معجزة عصر اﻹهرامات

خواطر من الكون المجاور الخاطرة 150 :

" قبل أيام قليلة نشرت الصحيفة البريطانية ديلي ميل أن فريقا أثريا بقيادة مارك لينهر قد توصل إلى حل لغز بناء أهرامات الجيزة وتحديدا الهرم اﻷكبر للملك خوفو ( حوالي 2550 قبل الميلاد) الذي يعد من أقدم معجزات العالم القديم ، يقول التقرير أن العلماء قد اكتشفوا دليلا واضحا يظهر كيف تمكن الفراعنة من نقل الأحجار الكلسية التي يبلغ متوسط وزن الواحد منها 2،5 طن من منطقة الطرة التي تبعد حوالي 12 كيلو متر عن منطقة الجيزة ، وأحجار الصوان الضخمة التي يصل وزن بعضها إلى أكثر من 50 طن من منطقة أسوان التي تبعد حوالي 800 كيلو متر والتي تم إستخدامها في البناء الداخلي للهرم . 

ويقول التقرير أيضا أن العثور على بردية قديمة كشف الكثير عن كيفية بناء الهرم الذي يبلغ ارتفاعه 146،6 متر وطول ضلع قاعدته 232 متر. وتكشف البردية أنه لبناء الأهرامات تم إنشاء قنوات مائية من نهر النيل حتى موقع بناء الهرم ، وتذكر الصحيفة أن المادة اﻷثرية المفصلة تظهر أن آلاف العمال المدربين قد نقلوا مئات الآلاف من اﻷطنان من الحجارة عبر نهر النيل بقوارب خشبية خاصة ربطت مع بعضها البعض بالحبال ومن ثم سارت في شبكة قنوات وصلت إلى قاعدة الهرم.

وتضيف الصحيفة أن عالم اﻵثار مارك ليهنر أحد أبرز الخبراء في هذا المجال ، اكتشف دليلا على وجود مجرى مائي تحت هضبة الجيزة ، وتنقل عنه قوله ، " لقد حددنا حوض القناة الرئيسية التي نعتقد أنها كانت منطقة تسليم اﻷحجار اﻷولية في هضبة الجيزة ".

ويؤكد التقرير ، أن البردية التي اكتشفت في وادي الجرف تضم يوميات كتبها أحد المشرفين على فريق يضم نحو 40 من العمال المحترفين المشاركين في بناء الهرم. "

كثير من الصحف ومواقع التواصل اﻹجتماعي ذكرت هذا الخبر تحت عنوان مثير يجذب المتصفح، منها مثلا. . أخيرا علماء يتوصلون إلى حل لغز بناء اﻹهرامات. ..... حل اللغز اﻷعظم. ...مشرف بناء ترك بردية تكشف سر بناء اﻹهرامات...

ورغم أن الخبر يبدو وكأنه جديد من نوعه ولكن من يبحث في ما كتب عن طريقة بناء الأهرامات سيجد أن ما ذكرته صحيفة ديلي ميل ليس بجديد وأن نقل الحجارة بواسطة القوارب هي فكرة بديهية لا تحتاج إلى عبقرية للوصول إليها ، فهل من المعقول أن يتم نقل الحجارة من أسوان إلى الجيزة التي تبعد عنها 800 كيلومتر بواسطة المزالج على الطرقات الترابية ؟ فهل من المعقول أن يسافر اﻹنسان من أسوان إلى الجيزة مشيا على اﻷقدام ؟ طبعا لا ، فطالما أن نهر النيل يربط بين المنطقتين سيسافر بواسطة السفن ، هكذا تماما حدث في نقل الحجارة عن طريق القوارب عبر نهر النيل .

