لُغَةُ العُيون

رائد شريدة

يَبْسُمُ ثغري عندما ألمحُها تتأمَّلُ الفضاءَ مَعَ تنهيدةٍ غزليّةٍ رقيقةٍ مدلّلةٍ في ليلةٍ صائفةٍ صافية، نظرتُها البرّاقةُ تلخّصُ الماضي والحاضرَ والمستقبل؛ لتشكِّلَ لوحةً متألقةً بالحياءِ العذريِّ النابض، هي لغةٌ لا يفهمها إلا من مخرَ عُبابَها، هي لغةُ العيون... ذاتُ النكهةِ الصباحيةِ المعتّقة، لغةُ الإيحاءاتِ والإيماءاتِ والشرودِ والخبايا المعجونةِ في ثنايا العبارة، هي لغةٌ لا تشبهُ أيَّةَ لغةٍ في هذا الوجود، هي رَمزٌ قَلْبِيٌّ توارثَهُ المُحِبّونَ والعُشّاق، هي نقطةُ الماء الحرّى التي أذابت عني جليدَ الوَحْدةِ المترنِّحة، ونفختْ في مهجتي الحياة، وهي نبضُ قلبٍ غاصتْ في خلاياه أسرارُ الهُيام وحكايا المحبّين، وهي  صرخةُ مولودٍ بعدَ آلامِ المخاض، وهي لهفةٌ تكتنفُ هاجسي، ونبضٌ متصلٌ بالحياة في العروقِ التي أيبستها قسوةُ الزمن، وبلاغةٌ تجدُها في طرفةِ عينِها المشبعةِ بالإحساس.

أشرقَتْ شمسُ نفسي، وتألقَتْ في صباحِ يومٍ ربيعيٍّ دافئ، وتراقصَتْ مَعَ قطراتِ النّدى الممزوجةِ بأشعةِ الشَّمسِ الذّهبيةِ التي تنثرُ جدائلَها العذراءَ على صدورِ العاشقين، فتمتزجُ الروحُ مَعَ البَوْح، فيسودُ الصمتُ أرجاءَ المكان، فتفضحُني دقّاتُ قلبي المُغرمة، فتكون لغةُ العيون عنوانَ حبّيَ الأبديِّ اللانهائيّ، أما لغةُ صمتي فأبلغُ من لغاتٍ أخرى أخرستْها كلماتي المبثوثةُ في خاصرةِ العبارة... . فما أجملَ أن تصمتَ، وقلبك يتكلم!، وما أجملَ أن تحتضنَ الدفءَ في عيونٍ شتائيةٍ باكية!... فما أجملكِ يا لغةَ الصمت... ويا لغةَ العيونِ القُرْمُزِيّة!