خطبة عيد الأضحى المبارك

الموافق لـ 10 ذو الحجة 1431

ذ. امحمد رحماني

[email protected]

الخطبة الأولى

الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر .

الله أكبر خَلق الخلق فأحصاهم عدداً ، وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً ، الله أكبر عَزَّ ربنا سلطاناً ومجداً ، وتعالى عظمةً وحلماً ، عنت الوجوه لعظمتهِ ، وخضعت الخلائق لقدرتهِ ، الله أكبر ما ذكره الذاكرون ، الله أكبر ما هلل المهللون ، وكبر المكبرون ، الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً  وسبحان الله بكرة وأصيلاً .

 الله أكبر عددَ ما أحرم الحجاجُ من الميقاتْ ، وكُلما لَبَى المُلَبُون وزِيدَ في الحسناتْ ، الله أكبر عدد ما دخل الحجاجُ مكةَ ومنىً ومزدلفةَ وعرفاتْ ، الله أكبر عددَ ما طاف الطائفون بالبيت الحرامِ وعظموا الحرماتْ ، الله أكبر عدد منْ سعى بين الصفا والمروة من المراتْ ، الله أكبر عدد ما حلقوا الرؤوس تعظيماً لرب البرياتْ .

الحمد لله الذي سهل لعباده طُرقَ العبادة ويَسَّرْ ، وتابع لهم مواسم الخيرات لِتَزْدَانَ أوقاتهم بالطاعات وتَعْمُرْ ، الحمد لله عدد حجاجِ بيته المُطَهَّرْ ، وله الحمدُ أعظمَ من ذلك وأكثرْ ، الحمد لله على نعمه التي لا تُحْصَرْ ، والشكر له على آلائه التي لا تُقَدَّرْ ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، مَلِكٌ فَقَهَرْ ، وتأذن بالزيادةِ لمن شَكَرْ ، وتوعد بالعذاب من جحدَ وكفرْ ، تفرد بالخلق والتدبير وكل شيء عنده مُقَدَّرْ ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الوجه الأَنْوَرْ ، والجبين الأَزْهَرْ ، طاهر المظهرِ والمخبرْ ، وأَنْصَحُ من دعا إلى الله وبشرَ وأنذرْ ، وأفضل من صلى وزكى وصام وحج واعتمرْ ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مديداً وأكثرْ.

 أما بعد : أيها الإخوة المؤمنون :

 اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الدين العظيم ، الذي أكمله لكم ، وأتم عليكم به النعمة ، ورضيه لكم ديناً ، قال تعالى } اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً { دينكم يا عباد الله أعظم الأديان ، وأرسخها في العقول والأبدان ، محروس من الزيادة والنقصان ، واعلموا أيها الناس أن البعد عن الدين هو الانتحار والدمار ، دين الإسلام العظيم صالح لكل زمان ومكان ، فتمسكوا بدينكم ، وعضوا عليه بالنواجذ ، ففي ذلكم النصر والتمكين والهداية لكم في الدارين ، قال r [ تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعده أبداً كتاب الله وسنتي ] .

 أيها الإخوة المسلمون : العيد فرصة ثمينة لمراجعة الأعمال وتصحيح الأخطاء ، فمن كان عاقاً لوالديه ، أو قاطعاً لرحمه ، فَلْـيَـنْـتَـهِز الفرصة ، فالفُرَصُ ربما لا تعود ، وهذا اليوم العظيم من أيام الله المشهودة ، يوم عيد الأضحى ، لحري أن لا يُضيعه العاق لوالديه ، فواجب عليه أن يَنْطَرِحَ بين أيديهما ، يقبلهما ، ويطلب الصفح والعفو منهما ، فهما جنته وناره ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أنه سَمِعَ النَّبِيَّ r يَقُولُ : [ الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوِ احْفَظْهُ ] ، وقال r في حق الأم : [ إلزمها ، فإن الجنة عند رِجْلِهَا ]  .

 الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .

 أيها الإخوة المؤمنون : هذا يوم العيد فاحذروا خراب البيوت ، وهدم المنازل ، وحَذَارِي من تفريق الأسر والأحباب ، وتشتيت الجماعات والأصحاب ، واحذروا الغيبة والنميمة وزرع الفتنة بين المسلمين ، واحذروا في هذا اليوم الرشوة والربا ، واللواط والزنا ، وإياكم والخمر والمخدرات ، واتركوا الكبر والتباهي بالأضاحي والأموال فالله هو الكبير المتعال ، واحذروا أكل المال الحرام ، وأزيلوا الشحناء والبغضاء ، وسائر المنكرات ، واحذروا الموبقات المهلكات ، فقد قال r [ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ : قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : " الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ] .

