خواطر من الكون المجاور..الخاطرة 106 : التعبير الروحي في تمثال أبو الهول

الإنسان ومنذ ظهوره على سطح اﻷرض إستخدم فن النحت كنشاط فكري روحي يحول به اﻷشياء ذات عديمة الشكل إلى أجسام ثلاثية اﻷبعاد تعبر عن أشكال كائنات حية ، فصنع تحفاً فنية مختلفة بعضها تماثيل لها أشكال حيوانات و أخرى لها أشكال إنسانية ، كثير من فلاسفة الفن حاولوا تفسير ظهور هذه الرغبة في نفوس أولئك الفنانين ، فذهب كل واحد منهم يدلو بدلوه ، فظهرت آراء عديدة بشأن هذا الموضوع ، وجميع هذه اﻵراء حتى اﻵن تتكلم فقط عن التعبير الروحي الذي حاول الفنان أن يظهره لتفسير طبيعة إحساسه نحو ذلك الكائن الذي حاول تجسيده في عمله الفني . ولكن إذا أخذنا اﻷمور بشكل أعمق بكثير من تلك اﻵراء ، سنرى أن أصل ظهور هذه الرغبة في كل فنان هو تعبير فطري لا واعي يؤكد فيه الإنسان لنفسه وللآخرين بأن الإنسان كائن مختلف عن بقية الكائنات الحية لأنه كائن يتميز باحتواءه جزءاً من روح الله بداخله ، فجميع الكائنات الحية هي كائنات مخلوقة ، أما اﻹنسان فهو كائن مخلوق ولكن أيضا فيه صفة الخالق. والمقصود منه هنا أنه خالق مادي ، وليس روحي فالخلق الروحي هو لله وحده فقط ، أما تحويل الحجارة ذات عديمة الشكل إلى تمثال له شكل حصان أو سمكة أو صقر أو إمرأة فهو خلق مادي، وهو نوع من اﻹبداع الذي يتمتع به اﻹنسان فقط عن سائر المخلوقات.

للأسف اﻹنحطاط الروحي الذي يعاني منه العصر الحديث جعل من الفن وتطوره حوادث عشوائية لا معنى لها في توضيح تطور اﻹنسانية روحيا ، فمن يبحث في شرح وتفسير التعبير الروحي للأعمال الفنية القديمة والحديثة سيشعر وكأن نقاد الفن اليوم هم مثل أولئك الذين يتكلمون عن شكل الدواء وطعمه ورائحته ولونه وشكل القارورة التي عبئ فيها وحجمها وغير ذلك من الصفات ،فنجدهم يبحثون في كل شيء ظاهري يتعلق بهذا الدواء ما عدا تأثيره على مكافحة المرض ، فالدواء تم صناعته لهدف واحد وهو شفاء المريض وهو المضمون الذي يعبر عنه الدواء. أما اﻷشياء اﻷخرى فليس لها علاقة بهدف الدواء ولكن لها علاقة باﻷمور اﻹقتصادية والتجارية لهذا الدواء. على هذا المبدأ تماما يتم اليوم نقد اﻷعمال الفنية، فالنقاد اليوم يتكلمون عن كل شيء ظاهري يتعلق بالعمل الفني ما عدا تأثيره على روح المشاهد. فهذه النقطة بالنسبة لهم أصبحت من الغيبيات. ﻷن مشكلة اﻹنسان الحديث أنه ضعيف البصيرة لذلك فهو عاجز عن الوصول إلى مضمون اﻷشياء.

كل عمل فني يعبر عن طبيعة ومستوى تطور تلك الروح التي عاشت في ذلك العصر الذي تم فيه صنع ذلك العمل الفني ، والموضوع ليس بهذه البساطة التي يمكن شرحها بسهولة والسبب هو أن إنسان العصر الحديث من خلال تلك التفاهات التي تعلمها في الكتب المدرسية عن الفن ، قد أحدثت به نوعاً من غسيل الدماغ الذي شوَّه ذوقه وإحساسه الفني الطبيعي. لذلك نجد اليوم أن الفن قد تحول إلى عنف وجنس ، ومعظم الناس - لﻷسف - يساعدون على إستمرار إنحطاطه من خلال مشاهدته ، وأفضل إثبات على ذلك سلسلة روايات وأفلام هاري بوتر. فمن المعروف أن الكثير من دور النشر في البداية رفضت نشر رواية هاري بوتر لأنها لا تصلح لذوق اﻷطفال فأحداثها تجري في عالم مظلم موحش مرعب ، ولكن ومع ذلك إحدى دور النشر وافقت على نشره وبمساعدة الدعايات التجارية لهذا العمل الساقط أحدث نوع من غسيل الدماغ للكبار والصغار.، واليوم تعتبر سلسلة أفلام وروايات هاري بوتر من أكثر المبيعات في عالم الكتب والسينما.

