليوم ينتحرون ).

وسوم: العدد 689