 الله أكبر ، الله أكبر ، والله أكبر ،

 أمة الإسلام : إن هذا اليوم يوم فرحٍ وسرورْ ، ومحبةٍ وحَبُورْ ، فاتقوا الله في أولادكم وزوجاتكم ، وأطيعوا والي أمركم ، فتلك وصية نبيكم حيث قال r : [ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي ، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي  ] وقال سبحانه } يا أيها الذين آمنوا أطيعوا وأطيعوا الرسول وأولوا الأمر منكم { .

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين

آمين والحمد لله رب العالمين

الخطبة الثانية

الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر .

الحمد لله الواحدِ الأحدْ ، الفردِ الصمدْ ، الحمد لله المحمود على كل حالْ ، ونعوذ بالله من حال أهل النار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أهل الثناء والمجد ، لا رب لنا سواه ، ولا خالق غيره ، ولا رازق إلا هو ، مُسْتَحِقٌ للشكرِ والحمدْ ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، وخيرته من خلقه ، صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم واقتفى أثرهم .

أما بعد :

فيا أيها الإخوة المسلمون : إن يومكم هذا يوم عظيم ، هو يوم الحج الأكبر ، وهو آخر الأيام المعلومات ، وأول الأيام المعدودات ، في هذا اليوم العظيم يجتمع الحجاج ليؤدوا فيه معظم مناسك الحج ، ويتقربون إلى الله بالعَجِّ والثَّجِّ ، فيه يرمون الجمرة الكبرى ، وينحرون الهدايا ، فيه يحلقون رؤوسهم ، ويطوفون بالبيت العتيق ، ويسعون بين الصفا والمروة بسكينة وتحقيق ، في هذا اليوم يشترك الحجاج وغير الحجاج بإراقة دماء الهدي والأضاحي تَقَرُّباً إلى الله عز وجل ، قال تعالى } لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم { واعلموا أن لكم في الأضحية الخير الكثير والأجر الكبير ، وأن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته ، ولا يجوز بيع شيء منها ، ولا يعطي الجزار أجرته منها ، وتصدقوا وأعطوا منها الفقير المسكين ، واعلموا رحمكم الله أن الأحسن في الأضحية الكبش الأملح الأقرن لمن استطاع له سبيلا لحديث عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r [كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ، اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ ]  وعن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : [ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ r بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ ، يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ ] واعلموا أن وقت ذبح الأضاحي بعد الانتهاء من صلاة العيد مع الإمام ، ويمتد إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق ، ومن ذبح قبل الصلاة فليست له أضحية وإنما لحم قدمه لأهله ، ولم يصب سنة المسلمين ، قال r : [ مَنْ كَانَ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ نُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى ، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ ] واعلموا رحمكم الله أن هذه الأيام الثلاثة المقبلة هي أيام التشريق ، ويحرم صيامها ، كما يحرم صيام يومي العيدين ، عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : [ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ ]  فأكثروا فيها من ذكر الله تعالى بالتكبير والتهليل والتحميد في أدبار الصلوات وفي جميع الأوقات ، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد r ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وعليكم بجماعة المسلمين ، فإن يد الله مع الجماعة ، ومن شَذَّ شَذَّ في النار ،وعليكم بأميركم وولي أمركم سيدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس فكونوا خلفه في السراء والضراء ، واسمعوا قوله وأطيعوا أمره فطاعته من طاعة الله ورسوله.

هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى ، والنبي المجتبى ، نبينا محمد خير الورى } إن وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين صلوا عليه وسلموا تسليما { اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ،وانصر اللهم من قلدته أمر عبادك ، عبدك الخاضع لجلالك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين جلالة الملك محمد السادس ، اللهم انصره نصرا تعز به الدين وتعلي به راية الإسلام والمسلمين ، واحفظه في ولي عهده مولاي الحسن وأنبته اللهم نباتا حسنا ، وشد أزره بصنوه الشريف مولاي رشيد واحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة .وارض اللهم عن الصحابة أجمعين ، وخص منهم الخلفاء الأربعة الراشدين ، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم من أراد بالمغرب سوءا فأشغله بنفسه ، واجعل تدبيره تدميره  يا رب العالمين ، اللهم من أراد وحدتنا وطمأنينتنا ورجال أمننا بسوء ، فنكس رأسه ، واجعل الخوف لباسه يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نسألك الجنة ، ونعوذ بك من النار ، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، اللهم احفظ بالإسلام قائمين ، واحفظنا بالإسلام قاعدين ، واحفظنا بالإسلام راقدين ، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين يارب العالمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين    وعيدكم مبارك سعيد.