في هذه المقالة سنتكلم عن تمثال أبو الهول لنوضح بالتدريج العمق الروحي لهذا العمل الفني ، و لنستطيع أن نأخذ صورة واضحة عن نوعية التعبير الروحي في اﻷعمال الفنية ، فكل عمل فني حقيقي هو في الحقيقة ليس إلا نوع من أنواع التعبير الروحي الذي يشرح لنا بعض أسرار العالم الروحي الذي نعيش به والذي نحن جزء منه أيضا.

يعتبر تمثال أبو الهول أول تمثال في تاريخ البشرية من حيث طبيعة تعبيره الروحي ، لذلك كان حجمه ضخم جدا بالمقارنة مع جميع التماثيل اﻷخرى التي صنعت قبله. وكأن الفنان الذي صنعه أراد أن يكون حجمه ملفتاً ومبهراً لجميع الأنظار ليعطي شعورا قوياً لكل من يشاهده ليتوافق مع حجم المعنى الروحي الذي يحمله تمثال أبو الهول في داخله والذي سنشرحه بالتفصيل.

من صنع تمثال ابو الهول ومتى!؟..هذه اﻷسئلة مهمة ولكن هنا لن ندخل في تفاصيلها ﻷنها تحتاج إلى إثباتات عديدة ستجعلنا نخرج عن الموضوع الأساسي ونتوه في مواضيع تاريخية ودينية ، لذلك كل الذي نستطيع أن نقوله هنا هو أن تمثال أبو الهول تم نحته من تلة صخرية كلسية في النصف اﻷول من اﻷلف الثالثة قبل الميلاد. وله شكل كائن خرافي يتألف من جسم أسد ورأس إنسان ، طوله 73،5 متر وإرتفاعه 20 متر ( الصورة )

بشكل عام يرمز تمثال أبو الهول إلى الحكمة ( الرأس ) والقوة ( اﻷسد) . ومن خلال اﻷسماء التي سمي بها في مختلف مراحل تاريخ مصر الفرعونية ، نجد أن جميع اﻷسماء مصدرها هو اﻹله حورس ، والذي إنتصر على إله الشر ست الذي قتل أبيه وأخذ العرش منه ، فعاد العرش إلى حورس وأصبح دوره هو حماية والحراسة بلاد مصر. أما إسم ( أبو الهول ) فهو حسب آراء علماء المصريات هو عبارة عن تغيير حصل في إسم هذا التمثال ( بر حول ) الذي سمي به في الفترة اﻷخيرة من مصر القديمة ويعني بيت حوروس ، حيث تحول بعد ذلك إلى ( بو حول ) ومع دخول العرب إلى مصر تحول إلى ( أبو الهول ) . وحسب علماء المصريات ، فإسم أبو الهول ليس له علاقة بالمعنى الحرفي لكلمة ( هول ) والتي تعني فزع أو خوف.

إذا تمعنا بما كتبه علماء التاريخ واﻵثار عن هذا التمثال ، سنجد أنه يعتمد على المنهج المادي ، فكل ما كتب عن تمثال أبو الهول هي أشياء سطحية تتعلق بشكله الظاهري ، وكأن وجود هذا التمثال في تلك المنطقة هو بمحض الصدفة وليس له أي علاقة بأي تدخل إلهي. وأن تسميته المعروفة اليوم ( أبو الهول ) ليس لها علاقة بمعناه الحرفي ( أبو الخوف أو الفزع ) ...... ولكن هل من المعقول أن يكون هذا العمل الضخم الذي صمد لفترة زمنية تقارب الخمسة آلاف عام أن يكون قد صنع بالصدفة وهل يعقل أن وجوده ومعناه أيضا صدفة في تاريخ اﻹنسانية!؟

