لن أكون.. غير أنا

خديجة وليد قاسم ( إكليل الغار )

تراودني نفسي ببهرجة و لذيذ كلام .. تغريني برهيفِ رذاذٍ من غمام .. بشبكة  مكرها تحاول اصطيادي .. و بمعسول حرفها تغريني بشرابٍ لذيذٍ ينعش فؤاديَ  الصادي .. تبدأ بمد حبائل سحرها .. و إحكام طوق شعوذتها .. و إغداق سحر مكرها .. فأكاد بلهفة إليها أطير .. و عن دربي الذي اخترت أعلن التغيير .. و قبل الولوج إلى  عالم كاذب ممجوج .. تتقد شعلة إيماني و تمتد ألسنة لهيبها تبتلع أدراني .. فيتعالى  في داخلي هتاف .. و كأنه سجين فرّ من جبروت سيّاف .. يتعالى في ثورته .. و يشق ستار ليلٍ عربد بسطوته  ،  فلا يهدأ حتى يجري على لساني كلمات ولا يقر حتى تتولد من شفتيّ الهمسات .. يلحنها و يموسقها  يشذبها و يرققها .. لطير صادحٍ يدفعها فيغنيها  ..  و كم  تسعد نفسي  تلك النغمات و تسليها .. يتقافز من غصن لغصن .. و بعذوبة يردد أجمل  لحن .. يصول و يجول و برقة و رهافة يردد حداءه و يقول  :

  لن أكون غير أنا

لن أختار في ذات الآخرين الفنا

لن أتعثّر في ظلمات ليل العنا

سأبقى هناك و هنا

بذات الحزن .. ذات الحب .. ذات الدرب ..ذات العاطفة تسقيني الهنا .. ذات الشقاوة تعلن عنواني : أنا

ثوبي الذي وشّته أمي بخيوط الفضيلة وحاكته بأناملها الرقيقة النبيلة وزينته بدرر الأخلاق الجميلة.. دون كلل أو ملل .. دون توانٍ أو عجز أو كسل، ثوبي الذي  امتزج فيه شذى  عطرها بدفء عرقها .. هو ما يطيب لي ارتداؤه .. هو الذي لا يبلى سناؤه ..  هو الذي في دجى بردي يدفئني .. و من  جمر ناري ينشلني .. وفي ليل سهدي يسليني و يهدهدني .. فمالي و لأثواب الغير ألبسها .. و ما لي و لنياط القلب بسيوف التقليد أذبحها .. و مالي لدروب غريبة عني ، نفسي أقحمها ؟!

أكرم نفسي بصدق همسي .. و أفي بوعدي لها ما بين غدي و أمسي .. و أتقلب ما بين رهيف نبضي و رقة جرْسي .

بضياء قلبي .. أنتزع شوك دربي .. و بماء عيني أروي طهر تربي .. و بأهداب مهجتي أحنو ببعضي على بعضي .. فلا سود الدنايا تسم جبهتي بعارها .. ولا بؤس الرذيلة تكتويني بنارها .. ولا قبح النوايا تسكنني في دارها .

هكذا أنا .. و هكذا كنت .. و هكذا سأكون .. و على هذا سألقى ربي يوم المنون.