فذكر هذا الخبر تحت عنوان " أخيرا توصل العلماء إلى حل لغز بناء الأهرامات. ... غير دقيق وغير صحيح ، ﻷن معجزة بناء الأهرامات ليس في طريقة نقل الحجارة ، فمثلا مسلة الملكة حتشبسوت يبلغ إرتفاعها 33متر ويصل وزنها إلى 300 طن تقريبا ، ومع ذلك فان صنعها ونقلها ونصبها لا يعتبر معجزة أو لغز. وفي مصر يوجد الكثير من التماثيل أو المباني التي إستخدمت فيها أحجارا ضخمة ولكن بناؤها لا يعتبر لغزا، وكذلك في جميع حضارات العالم القديمة نجد أنها إستخدمت أيضا أحجارا ضخمة في بناء معابدها ومبانيها ، وهذه اﻷحجار الضخمة تم نقلها من أماكن بعيدة ، ولكن ومع ذلك لا نجد أي من هذه اﻷبنية التي إستخدمت الحجارة الضخمة تعتبر ألغاز أو معجزات. ﻷن جميع هذه الأحجار تم نقلها من مكان إلى آخر بنفس اﻹرتفاع تقريبا وكثير منها تم نقلها من مكان مرتفع إلى مكان منخفض ، فتمثالا ممنون العملاقين مثلا الموجودان في منطقة الطيبة الغربية اللذان يزن كل واحد منهما حوالي 600 طن ، تم نقلهما عن طريق القوارب وتم وضعهما في منطقة مستواها منخفض أكثر من مستوى نهر النيل لذلك كان مع كل فيضان تمتلئ المنطقة بالمياه وتبقى فيها لعدة أسابيع (الصورة)، لذلك إضطرت الحكومة المصرية في القرن الماضي إلى نقل التمثالين إلى منطقة مرتفعة ليستطيع السواح مشاهدتهما عن قرب ، فبالرغم من ضخامة هاتين التمثالين ولكن لا يمكن اعتبارهما لغزا أو معجزة.

مما شرحناه يؤكد على أن خبر نقل الحجارة عن طريق قنوات مائية ليس بخبر جديد وهو لا يحل لغز بناء أهرام خوفو ، ﻷن معظم اﻷحجار التي إستخدمت في البناء في مصر القديمة تم نقلها بواسطة القوارب. ولكن اللغز في هرم خوفو هو كيف وصلت اﻷحجار الكبيرة إلى إرتفاعات عالية، وحتى يؤكد المصريون القدماء الذين عاشوا في عصر الأهرامات على أن بناء الأهرامات لم يكن بالطرق البسيطة التي يفكر بها علماء اليوم ، نجد أن الملك (دجيدف رع ) إبن الملك خوفو قد بنى هرمه على قمة جبل في منطقة أبو الرواش ، وهذا يعني أنه لم يستخدم قنوات مائية. ﻷن قمة الجبل أعلى بكثير من مستوى ماء نهر النيل، فكيف إرتفعت اﻷحجار الضخمة إلى قمة الجبل.

محاولة كشف لغز بناء الأهرامات لم تبدأ في عصرنا الحديث ولكن بدأت منذ أربع آلاف عام أي بعد دخول عصر الأهرامات في مرحلة اﻹنحطاط لذلك لم يحاول أي ملك من فراعنة مصر بعد عصر الأهرامات أن يبني هرما أكبر أو على مستوى هرم خوفو ﻷنه لم يوجد مهندس يعلم كيف يبني مثل هذا الهرم.

منذ ذلك الوقت وحتى اﻵن الكثير من العلماء والمفكرين يحاولون وضع نظريات في حل هذا اللغز ، هيرودتس المؤرخ اليوناني الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد أثناء زيارته لمصر سأل عن طريقة بناء الأهرامات فأخبره بعض الحكماء المصريين أن بناء الأهرامات قد تم بطريقة ما يسمى الزلاجة المتأرجحة ( الصورة ) وهي عبارة عن قاعدة متأرجحة فعندما يتم ميلها نحو أحد اﻷطراف يوضع في الطرف الآخر المرتفع عن اﻷرض قطعة بسماكة معينة (10 سم مثلا ) ،فيصبح نصف القطعة الحجرية مرتفعة عن اﻷرض (10 سم ) ثم يتم رفع الطرف الآخر ويوضع قطعة بنفس السماكة اﻷولى فترتفع القطعة الحجرية بأكملها 10 سم ، بهذه الطريقة ينخفض ثقل القطعة الحجرية إلى النصف تقريبا ، وبهذا الشكل يستمر في الصعود بشكل تدريجي عن طريق وضع قطع أخرى تحت الزلاجة على كل طرف في كل محاولة تأرجح ، وقد حاول بعض الخبراء في مدينة تورينو تجربتها عن طريق إستخدام 9 أشخاص لرفع قطعة حجرية تزن 3 طن فكانت النتيجة أن القطعة الحجرية قد إرتفعت إلى إرتفاع متر واحد خلال 20 دقيقة . هذه الطريقة طبعا قد تصلح لرفع أحجار صغيرة وعلى مسافات صغيرة ، ولكنها غير عملية نهائيا على مستوى أبنية ضخمة مثل الأهرامات ، لذلك هذه الطريقة لم تقنع أحد في حل لغز بناء الأهرامات.