لنأخذ اﻷمور خطوة خطوة ، تمثال أبو الهول والذي يحمل معنى الحماية والحراسة توجد خلفه ثلاثة أهرامات والمعروفة اليوم بإسم أهرامات الجيزة ، الهرم بشكل عام كان عند المصريين القدماء له معنى سلم الروح لتصعد نحو السماء ، فهنا لدينا ثلاث أهرامات أي ثلاث سلالم ، أي ثلاث مراحل صعود الروح ، وكما هو معروف أن تطور الحياة حصل على ثلاث مراحل وهي تطور الحياة في الماء ، تطور الحياة على اليابسة ، وتطور الحياة في الهواء. فكل هرم من أهرامات الجيزة هو في الحقيقة مرحلة تطور روحية ، وحامي هذه التطورات والحارس عليها هو أبو الهول كرمز.

والآن لنتمعن إلى إسم المدينة التي توجد بها هذه الأهرامات ( القاهرة ) وإسم المنطقة هي ( الجيزة ) ، هذه اﻷسماء بالنسبة لعلماء التاريخ هي أسماء وضعت بالصدفة وليس لها أي علاقة مع معاني هذه اﻵثار ( الأهرامات وتمثال أبوالهول ) ولكن إذا إعتمدنا مبدأ هرمس الذي يعتبر مؤسس الحكمة المصرية والتي على قواعد هذه الحكمة تم بناء الحضارة المصرية القديمة ، والتي بدورها أثرت في فكر الحكماء اﻹغريقيين الذين أصبحت لغتهم لغة اﻹنجيل ، سنجد أن إسم عيسى ( ΙΗΣΟΥΣ ) في اللغة اليونانية قيمتها الرقمية تعادل ( Λ Λ Λ ) ، حيث شكل كل رقم ثمانية يعبر عن هرم من أهرامات الجيزة. وهذا ليس بصدفة فإسم المنطقة ( جيزة ) يسمع وكأن مصدر هذه اﻹسم هو كلمة عيسى باللغة اﻹنكليزية جيزس ( Jesus ) . أما إسم القاهرة فهو رمز لحواء التي تحاول ان تتوب وتصحح خطيئتها.

للأسف انفصال العلم عن الدين في العصر الحديث أدى إلى تحول قصص اﻷنبياء إلى خرافات لا تنفع نهائيا في البحث العلمي ، لذلك نجد أن أسباب ذهاب إبراهيم ويوسف إلى مصر وكذلك أسباب ظهور موسى ( عليهم الصلاة والسلام ) في مصر حسب ما يذكره علماء الدين لا تفيد علماء التاريخ بشيء يساهم في توضيح الوضع الروحي الذي عاشه المصريين القدماء في ذلك الوقت ليقتنعوا بتأثير هؤلاء اﻷنبياء في تطور الحضارة المصرية. ومن يبحث في ما يكتبه علماء التاريخ عن مصر القديمة لن يجد أي أثر في كتاباتهم لا عن إبراهيم ولا عن يوسف ولا عن موسى عليهم السلام ، وكأن القصص الدينية المذكورة في الكتب المقدسة ليست إلا خرافات لا مكان لها في تاريخ مصر ، رغم أن معظم هؤلاء العلماء يدعون أنهم يؤمنون بهذه الكتب المقدسة.

كما شرحنا في مقالات ماضية بأن شكل جغرافية المناطق ليس صدفة ولكن علامات إلهية تفسر معاني روحية لكل منطقة ، فخريطة القارة اﻷفريقية لها شكل رأس إنسان له قرن ، فالمقصود بشكل خريطة أفريقيا هي رمز الشيطان ، فاﻹنسان ظهر ﻷول مرة في أفريقيا وهو رمز يدل على أن أفريقيا هي رمز الكرة اﻷرضية والتي هي المكان الذي طرد إليه اﻹنسان بعد خروجه من الجنة ، فذهاب إبراهيم عليه السلام إلى مصر ليست صدفة ولكن هي حادثة رمزية لها معنى إنتصار الشيطان على آدم ، فإسم إبراهيم يعني ( أبو الشعوب ) وهو رمز ﻵدم ، لذلك خسر إبراهيم المعركة أمام حاكم مصر التي هي رمز ﻷفريقيا فأصبحت زوجة إبراهيم جارية في حاشية ملك مصر، ولكن الله ساعد إبراهيم وجعله يأخذ زوجته ويتحرر من سيطرة حاكم مصر ليخرج منها ، وبعد إبراهيم أرسل الله يوسف عليه السلام فإستطاع يوسف بفضل عفته وحكمته أن يصبح وزيرا على مصر كرمز ﻹنتصاره على روح الشيطان التي تمثلها أفريقيا كرمز.

فمصر كحضارة إنسانية هي في الحقيقة رمز لانتصار روح الخير على روح السوء ، لذلك كانت منطقة بلاد مصر هي المكان الوحيد الذي يتصل عن طريق اليابسة بالقارات المجاورة لها. فتمثال أبو الهول في الحقيقة هو رمز لتلك الروح التي إنتصرت على روح السوء والتي دورها منع خروج أي شيء من روح السوء ( أفريقيا) إلى المناطق اﻷخرى آسيا وأوربا. لذلك فإسم أبو الهول كما يسمى هذا التمثال اليوم ليس صدفة كما يعتقد علماء التاريخ ولكن حكمة إلهية لها المعنى الحرفي الذي يحمله وهو ( أبو الخوف ) والمقصود به الذي يخاف منه أصحاب روح السوء ، لذلك فكلمة ( هول ) فيها أيضا معنى المدهش والجميل ، فنقول مشهد هائل ويعني منظر يجلب اﻹعجاب ، وكذلك فكلمة ( هول ) تسمع وكأنها الكلمة اﻹنكليزية ( holy ) ومعناها مقدس. فتمثال أبو الهول هو مخيف ﻷتباع روح السوء ولكن مقدس ومدهش ﻷتباع روح الخير.

تمثال أبو الهول كعمل فني يعبر عن تلك الروح التي نفخها الله في آدم ليصبح مخلوقا يستحق أن تسجد له جميع الكائنات الحية اﻷخرى يجمع بين الحكمة والقوة.

نقاد الفن ينظرون إلى تمثال أبو الهول على أنه قد إنتقل إلى الشعوب اﻷخرى وتطور إلى أشكال أخرى ، فنرى أشكالا عديدة لتماثيل مشابهة لتمثال أبو الهول كما توضح الصورة ، ولكن جميع هذه التطورات في شكل تمثال أبو الهول هي في الحقيقة أعمال تقليدية لمفهومه السطحي ، تماما كما يحدث في مبدأ نظرية داروين في تطور اﻷنواع ، حيث يعتمد هذا المبدأ على الشكل المادي أو بشكل أدق على الشكل الظاهري للكائنات الحية ، ولكن من الناحية الروحية فتطور تمثال أبو الهول كعمل فني يختلف نهائيا ، فالتطور هنا يحصل في المضمون وليس في الشكل الظاهري، وسنحاول شرحه بشكل مفصل.

بين اﻷطراف اﻷمامية لتمثال أبو الهول توجد لوحة تتحدث عن حلم الفرعون ( تحتمس الرابع ) الذي رأى في حلمه التمثال أبو الهول يقول له ( حررني وسأجعلك حاكم مصر ) وكما تقول الوثائق التاريخية بأن هذا اﻷمير أزال الرمال التي غمرت أقدام أبو الهول وأمر بترميمها لتعود إلى شكلها الحالي و بعد وفاة والده تولى هو الحكم كما أخبره أبو الهول في حلمه. هذه الحادثة حصلت في زمن العائلة التي تحمل الرقم ثمانية عشر ، ومن يتمعن جيدا في التطورات التي حدثت في تلك الفترة الزمنية سيجد أن في اليونان بدأت تظهر بدايات لحضارة جديدة ستلعب دور هام جدا في تطور اﻹنسانية وهي الحضارة اﻹغريقية المعروفة. ومن ناحية أخرى سنجد أيضا ﻷول مرة ظهور ديانة سماوية تدعى ديانة اليهودية والتي خرجت من مصر مع قوم موسى والمعروف بإسم ( شعب إسرائيل ) الذي حمل أول كتاب مقدس بمعناه الحقيقي في تاريخ اﻹنسانية.

الحضارة اﻹغريقية و الديانة اليهودية معا هما الشكل المتطور لتمثال أبو الهول.