هناك دراسات أخرى أمريكية فرنسية ظهرت قبل سنوات قليلة بأن الأهرامات لم يتم بنائها بالحجارة الطبيعية ولكن من الطين (التراب والكلس والماء) حيث تم وضع هذه المواد في قوالب حجرية محكمة وتم تسخينها إلى درجات عالية فأدى إلى إندماج هذه المواد وتشكل منها كتلة صلبة تشبه تماما اﻷحجار الطبيعية ويقول العلماء أن الفراعنة كانوا بارعين في علم الكيمياء ومعالجة الطين وكانت الطريقة التي إستخدموها سرية ولم يسمحوا ﻷحد باﻻطلاع عليها أو تدوينها على اﻷوراق التي تركوها وراءهم ، وتقول هذه النظرية أن الهرم اﻷكبر في الجيزة قد تم بناءه بنوعين من الحجارة ، حجارة طبيعية وحجارة مصنوعة من الطين ، وتؤكد أن الفراعنة إستخدموا الطين لبناء الصروح المرتفعة وخاصة الأهرامات، ﻷنه من المستحيل أن يرفع حجرا يزن عشرات اﻷطنان.

بعض المسلمين عندما سمعوا هذا الخبر ذهبوا مباشرة وربطوا هذه الطريقة مع الآية القرآنية 38 من سورة القصص ( وقال فرعون يا أيها الملا ما علمت من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني ﻷظنه من الكاذبين) ولكن هذه النظرية رغم اﻹثباتات المجهرية والكيميائية التي قدمتها لم تقنع العلماء ﻷسباب عديدة ، وبالنسبة لعلاقة هذه الطريقة في بناء الأهرامات واﻵية القرآنية فلا يوجد أي علاقة ، ﻷن الفرعون الذي عاش في فترة ظهور موسى ليس له أي علاقة بملوك عصر الأهرامات ، فهناك فاصل زمني بينهم يعادل أكثر من 1000 سنة.

أكثر طريقة يقتنع بها علماء اﻵثار في طريقة بناء الأهرامات هي تلك التي تم رؤيتها في الكثير من اللوحات اﻷثرية المصرية ( الصورة ) والتي تبدو فيها تمثال ضخم على زلاجة خشبية يشدها بالحبال عدد كبير من الرجال وبعض اﻵخر من الرجال يرشون الماء أمام الزلاجة لتسهيل عملية اﻹنسياب ولتقليل درجات الحرارة الناتجة بسبب اﻹحتكاك بين الزلاجة واﻷرض، وفي بناء الأهرامات - حسب رأيهم - قد تم صنع ممر صاعد من الرمال يزداد طوله كلما زاد إرتفاع المكان الذي ستصل إليه الحجارة ، بهذه الطريقة يتم تقليل زاوية صعود الطريق لتسهيل جر الحجارة ، وبعضهم وﻷن هذا الممر الصاعد سيأخذ طول كبير حتى يصل إلى قمة الهرم عدلوا هذه الطريقة وجعلوا الممر الصاعد يسير حول الهرم. (كما توضح الصور ).

علماء اﻵثار التقليدين ولفترة طويلة يحاولون شرح بناء الأهرامات على هذه الطريقة أي عن طريق إستخدام الزلاجات الخشبية والممرات الصاعدة كما شرحناها ، ولكن عندما بدأ علماء الميكانيك بدراسة هذه الطريقة ، ذهبوا وقاموا بقياسات دقيقة عن وزن القطعة الحجرية ، حجمها ، تحمل الخشب ، متانة الحبال التي إستخدمها المصريين القدماء في جر الحجارة، قوة الرجل الواحد، طول الممر الصاعد اللازم . ..،الخ ، رأوا أن هذه الطريقة خرافية ولا يمكن أن يقبل بها أي إنسان مختص بمثل هذه اﻷمور. فحسب الدراسات اﻷخيرة أن قطعة حجرية بوزن 2،5 طن فوق زلاجة خشبية تحتاج إلى 50 رجل ليستطيعوا نقلها من مكان إلى آخر. ولكن هناك أحجار إستخدمت في سقف غرفة الدفن في هرم خوفو يصل وزنها أكثر من 55 طن (البعض يقدر وزنها ب 70 طن ) ، موجودة على إرتفاع حوالي 100 متر، أي أن كل واحدة منها تحتاج إلى حوالي 1200 رجل ، فإذا فرضنا أنه تم توزيع هؤلاء الرجال على 5 صفوف ، هذا يعني أنه على كل صف يوجد حوالي 240 رجل ، تصوروا مساحة ذلك الطريق اللازم ليتسع هذا العدد الكبير من الرجال ، في هذه الطريقة سيحدث نوع من التناقض بين عدد الرجال اللازمين لجر الحجارة مع سعة مكان العمل ،ﻷن الهرم كلما إرتفعنا إلى اﻷعلى صغرت مساحته. فمثلا قمة هرم خوفو تتألف من قطعة واحدة لها شكل هرمي وزنها يعادل 7،5 طن تقريبا أي أنها تحتاج إلى إلى 150 رجل ليتم نقلها إلى القمة التي توجد على إرتفاع 146 متر ، كيف ستصعد هذه القطعة الحجرية الضخمة إلى ذلك المكان الصغير الذي لا يسمح لوجود إلا لعدد قليل من الرجال لا يتجاوز الخمسة أوالعشرة رجال.

هناك حسابات عديدة قام بها علماء الميكانيك عن متانة الحبال وعن قساوة خشب المزلجات ، وحسب ما توصلوا إليه فإن الحبال والخشب من المستحيل أن تكون قد إستخدمت في نقل تلك الحجارة الضخمة ، فحسب تقديرات علماء الميكانيك في بعض اﻷحيان يجب أن يصل قطر الحبل الواحد إلى متر حتى يستطيع جر اﻷحجار الضخمة بدون أن ينقطع. في هذه الحالة ستظهر مشكلة أخرى حيث سيصل وزن الحبال المستخدمة بنفس وزن الحجارة المنقولة ، وعندها ليس على العمال فقط جر الحجارة الضخمة ولكن أيضا حمل الحبال الثقيلة.

يمكن تلخيص مشكلة لغز بناء الأهرامات بهذا المثال البسيط : أصابع الكف تستطيع أن تمسك كرة تنس صغيرة بشكل جيد ، فإذا فرضنا أن وزن هذه الكرة مثلا 10 كغ ، فهناك كثير من الناس يمكنهم رفع هذه الكرة عن اﻷرض ، ولكن إذا كان وزن هذه الكرة 50 كغ ، عندها لا يستطيع رفعها عن اﻷرض إلا أبطال حمل اﻷثقال ،فرغم أن هناك كثير من الرجال يستطيعون رفع ثقل أكبر من 50 كغ ولكن هنا حجم الكرة صغير جدا ولا يسمح إلا ﻷصابع يد واحدة أن تمسك بها لتحملها و أبطال حمل اﻷثقال هم فقط يستطيعون حمل ثقل 50 كغ بيد واحدة ، اﻵن إذا فرضنا أن وزن هذه الكرة الصغيرة هو 200 كغ عندها لا يوجد إنسان يمكنه رفع هذه الكرة عن سطح اﻷرض ﻷنه لا يوجد إنسان يستطيع رفع 200 كغ بيد واحدة ، فبطل رفع اﻷثقال الروسي الكسي لوفتشيف يستطيع أن يرفع 264 كغ ولكن بيد واحدة فإنه سيرفع فقط نصف هذا الثقل ، وحجم الكرة الصغير لن يسمح إلا ليد واحدة أن تمسك بها. في هذه الحالة فإن رفع هذه الكرة الصغيرة من مكان منخفض إلى مكان مرتفع بدون اﻹستعانة بأي آلات الرفع يعتبر معجزة لا يمكن تفسيرها.