جسم اﻷسد من تمثال أبو الهول كرمز روحي إنتقل إلى الشعب اليوناني وعليه تم إنشاء الحضارة الإغريقية وهي تمثل القسم المادي ﻷبو الهول ، فليس من الصدفة ظهور اﻷلعاب اﻷولمبية في هذه البلاد ، فهذه اﻷلعاب لم تكن إلا وسيلة يتم من خلالها الترويض والسيطرة على غريزة العنف والقتل في ( اﻷسد ) لتحويلها إلى رياضة تساعد في بناء جسم صحي وسليم وتساهم في تقوية عاطفة السلام بين الشعوب ، وليس من الصدفة أيضا أن شعب اليونان برع في فن النحت فصمم أجمل التماثيل الفنية حيث أعطت جسم اﻹنسان أدق التفاصيل لتعبر عن عظمة خلق اﻹنسان جسديا ، فمن خلال علامات القوة التي تعبر عنها عضلات الجسم ومن خلال تناسق اﻷبعاد فيه نجد أن اﻹنسان ككائن حي يظهر في هذه التماثيل وكأنه كائن مسالم ، وعاطفة حب السلام هذه تظهر كتعبير روحي في جبين هذه التماثيل والتي أصبحت علامة تشتهر بها جميع التماثيل اﻹغريقية ، وهذه العلامة هي الجبين المستقيم ، فكما ذكرت في مقالات سابقة عن التعبير الروحي في الكائنات الحية ، أن الجبين المستقيم هو رمز ﻷنواع الثديات العاشبة التي تتصف بحب السلام ( الصورة ) ، واﻷسد رغم أنه حيوان مفترس ، ولكن معروف عنه بأنه يفضل أن يتغذى على الحيوانات المقتولة من الحيوانات المفترسة اﻷخرى و لا يذهب إلى الصيد إلا عندما يجوع ، لذلك معروف أيضا بأن اﻷسد الشبعان لا يؤذي أحد. لهذا كان جبين اﻷسد شبه مستقيم مشابه للثديات العاشبة ، ولهذه الصفات التي يحملها اﻷسد إختاره الحكماء ليكون رمز (ملك الغابة ).

ليس من الصدفة أيضا أن الحضارة اﻹغريقية تعتبر أم العلوم المادية ، فهي التي ساهمت في فصل العلوم المادية لتأخذ شكلا جديدا يمكن تطويرها بشكل أفضل. وليس من الصدفة أن طلاب الطب في معظم جامعات العالم عند تخرجهم يقسمون بقسم أبوقراط الطبيب اﻹغريقي الذي وضع اﻷسس العلمية لهذا العلم الذي يهتم خصيصا بحماية جسد اﻹنسان ، فرغم أن أول طبيب في التاريخ هو إمحوتب وزير الملك سوزير المصري ، ولكن إختيار أبوقراط ليكون هو أبو الطب ، أيضا ليست صدفة ولكن لتعبر على أن التطوير المادي قد ذهب من مصر إلى اليونان كرمز يعبر عن إنقسام المعنى الروحي لتمثال أبو الهول إلى قسمين ، القسم اﻷسفل ( اﻷسد ) ذهب إلى اليونان ( أوروبا ) ليكون دورها تحقيق الحاجات المادية للإنسانية ، وأما القسم اﻷعلى ( الرأس ) فذهب مع قوم موسى إلى آسيا ليكون دورها تحقيق الحاجات الروحية للإنسانية.

إن إنتقال القسم اﻷعلى لتمثال أبو الهول ( الرأس ) مع قوم موسى إلى آسيا أدى إلى ظهور جميع الديانات العالمية والتي بدورها انتقلت من هناك إلى جميع شعوب العالم ، هذه الديانات هي التي ساهمت في تنمية سلوك اﻹنسان إجتماعيا ، وهي التي ساهمت في توجيه العلوم المادية والفن بأنواعه لتكون في خدمة اﻹنسانية ، ولتأخذ هذه المجتمعات اﻹنسانية أشكالا حضارية مختلفة تؤكد على أن اﻹنسان كائن فيه جزء من روح الله.

مع نزول اﻹسلام والتي تعتبر آخر الديانات السماوية ، كانت نتيجته ظهور الحضارة اﻹسلامية وإزدهارها والتي قامت بحماية جميع

حضارات الشعوب المجاورة ( اﻹغريقية و المصرية والفارسية والهندية ...) وتنميتها لتعمل هذه العلوم بجميع أفرعها مع بعضها البعض في تحقيق الحاجات اﻹنسانية الروحية والجسدية. التعبير الروحي لتمثال أبو الهول يأخذ نوعية جديدة .....يتبع

وسوم: العدد 691