هكذا تماما هي مشكلة لغز بناء الأهرامات. حيث تم بنائها في فترة لم يكن هناك أي إستخدام للبكرة أو اﻷسلاك الفولاذية ، فرغم أن كل شيء في ذلك الوقت يدل تماما على أن التقنية وإستخدام اﻷدوات في فترة عصر الأهرامات كانت بدائية ولا يوجد أي دليل أثري يشير إلى أنهم كانوا أكثر تقدما بعلوم الميكانيك والبناء ، ولكن رغم ذلك إستطاعوا رفع أحجار ضخمة لا يصدقها العقل ، فهناك قطعة حجرية تم إستخدامها في بناء هرم منقرع في الجيزة يقدر وزنها بحوالي 600 طن تم رفعها عدة أمتار عن سطح اﻷرض. هذا الوزن يحتاج إلى حوالي 30000 رجل ، من المستحيل أن يتم تنظيم هذا العدد الهائل من العمال ليعملوا كيد واحدة. لهذه اﻷسباب ظهرت في الفترة اﻷخيرة آراء تعتقد بأن الأهرامات قد بناها سكان الفضاء.

للأسف محاولة حل لغز الأهرامات قد أدى إلى إنشقاق العلماء إلى قسمين حيث معلومات كل قسم تناقض معلومات القسم اﻵخر ، لذلك كل قسم ذهب في أبحاثه بطريق مختلف عن الطريق الذي سارت فيه أبحاث القسم اﻵخر ، القسم التقليدي يحاولون أن يثبتوا أن المصريين القدماء قد بنوا الأهرامات بطرق تعتمد على القوة البدنية ولا علاقة لها بالمعجزات وأفضل مثال عن هؤلاء العلماء التقليديين هو الدكتور زاهي حواس ، وهناك القسم اﻵخر الذي يؤكد علماءه على أن المصريين القدماء كان لديهم علوم متطورة أستطاعوا فيها دراسة الكون والنجوم ووصلوا إلى مرحلة خارقة من المعرفة سمحت لهم بصنع المعجزات.

للأسف من يتمعن فيما كتب عن تاريخ مصر القديمة سيشعر بنوع من الغموض ، سيشعر وكأنه يقرأ رواية لا تعتمد على أي قانون منطقي في تطور أحداثها ، سيجد بداية الرواية وتطور اﻷحداث والنهاية بدون أي معنى منطقي وأن جميعها قد حدثت عن طريق الصدفة وبشكل عشوائي وساذج ، وسيجد آراء غريبة وساذجة لبعض العلماء في تفسير سلوك المصريين القدماء ، وأفضل مثال على ذلك هو رأي العالم الألماني الكبير أدولف إيرمان المختص بالمصريات حيث يقول في وصفه لعقلية قدماء المصريين ودياناتهم " أي جنون هذا! أي هراء! وأي تخريف! ، ونجد علماء إنكليز يصفون كتاب الموتى بأنه " مجرد أقصوصة مملة إن لم نقل مجموعة تراهات خانقة " ، ونجد بعض اﻷطباء النفسيين يقولون بأنهم كعلماء نفس " يجدون أنفسهم من خلال تلك الديانات المصرية القديمة أمام ظاهرة شعب مصاب بالهستريا ، إن لم نقل بالفصام ".

هل فعلا شعب مصر القديمة مصاب بالهستريا ؟! هل هو حقا مصاب بالفصام ؟ أم أن سذاجة آراء علماء اﻷثار في تفسير المعالم اﻷثرية المصرية ومحاولتهم في فصل أحداث تاريخ مصر القديمة عن قصص الكتب السماوية ( إبراهيم، يوسف ، موسى عليهم الصلاة والسلام ) هو الذي حطم الروابط بين اﻷحداث وشوه محور تطور الحضارة المصرية ليجعلها تبدو كرواية ساذجة وكأنها مثل هرم مدمر ينظر إليه السواح ويسخرون من سذاجة عقلية ذلك الملك الذي بناه والذي ظن أن هذا الهرم سيكون له قبرا يساعده في الوصول إلى الخلود .

في المقالة القادمة إن شاء الله سنشرح حقيقة معجزة عصر الأهرامات من زاوية رؤية أخرى مشابهة لتلك الرؤية التي إستخدمها حكماء عصر الأهرامات.

وسوم: العدد 741